تفاصيل ندوة يوم الشهيد.. السيسي يكرم أسر الشهداء.. يقلد كامل الوزير رتبة الفريق ويكلفه وزارة النقل.. يتعهد بإصلاح السكك الحديدية.. يحذر من الشائعات.. ووزير الأوقاف: الرئيس فتح أمامنا باب التجديد
شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، فعاليات الندوة التثقيفية الثلاثين للقوات المسلحة بمركز المنارة الدولي للمؤتمرات بمناسبة الاحتفال بيوم الشهيد.
وحضر الندوة الدكتور على عبد العال، ومصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى، وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة.
وبدأت فعاليات الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم بصوت القارئ الشيخ أحمد تميم المراغي، وعقب ذلك عرض فيلم تسجيلي من إنتاج إدارة الشئون المعنوية بعنوان "سلام الشهيد".
وزير الأوقاف
وعقب ذلك ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف كلمة، أكد فيها أن الشهداء الحقيقيين هم من يدافعون عن وطنهم ضد كل معتد ويدفعون أرواحهم فداء لأهله وأرضه وبحره وسمائه، وليس هؤلاء الذي يروعون أهل وطنهم، ويهددون أمنهم وأمانهم، ويسعون في الأرض فسادا.
ووجه وزير الأوقاف التحية للرئيس السيسي، وقال: "إن الرئيس فتح أمامنا باب الاجتهاد والتجديد واسعا، لنعيد قراءة تراثنا الفكري والفقهي قراءة عصرية في إطار الحفاظ على الثوابت"، مؤكدا أن التجديد سنة كونية، مستشهدا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم" يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها".
أسامة هيكل
ووجه أسامة هيكل رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب ووزير الإعلام الأسبق التحية للقوات المسلحة التي تضرب المثل دائما في الوفاء بحرصها على الاحتفال بيوم الشهيد.
وقال هيكل خلال الندوة التثقيفية: "إن الرئيس السيسي تحدث كثيرا عن قضية الوعي في المجتمع المصري، مشيرا إلى أن الوعي الحقيقي يكون إدراكا سليما للأشياء واتصالا دائما بالمتغيرات من حولنا، أما الوعي الزائف فيعبر عن أفكار هدامة لا تتفق مع قيم وأخلاق مجتمعنا، ولا يهمنا هنا إذا كان غياب الوعي ناتجا عن جهل أو عن خيانة، إلا أن النتيجة في الحالتين واحدة، ودائما تكون خصما من الأمن القومي للدولة".
رفع الوعي
وشدد على ضرورة رفع الوعي لدى المواطنين، وخاصة لمن يتركون عقولهم لتأثير هذا الإعلام الجديد، وحمل الأسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع مسئولية تنمية الوعي للأجيال القادمة، قائلا: "إن الوعي الحقيقي عند المجتمع لا يتوقف عند مرحلة زمنية معينة، بل يتطور بتطور الزمان"، مؤكدا أن رفع الوعي لدى المجتمع هو السلاح الرئيسي لمواجهة التطرف والإرهاب، والطريق لحماية الأمن القومي المصري.
أحداث محمد محمود
وقال الرئيس السيسي خلال مداخله: "إننا كنا حريصين خلال أحداث محمد محمود في نوفمبر 2011 وفي كل وقت على ألا يسقط مصري واحد"، مؤكدا أن "القيم والمبادئ هي التي حكمت تصرفاتنا أثناء إدارتنا خلال هذا الوقت".
وأضاف السيسي، في كلمة خلال الندوة التثقيفية الـ30 للقوات المسلحة بمناسبة يوم الشهيد: "في الحقيقة الدكتور أسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام بمجلس النواب كان معانا في فترة صعبة مرت على مصر، ولقد تحدث عن أمر هام دائما ما نتحدث عنه ونقول القضية شديدة الخطورة على استقرار وأمن مصر، وهو يتعلق بضرورة التحلي بالوعي الكافى بالحقائق والبعد عن الشائعات التي تهدف لهدم البلاد"، مشيرا في هذا المضمون إلى نموذج ما جرى في أحداث محمد محمود.
