وزير الأوقاف: الإبلاغ عن تجار المخدرات واجب ديني ووطني
نظمت وزارة الأوقاف مساء أمس الثلاثاء ندوة للرأي بعنوان "خطورة المخدرات والإدمان على الفرد والمجتمع" بمسجد السيدة زينب بالقاهرة، حاضر فيها وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، والدكتور عبد الله النجار عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور إبراهيم عسكر مدير عام البرامج الوقائية بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، والدكتور محمد مصطفى خبير السموم والمخدرات بالطب الشرعي.
كما حضر الندوة الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، والشيخ صبري ياسين دويدار رئيس قطاع المديريات، والشيخ خالد خضر وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة، ولفيف من قيادات وزارة الأوقاف، وعدد من أئمة الوزارة، وجمع كبير من المصلين، وأدار الندوة الإعلامي تامر عقل.
وفي كلمته أكد وزير الأوقاف أن الإدمان والإرهاب وجهان لعملة واحدة، وبينهما علاقة وطيدة، فكلاهما قتل للنفس، مشيرا إلى أن هناك علاقة وثيقة بين الإدمان والجريمة، لأن كثيرًا من الجرائم تقع نتيجة الإدمان للمخدرات بأنواعها المختلفة.
وأوضح الوزير أن الجماعات الإرهابية تجعل من زراعة وتجارة المخدرات وسيلة لجلب الأموال، مؤكدا أن الإبلاغ عن تجار المخدرات ومروجي السموم واجب ديني ووطني، وأن من يُقتل من رجال الشرطة وهو يقاوم تجار المخدرات ومهربيها فهو شهيد يضحي بنفسه من أجل مجتمعه، وكذلك من يُبلغ عن مُروجيها.
كما أكد أن حماية المدمن من شر نفسه قضية مجتمعية، فالأسرة حينما تراقب أبناءها فهي تحمي نفسها وأبناءها ومجتمعها، موضحًا أن الوزارة لن تتهاون في فصل أي موظف مدمن للمخدرات، لأنه لا يليق بمن ينتسب لوزارة الأوقاف أن يكون مدمنًا، فالمدمن غالبا ما يرتبط بجرائم الرشوة، أو الاختلاس، أو التسول وكل هذا لا يليق بالوظيفة العامة، مشيرًا إلى أنه لا يليق بإنسان يؤتمن على مصالح الناس وهو فاسد ومُغيب العقل.
وأشار إلى أن من يتقدم من تلقاء نفسه بطلب العلاج، فإن الوزارة ستتواصل مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان ليتلقى العلاج اللازم بمنتهى السرية والأمانة، موضحا أن موظفي الوزارة كانوا عند حسن الظن، فعند تحليل العينة العشوائية لم يمتنع أحد عن التحليل، لأننا أكدنا أن الممتنع في حكم المتعاطي، وكانت النتيجة بفضل الله سلبية بنسبة 100%.
أوضح أنه من المستحيل أن تجد إنسانًا مدمنًا بارًا بوالديه، مشيرًا إلى أن الخمر أم الخبائث ومخلة بالمروءة، فإذا شرب الإنسان الخمر سكر، وإذا سكر هذي، فربما قتل، أو سرق، أو ارتكب الحماقات.
وتابع: "أعداء ديننا ووطننا وأمتنا يعملون على توظيف جميع أدوات الشر بلا استثناء للوصول إلى تحقيق أغراضهم الخبيثة، وأن الإرهاب والإدمان يأتيان في مقدمة هذه الأدوات، وربما كان الإدمان هو المقدمة المستخدمة لمسح العقول ثم السيطرة عليها، ومن هنا فإن مواجهة الإدمان لا تقل أهمية عن مواجهة الإرهاب، فكلاهما صناعة للموت، سواء أكان موتا سريعا مباغتا ناتجا عن العمليات الإرهابية والإجرامية والانتحارية، أم كان موتا بطيئًا ناتجا عن تدمير الخلايا العقلية، أم موتا قائما على تأثير المخدر وناتجا عنه، حيث تتعدد الأسباب والموت واحد".
واستطرد:" أننا نحتاج إلى المواجهة الحاسمة لزراعة المخدرات، وتجارها على اختلاف درجاتهم ومستوياتهم من أصغر مستخدم في التوزيع إلى أكبر تاجر أو ممول، مع تغليظ العقوبات بما يتناسب مع فظاعة الجرم، وتكثيف برامج التوعية وتوفير العلاج المناسب للراغبين في الإقلاع عن التعاطي، ورعايتهم علاجيًّا ونفسيًّا وفكريًّا".
