أخطر ما في قرار وزيرة الصحة ضد «جمال شعبان»!
كاد الشاب يبكي وهو يشتكي للدكتور "جمال شعبان" أن عملية القسطرة لوالدته قد تأجلت للغد، وأنهم بذلك سيعودون إلى بيتهم بإحدى المناطق على أطراف القاهرة، ربما كانت قرية بشتيل أو بهتيم بالقليوبية على ما نتذكر.. يلتفت الدكتور "شعبان" مسرعا ليستوقف طبيبا شابا كان قد استأذنه ليعود لبيته وعرفنا عندما سألنا -وسألنا لأننا نعرف أنه سيجيء الوقت لنكتب ويجب توثيق ما سنكتبه- اسمه الدكتور "محمد عرابي" ويرجوه أن يلغي فكرة عودته للبيت لأن والدة الشاب لا يصح أن ترجع لبيتها وتعود غدا، وما في ذلك من عذاب لا تتحمله!
يبتسم الدكتور "عرابي" ابتسامة تجمع بين تفهم الأمر مع خيبة الأمل، ولا يقول إلا جملة واحدة "أنا هنا من السابعة صباح الأمس"!
ثم يغادر إلى حيث يستعد لإجراء العملية للسيدة وعاد الأمل لابنها!
السؤال الآن: هل من يدير معهد القلب بالطريقة السابقة يتهاون في تنفيذ خطة الوزارة التي هي أصلا خطة رئيس الجمهورية؟! وإن كان هناك تقصير من معهد القلب في "مبادرة الرئيس" فبماذا إذن كانت تتباهي وزيرة الصحة الأشهر الماضية؟
الـ45 ألف عملية قلب أين تم إجراؤها؟!
وأين كانت والدكتور "جمال شعبان" يتحدث عن نصيب المعهد مرارا الفترة الماضية وكلما تحدث ذكر الأرقام؟ ألم يخطر ببالها مرة أن تعاتبه وتقول له إن أرقامه غير صحيحة؟
ففي 22 يناير الماضي قال الدكتور "شعبان" لليوم السابع إنه أنهى على قوائم انتظار القسطرة، وقبلها في 18 يناير التصريح نفسه لجريدة الوطن، وفي الأول من يناير كان عنوان تصريح الدكتور "شعبان" لـ«فيتو» هو 6 آلاف عملية حصيلة 6 شهور من مبادرة إنهاء قوائم الانتظار!
وقلبها في الأول من أكتوبر قال لصوت الأمة "نستقبل مليون حالة سنويا وبهذه الطريقة أنهينا قوائم الانتظار"! وفي 30 سبتمبر قال أيضا للدستور إن المعهد أنهى 95 % من عمليات القسطرة والدعامات! فهل كانت الوزيرة خارج البلاد؟! ألا تتابع الصحف؟! ألا تتابع كافة وسائل الإعلام التي أعادت إذاعة هذه التصريحات في برامجها، بل وعلى لسان الدكتور "جمال شعبان" نفسه وكافة أطباء المعهد عند استضافتهم في مختلف برامج الفضائيات والإذاعات المصرية كلها؟!
من الممكن أن يكون تصريح ما غير دقيق.. لكن إذا قلنا إنه نفسه ما جاء في بيان الوزيرة نفسها في 12 ديسمبر الماضي؟!.. أشادت فيه بأداء المعهد، وقالت إنه في صدارة الملتزمين بإنجاز مبادرة قوائم الانتظار!! لذا نقف عند أداء متواصل بأرقام ومعلومات تم تحت سمع وبصر وإشراف الوزيرة نفسها ليس من المعهد وحده إنما من الوزارة نفسها.. فهل فوجئت الآن بأن هناك تقصير في الأداء ؟ وأن كان أليس هناك تحقيق يتم ورد على الاتهامات كي نؤكد أننا بلد لمؤسسات محترمة؟!
على كل حال.. كان يمكن للدكتور "شعبان" أن تشفع له عند الوزيرة حربه التي انتصر فيها على الروتين وانصف البسطاء والغلابة ممن كانت أوجاعهم لا تتوقف ولا ترحمها بيروقراطية قاتلة متوارثة من عقود، وكان يمكن أن تشفع له قدرته على التعامل مع الغلابة وارتباطهم به، وتبسيطه لأمراض القلب معهم قبل تبسيطه للإجراءات، لكننا لا نعرف هل نكتب حيثيات بقاء الدكتور "شعبان" في موقعة أم نكتب حيثيات استبعاده!
أخطر ما ارتكبته الوزيرة (وقد دعمناها كثيرا رغم أنها لولا مبادرات الرئيس لانكشف أداء وزارتها تماما) إعادتها - دون أن تدري- للعبارة التي استقرت كثيرا في وجدان المصريين وكنا على وشك أن ننساها من حياتنا.. وهي "اللي بينجح لازم يمشوه"، وأعادت لنا جميعا - نحن شعب مصر- ذكريات مؤلمة إذ ينجح "أحمد جويلي" و"نادية مكرم عبيد" و"حسب الله الكفراوي" و"كمال الجنزوري" ويحبهم الناس فيغادرون..
بينما يبقى فيها -وعلى قلوبنا جميعا- "عاطف عبيد" و"مختار خطاب" و"يوسف بطرس غالي" و"يوسف والي" وغيرهم وغيرهم!
أبعاد قرار استبعاد "جمال شعبان" خطيرة للغاية.. وعندكم ما يردده الناس في كل مكان منذ صدور القرار.. أما "جمال شعبان" نفسه فربما عاد لعيادته.. سيزيد اسمه لمعانا وستعج عيادته التي هجرها من أجل المعهد بالزبائن، وسيستطيع من الآن أن يوفر لأسرته متطلباتها بعد أن كان انشغل بما يعتبره -ونعتبره- عند الله أعظم وأهم.. مداواة جراح أوجاع وآلام الناس!