وأوضح: "ولكن في حالة تواجد بيننا أشخاص آخرون لديهم فكر مختلف يبثوه في عقولنا وعقول أولادنا وفي نفوسهم بشكل ممنهج، أتذكر من سنوات طويلة مضت، 40 أو 50 سنة، ونحن نشعر أن هناك أحدا بداخل نسيج البلاد يشككنا في أي شيء عدا الأمور الخاصة به، وكل شىء إلا ما يمسه هو، وبالمناسبة هذا لا يعد من الأمانة أو الصدق أو الدين، فنحن مصريون مع بعضنا البعض، وإذا تصور أحد أنه يستطيع استباحة دمائنا وأموالنا وأفكارنا ويشوهها لهدم مصر، لا أتصور أن تلك الأمور ترتبط بالدين في شيء".
المخابرات العسكرية والحربية
وتابع الرئيس السيسي اليوم الأحد: "وأنا أذكر ذلك الكلام في الوقت الذي وقعت فيه أحداث محمد محمود، أنا كنت مسئولا عن المخابرات العسكرية والحربية وعن الأجهزة الأمنية في هذا الوقت، وأستطيع أن أقول ذلك بجلاء وثقة وأمانة وشرف، أننا لم نمس أي مصري واحد خلال تلك الفترة، ولكن عندما دخلت تلك العناصر المندسة في اتجاه وزارة الداخلية، كان القتلى يتساقطون يوميا لمدة 6 أيام متواصلة، لقي خلالها العشرات مصرعهم، وآنذاك تم عمل منصة لتقضي على البلاد".
وأوضح السيسي أن "الفكرة وقتها كانت تتمثل في أن يرحل المجلس العسكري، وحتى يحدث ذلك يجب عمل حالة تجعل كل الرأى العام غير راض، ومتألم، ورافض، ليرحل لتفادي القتل الذي يحدث زعما تحت اسمه، وهذا ما تم تقديمه للمصريين في تلك الفترة".
ميدان التحرير
وتابع: "أقسم بالله، أنا تحدثت منذ 3 سنوات، وأمرت بعمل لجنة لدراسة كل الأحداث التي تمت في 2011 و2012 و2013 حتى يتم وضعها بين أيادي الشعب المصري بكل أمانة وشرف، حتى تعلموا كيف تدمر الدول، وتضيع البلاد".
وقال: "أتذكر في هذا اليوم، أننا أخبرنا رئيس الهيئة الهندسية بأنه إذا لم يتم عمل فاصل بين ميدان التحرير وبين شارع محمد محمود البلد ستضيع، وانتظرنا 5 أيام حتى شيدت كتل خرسانية بمثابة حائط لغلق الشارع، ووقتها انتهى القتل، لكن الصورة التي تم تصديرها وقتها أن المجلس العسكري هو من قام بتلك العملية، مثلما حدث من قبل في ماسبيرو وأحداث بورسعيد، وكما صدرت في البداية أن وزارة الداخلية قامت في ثورة 25 يناير بقتل المتظاهرين، وأنا لا أشوه التاريخ، فهناك أخطاء لا شك، ولكن في ذلك الوقت تم تنفيذ عملية شديدة الإحكام لقتل المواطنين حتى تسقط الدولة وتشوه الصورة".
الشعب المصري
ووجه الرئيس السيسي كلامه إلى الشعب المصري قائلا: "إن حجم الخسائر التي ترتبت على الأحداث خلال الأربع سنوات من 2011 حتى 2015 ضخم جدا جدا، وسنظل ندفع ثمنا كبيرا جدا جدا من أجل تعويضه".
وأضاف السيسي أنه لم يكن هناك إدراك لقوة تأثير شبكة التواصل الاجتماعي في إدارة الأزمة، خاصة في ظل شائعات تأخذ شكل مطالب غير معلوم مصدرها على الشبكة، وتأخذها وسائل الإعلام في التوك شو وتكون مطالب واجبة التنفيذ.
وتابع الرئيس: "لا أخشى عليكم من الخارج أبدا يا مصريين، وإنما أخشى عليكم من الداخل (من أنفسنا)"، مشددا على أن حديث اليوم عن الشهيد هو دماء بذلت لأجل حماية الناس والوطن والحفاظ عليه.
تطورات الأحداث
واستعرض الرئيس السيسي "تطورات الأحداث خلال تلك الفترة، حيث كانت هناك مطالب كثيرة من بينها مطلب رحيل المجلس العسكري، وكان الفريق محمد زكي موجودا في ميدان التحرير في ذلك الوقت مع وحداته لتأمين التحرير، وكنا حريصين جدا على عدم قتل أو إيذاء أي مصري، لكنهم قدمونا للناس على أننا فسدة وقتلة".