وفي كلمته أكد فضيلة عبد الله النجار عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن الإسلام استشرف المستقبل البعيد ليحيط بجميع أنواع المخدرات، حيث بدأ بالعقاب 40 جلدة، ثم زاد عمر بن الخطاب إلى 80 جلدة، مما يدل على أنه ليس أمرًا ثابتًا في كل عصر، مشيرًا إلى أن عقوبة الخمر على الراجح تعزيرية، لذا يمكن أن يتدرج ليصل العقاب إلى الإعدام، وليس من الناحية القانونية فقط ولكنه من الناحية الشرعية أيضًا.
كما أكد أن المخدرات تفسد العقل، وأخطر ما فيها أنها تفسد علاقة الإنسان بربه سبحانه وتعالى؛ لأن العقل هو أداة التواصل مع الله (عز وجل)، فإذا ما غاب عقل الإنسان فإنه يعتدي على نفسه وعلى الآخرين، ويصبح خائنًا لوطنه، مشيرًا إلى أن من يروجون المخدرات هم خائنون لله ولرسوله (صلى الله عليه وسلم) وللأمة بأسرها، مؤكدًا أن المخدرات أصبحت وسيلة لإهلاك الحرث والنسل، وتُفقد المتعاطي صحته وتشجعه على الاعتداء على من حوله وهذا مدخل لجميع المشكلات والموبقات.
كما أكد دكتور إبراهيم عسكر مدير عام البرامج الوقائية بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان أن نسبة تعاطي الترامادول الذي يتربع على عرش المواد المخدرة طبقا للنتائج الخاصة بالخط الساخن 65.5 %، ونسبة تعاطى مخدر الحشيش الذي يحتل المرتبة الثانية 58.2%، وأن نسبة تعاطى المواد المخدرة بين سائقي باصات المدارس 3% بعدما كانت 12%، وذلك بسبب حملات الكشف عن المخدرات التي أطلقتها التضامن بالتعاون مع وزارة الصحة ووزارة الداخلية والتربية والتعليم.
وأوضح أن 2.5 % نسبة تعاطي السيدات من المتقدمين للعلاج، وهذا العام وصل 7%، مؤكدا أنه بعد افتتاح قسم علاج الإناث بمستشفى المعادي العسكري تشجعت فتيات كثيرات على التقدم للعلاج، مشيرا إلى أن التعاطي يختلف من فئة لأخرى، فهناك سيدات تدمن المهدئات، ولم تستطعن النوم بدونه، "تصلن لمراحل اعتمادية كاملة على المهدئ تصل إلى الإدمان" وتتقدمن للعلاج، وسيدات أخرى تتعاطى تراما دول، وفتيات تتعاطين الحشيش، وبعد هذا المسح تم تقديم إستراتيجية وطنية لمكافحة الإدمان بمشاركة وزارة الأوقاف.
كما أكد أنه تم استهداف أكثر من 50 ألف مواطن، ورفع الوعي لديهم بخطورة قضية الإدمان، وذلك بعقد لقاءات في المساجد بالتعاون مع وزارة الأوقاف، وأشار إلى أن تلك الخطة التي شاركت فيها الأوقاف بدعم من الوزير، والتي استهدفت تدريب عشرة آلاف إمام على التوعية بمخاطر المخدرات، وكان من نتيجة ذلك أن بلغ عدد من تقدموا للعلاج عن طريق صندوق مكافحة الإدمان إلى 116 ألف مريض.
وفي نفس السياق أكد الدكتور محمد مصطفى خبير السموم والمخدرات بالطب الشرعي بالدور البارز الذي تقوم به وزارة الأوقاف لتصحيح المفاهيم المغلوطة، موضحًا أن الشائعات من أخطر الأسباب في تعاطي المخدرات، وأن المخدرات لا تخرج الإنسان من مشاكله كما يظن البعض، بل تفتح له باب التعاطي والإدمان، مشيرًا إلى أن تعاطي المخدرات ليس له علاقة بالسن، كما أكد أن تعاطي المخدرات من أخطر الأمراض الموجودة في المجتمع وتؤدي إلى تدميره، وأن هناك علامات يجب على الأسرة ملاحظتها على الأبناء، ومنها أن مدمن المخدرات من الناحية الحسية يميل إلى الانطوائية والانعزال عن الآخرين بصورة شبه دائمة.