وتحدث الرئيس السيسي عن الشائعات وكيف تستخدم بهدف إسقاط الدول، وضرب مثلا بأحداث اقتحام الأمن الوطنى "أمن الدولة"، حيث ظهرت الشائعات التي تزعم أن الجيش هو من رتبها، لافتا إلى أن هناك عناصر تسعى لبث معلومات مغلوطة للمواطنين، غرضها هدم عناصر الحفاظ على الدولة، حيث ادعوا أن الجيش خان الشرطة وسمح للمتظاهرين بدخول الأمن الوطني لكى يأخذوا الوثائق الموجودة هناك ويهدروا كرامة الشرطة، وتابع الرئيس قائلا "تعلموا يا ناس كيف تسقط الدول، أنظروا إلى الدولة كيف تدمر وتضيع؟".
وأضاف الرئيس "أن كل يوم هناك حكاية وحكاية وإشاعة وأخرى.. وأنا لا أقلق من ذلك عليكم لأن حجم الوعي الذي تشكل لدى المصريين كبير للغاية"، وشدد الرئيس على كل أب وأم تعليم أولادهم الحفاظ على الوطن وعدم العبث بأمنه.
الجيل الرابع من الحروب
وتحدث الرئيس السيسي عن موضوع الجيل الرابع والخامس من الحروب وتطور وسائل القتال في تدمير الدول وفرض الإرادة عليها، مشيرا إلى أن هذا الجيل لا يعتمد على المواجهة المباشرة، بل يعتمد على وسائل الاتصال الحديثة ونشر الشائعات وتحطيم آمال وثقة الناس بنفسها وببعضها وبقيادتها، لافتا إلى أنه لن يسلم الدولة للسراب والضياع.
كامل الوزير
واستطرد الرئيس السيسي قائلا "إن الهدف من حروب الجيل الرابع والخامس هو نشر الشائعات وتحطيم آمال وثقة الشعب المصري في قياداته"، لافتا إلى أنه خلال لقاءاته مع المثقفين والمفكرين ورجال الدين والإسلاميين الذين اجتمعت معهم خلال تلك الفترة بصفتى مدير المخابرات الحربية والمسئول عن الاتصال بهم، وتحدثت عن كل مشكلات مصر في ذلك الوقت كما أتحدث عنها الآن، أكدت أنهم غير مدركين لحجم التحديات والمشكلات الموجودة في بلدنا.
وكشف الرئيس السيسي أنه تم ترشيح اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لتولى منصب وزير النقل خلفا لهشام عرفات وزير النقل المستقبل عقب حادث حريق محطة مصر.
وأوضح الرئيس أنه طبقا للدستور والقانون يتعين أن يحصل كامل الوزير على موافقة مجلس النواب حتى يمكنه تولى المنصب، لافتا إلى أن البرلمان كان في إجازة خلال الأيام الماضية.
وقال: "إن عقيدة الجيش أن تؤمر وينفذ فورا"، موجها كلامه للواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، مشيرا إلى أنه تم الحديث مع كامل الوزير حول منصب وزير النقل، ورد كامل الوزير قائلا: "أنا تحت رجل مصر".
مرفق السكة الحديد
وأضاف الرئيس السيسي: "نحن نقدم لمرفق السكة الحديد أفضل ضباط الجيش"، وأضاف أن البرلمان في إجازة وحين يعقد سيتم تقديم اسم وزير النقل، ثم يؤدى اليمين.
ووجه الرئيس خطابه إلى كامل الوزير قائلا إنه إذا وافق البرلمان على هذا الترشح، فسيكون عليك أن تقدم للمصريين مرفقا كالجديد للسكة الحديد بحلول 30 يونيو 2020.
وأكد أنه سيتم تقديم الدعم الكامل للوزير ولوزارة النقل من جانب كافة أجهزة الدولة المعنية حتى ينجح هذا المرفق الحيوى، بما في ذلك الاستعانة بخبرات من ضباط القوات المسلحة ذات الطابع الفنى اللازم لتطوير السكة الحديد.
وعد كامل الوزير
ومن جانبه شكر كامل الوزير الرئيس على هذه الثقة، متعهدا بأن يواصل الليل بالنهار مع رجال وزارة النقل لتحقيق الهدف المنشود حتى تكون وزارة النقل بهيئاتها المختلفة قاطرة للتنمية في مصر.
كما كرم الرئيس السيسي أسماء الشهداء وأسرهم خلال الندوة التثقيفية الثلاثين "شهداؤنا في قلوبنا"، حيث تم منحهم الدروع والأوسمة.
وجاءت القائمة كالتالي:
القوات المسلحة:
عميد أركان حرب أحمد عبد الخالق الجعفري.
عقيد أركان حرب مصطفى أحمد السيد الوتيدي.
مقدم طيار سامي محمود عزمى أمان.
رائد عمرو فريد عبد الظاهر سعيد.
رائد مصطفى محمود محمد عبد الله.
رائد محمد عادل رزق إبراهيم.
نقيب إسلام على أحمد عبد السلام.
نقيب أحمد محمد غنيمي عمار.
نقيب احتياط محمد إمام عبد النبي محمد إمام شحاتة.
ملازم أول سعيد سعودي سعيد إبراهيم.
ضباط الشرطة:
لواء امتياز إسحاق محمد كامل حمودة.
رائد إسلام محمد حلمي مشهور.
نقيب على أحمد شوقي على عبد الخالق.
ضباط الصف والجنود - القوات المسلحة:
رقيب أول حسام مصطفى محمد مرجونة.
رقيب علاء طلال وهبة أبو ريشة.
جندي مصطفى عمار محمود أحمد عمار.
جندي أبانوب رضا راغب تكلا.
جندي محمد صبري عبد العال الداداموني.
أمناء الشرطة والمجندين:
أمين شرطة السيد عبد الحق محمد شفطر.
جندي بدري عبد الحميد محمد منصور.
الأمهات والآباء:
عزيزة مخلوف عبد الواحد والدة عقيد أركان حرب محمود على عبده هلال.. أم مثالية.
نرجس عبد القادر محمد عطوة أرملة الشهيد البطل أحمد محمد مصطفى.. أم مثالية.
عميد محمد محمود مصطفى سقاوة.. الأب المثالي.
ملازم أول بالمعاش سالم السيد درويش.. الأب المثالي.
رتبة الفريق
كما قلد الرئيس السيسي رتبة الفريق للواء كامل الوزير المرشح لتولي حقيبة وزير النقل خلفا للدكتور هشام عرفات وزير النقل المستقيل.
وألقى الرئيس السيسي كلمة في ختام الندوة نصها:
اسمحوا لي في البداية أن أتوجه لكم جميعًا – وإلى شعب مصر العظيم – بكل التحية والتقدير والاحترام.. كل عام وأنتم بخير.. ومصر في سلام وأمان.. دومًا بإذن الله.
إن يوم الشهيد.. الذي نحييه اليوم.. ليس مناسبة لتجديد الأحزان.. وإنما لتكريم أبناء مخلصين.. ضحوا من أجل هذا الوطن الخالد.. دون انتظار مقابل.
قدموا تضحيات جسام.. لا يدرك حجمها الهائل.. إلا من قدم لمصر شهيدًا أو مصابًا.. وإلا من روى دمه وعرقه.. تراب هذا الوطن.. ليستمر نابضًا بالحياة.. ومثمرًا بالخير والسلام والنماء.
إن هذا اليوم.. يوم استشهاد البطل الفريق أول عبد المنعم رياض.. ويوم استشهاد أيٍ من أبطالنا العظام.. من رجال القوات المسلحة والشرطة البواسل.. أو أي مصري ومصرية على اتساع الوطن.. هو يومٌ نُكرّم فيه.. ليس فقط أرواح من استشهدوا منا.. وإنما أيضًا عطاء الصابرين الصامدين.. الذين يحملون مسئولية هذا الوطن.. ويَصِلون الليل بالنهار.. ليَحيَى المصريون.. في سلام وأمان واستقرار.
يومٌ.. نتوقف فيه معًا.. لنلقي نظرة شاملة على مسيرتنا.. وعلى مجمل أوضاعنا.
إن تقديمكم لأرواح أبنائكم من أجل مصر.. ليس غريبًا على شعب مثلكم.. له في البطولة باع كبير.. فمصر كانت دومًا مقبرة الغزاة.. وهي الآن حائط الصد المنيع.. الذي وقف ولا يزال.. أمام موجات الخطر والإرهاب.. التي طالت منطقتنا بأسرها.. فدمرتها.. وأصابت الملايين من سكانها.. بالخوف والتشريد والقتل.. وضياع المستقبل.
وبرغم تلك الظروف الصعبة.. والثمن الهائل الذي دفعته شعوب المنطقة.. بشريًا وماديًا.. فإنني أقول لكم اليوم.. إن شعب مصر أثبت من جديد.. أنه أقوى إرادة مما تصور أعداؤه.. وأنه في رباط وثيق.. مع دولته ومؤسساتها.. ليشكلوا معًا كتلة واحدة.. عصيةً بإذن الله على الانكسار.
فعلى أسوار هذا البلد الحصينة.. تحطمت موجات الإرهاب والشر.
وأمام كفاءة وصلابة جيشها وشرطتها.. انكسرت إرادة المعتدين.. وضَعُفَت شوكتهم.
لقد نفذت القوات المسلحة والشرطة.. العملية الشاملة.. التي حققت نجاحات ضخمة ومؤثرة.. استطاع من خلالها الجيش والشرطة.. تأمين مصر وأهلها.. وتضييق نطاق الخطر.. وحصار العناصر الإرهابية والقضاء على أعداد كبيرة منهم.. مع معداتهم وأسلحتهم.. وشبكات إمدادهم ودعمهم.. وذلك بالرغم من صعوبة الحروب غير النظامية.. التي لم تُرهب أبناء المصريين في القوات المسلحة والشرطة.. الذين استعانوا على الإرهاب وشره.. بإيمانهم بالله.. وبيقينهم في أنهم على الحق المبين.. وبحُسن تدريبهم.. وأدائهم العسكري الراقي.
وأَعلَمْ أنّكم.. أبناء الشعب المصري البطل.. تدركون جيدًا أن لكل معركة ضحاياها.. ممن ارتضوا تقديم أرواحهم فداءً لكم.
ومِن بين هؤلاء.. مَن استُشهدوا في الحادث الإرهابي بالعريش.. يوم السبت ١٦ فبراير الماضي.. وكذلك من استشهدوا.. في الحادث الإرهابي بمنطقة الأزهر.. يوم الإثنين ١٨ فبراير الماضي.. فتحية تقدير واحترام نتوجه بها اليوم لأرواحهم الطاهرة.
إننا إذ نستمر في مواجهة الإرهاب.. ونثق في قدرتنا بإذن الله.. على النجاح في هزيمة خطره.. فلا يمكن أن نقبل.. أن يحصد الإهمال.. أرواح مواطنين أبرياء مِنّا.
لا يمكن أن نقبل.. أن تتسبب أخطاءٌ فردية.. في مقتل العشرات من المواطنين.. كما حدث في محطة مصر.. يوم الأربعاء ٢٧ فبراير الماضي.. الذين نتقدم بخالص التعازي والمواساة لأسرهم.
ودعوني أصارحكم.. بأننا كمصريين.. يجب أن نقف وقفة صادقة مع النفس.. ندرك فيها.. أن خطر الإهمال لا يقل عن خطر الإرهاب.. وأن الفساد وانعدام الكفاءة والضمير.. يحصد مِنّا ليس فقط الأرواح.. وإنما كذلك.. الأمل في المستقبل الأفضل.. الذي نعمل جميعًا من أجل تحقيقه.
إنني أحرص دائمًا على مصارحتكم بالحقائق والوقائع.. إيمانًا بأهمية أن يعرف الشعب حقيقة ما يجري من جهود ضخمة للإصلاح الحقيقي.. ولكي يعرف الجميع أن الدولة تسابق الزمن.. وتبذل أقصى جهد لتوفير الموارد المالية اللازمة للإصلاح والتطوير.. وهذا الإصلاح نعلم أنه صعب.. ويتكلف الكثير.. ولكن المضي فيه بإصرار.. هو الطريق الوحيد لتقديم خدمات حديثة ومتقدمة للمواطنين.
ونحن إذ نمضي في طريقنا.. نُدركُ جيدًا.. أن نجاحات مصر في الداخل والخارج.. وتعزيز مكانتها.. وصمودها في وجه المحن والشدائد.. بل وتقدمها للأمام بخطىً ثابتة وواثقة.. لا يَرضى عنه البعض.. الذي يسارع بتسديد سهامه المسمومة نحو صدورنا.. هادفًا إلى وقف تقدمنا.. وعرقلة خطواتنا.
لقد قُلتُ لَكُم مِرارًا.. إنني لا أخشى على مصر من أخطار الخارج وتحدياته.. ما بقيتم في الداخل جبهة متماسكة.. ويدًا واحدة قوية وراسخة.. ولقد أظهرت لكم الأيام الماضية.. أنه عندما استعصى على مَن يريدون بنا السوء، إلحاق الأذى بمصر من الخارج.. فإنهم يعمدون إلى الحرب النفسية.. وإلى حروب الشائعات.. بهدف تكوين صورة ذهنية غير حقيقة.. تستقر في وعي المواطن.. لتحبطه.. وتهدم ثقته في نفسه.. وفي دولته وقيادته.
فَلَهُم.. وللجميع أقول.. والله على ما أقول شهيد:
إن الغاية الوحيدة.. التي تحكم جميع تصرفات الدولة وسياساتها.. من رئيس الجمهورية إلى جميع مؤسسات الدولة.. هي مصالح المواطن المصري أولًا وأخيرًا.. أمنه.. وسلامته.. ومستقبله.
نعمل من أجل تحقيق نهضة حقيقية.. يكون لمصر فيها شأنٌ كبير بين الأمم.. وتنتقل من مصاف الدول النامية إلى الدول المتقدمة.. بإذن الله.
ويحظى فيها الإنسان المصري.. بأفضل مستوى تعليم.. وأرقى رعاية صحية وطبية.. وأحدث مقومات البنية الأساسية.. من كهرباء ومياه وطرق ومواصلات.. وخدمات حكومية متطورة ومُيسرة.. ليشعر المواطن بآدميته وكرامته.
أقول لكم.. إنّ برنامج الإصلاح الاقتصادي.. وجميع ما يتم تنفيذه من مشروعات قومية كبرى.. كلها.. وبلا استثناء.. تستهدف أولًا وقبل أي شئ.. تحسين جودة الحياة للشعب المصري بأكمله.. وتوفير الموارد المالية الضرورية.. التي بدونها لا تستطيع الدولة تحسين الخدمات العامة.. التي طالما اشتكى منها المواطنون وطالبوا بتحسين مستواها.
وأقول للجميع بكلمات واضحة:
إنّ كثرة الشائعات لن تؤثر في شعب مصر الواعي.
ولن تُضعف جميع الحروب النفسية عزيمته الصلبة.
لن تخدعه الأكاذيب.. ولن يهزمه الباطل.
سيظل شعبنا واعيًا تمام الوعي.. بالحق من الزيف.. وستظل بصيرته.. التي صقلتها حضارة آلاف السنين.. قادرة على التفريق.. بين الصدق والخداع.
إن الشهر الماضي.. كما جاء لنا برياح حزينة ومؤلمة.. فإنه شهد افتخاركم بوطنكم.. وهو يستعيد مكانته الدولية.
فلا يخفى عليكم.. كيف كان وضعُ مصر على الساحة الدولية منذ سنواتٍ مَضَت.. وكيف أصبح الآن.
فما بين رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي.. بعد أن كانت عضويتُها معلقة به.. وقيامها بدورها الطبيعي في القارة الأفريقية.. يدًا بيد مع أشقائنا الأفارقة.. الذين نتشارك معهم وحدة الهدف والمصير.
ثم استضافتنا.. لأول وأكبر تجمع من نوعه على الإطلاق بشرم الشيخ.. بين الدول العربية والأوروبية.. وبحضور الغالبية العظمى من قادة هذه الدول.. الذين أتوا إلى مصر.. لنضع أسسًا جديدة لتعاون عربي أوروبي.. يقوم على الاحترام المتبادل والندية والشراكة الحقيقية.
ما بين تلك الأدوار النشطة.. على الساحات الأفريقية والعربية والأوروبية.. فقد عادت شمسُ مصر للسُطوع وليعلم الآن كُلُّ مصري.. أن صوتَ بلادِه باتَ مسموعًا.
وأنها تمضي على الطريق الصحيح.. نحو مكانة راسخة ومؤثرة.. في الإقليم والعالم.. لتعود بالخير والنفع.. على كل المصريين.
وسنظل جميعًا بإذن الله.. ثوابتنا راسخة لا تتزعزع.. انتماؤنا ثابت كثبات الجبال.. دفاعنا عن الوطن لا يلين.. نتصدى لأعدائه بالفكر والرأي.. قرارنا حر.. نخلص في كلماتنا.. يحكمنا الضمير والوعي المستنير.. نتماسك ونتمسك بوطننا وترابه لا نفرط فيه.. نشد من أذر بعضنا البعض ونساند قواتنا المسلحة وشرطتنا.. ضد أعداء الوطن ومن خانه أو باعه والمفسدين.. نرد الجَميل لأرواح شهدائنا وأبطالنا.. وفاءً وعرفانًا.. لهم ولهذا الوطن العزيز.. الذي يستحق منّا كل التضحية.. وكل الإخلاص والصبر.