رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى رحيل البابا شنودة.. ميراث معلم الأجيال لازال في الكنيسة.. رجاله يتصدرون المشهد.. الحرس القديم يتكتلون للوقوف أمام خطة الإصلاح.. و«تواضروس» يواجه عقبات ترتيب البيت الكنسي

البابا شنودة الثالث
البابا شنودة الثالث

تحل اليوم الذكرى السابعة لرحيل البابا شنودة الثالث، الذي أثرى الكنيسة بالعديد من التعاليم، التي تعتبر خارطة طريق لأبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث أطلق عليه «معلم الأجيال».


تعاليم شنودة
تعاليم البابا شنودة، يتمسك بها الآلاف من أبناء الكنيسة الأرثوذكسية، كما أنهم يرفضون أي تغيير أو إضافة عليها، حيث يعتبرونها مقدسة، وهو ما وضع عراقيل أمام حركة الإصلاح التي بدأها قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية.

رجال شنودة
التعاليم ليست وحدها التي تعرقل مسيرة الإصلاح التي بدأها البابا تواضروس، بل إن رجال البابا شنودة أيضا يعتبرون عراقيل في طريق بطريرك الأقباط، خاصة أنهم رافضون لمحاولات الإصلاح خاصة التعليمي، ويواجهون ويحتدون على البطريرك في غالبية جلسات المجمع المقدس، وهو ما يجعل البابا يدخل معركة واضحة مع «ورثة شنودة الثالث».

بعض الأساقفة يفضلون المواجهة على قبول أي تعاليم يرونها مخالفة للفكر الأرثوذكسي، ويريدون الأوضاع قائمة كما هي دون تغيير، معتبرين أن أي محاولة للإصلاح هي مخالفة للدستور الأرثوذكسي، وهو ما لا يمكن السكوت عليه.

ومع أي محاولة للإصلاح دائما يكون هناك فريق يرى أنها تهدد مصالحه التي يحرص على بقائها، وفى سبيل الحفاظ على المصالح تلك يستخدم أنصار هذا الفريق جميع الأسلحة المتاحة، وفى بعض الأوقات يلجئون إلى استخدام كل ما يمتلكون من أدوات للإبقاء على الوضع مجمدا.

فريق المصالح
الكنيسة الأرثوذكسية، وتحديدا منذ جلوس البابا تواضروس الثانى، على كرسى مارمرقس الرسول، يمكن القول إنها دخلت في مربع «أزمة فريق المصالح»، إذ إن الفترة الماضية أظهرت -بما لا يدع مجالا للشك- أن هناك من يرفض محاولات البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، للتجديد والإصلاح وترتيب البيت من الداخل وفق إطار مؤسسي، حسب تصريحات كثيرة له في هذا الإطار.

الإصلاحات التي يجريها البابا في الكنيسة على مسمع ومرأى من الجميع، لم تَرُق لأصحاب المصالح، الذين يريدون الإبقاء على الوضع كما هو، خاصة الذين يريدون الاحتفاظ بمناصبهم بعد رحيل البابا شنودة الثالث.

جماعات المصالح تحاصر البابا تواضروس بزعم غيرتها على الكنيسة، وتثير تحركاتها ريبة، وآخرها بعض أصحاب المصالح في المهجر الذين كونوا مجموعة أطلقوا عليها «الإصلاح الديني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية»، وهو ما أثار جدلا في الشارع القبطي.

السياسة
المجموعة حددت أهدافا ظاهرة تمثلت في إبعاد الكنيسة عن السياسة تماما، واقتصار تبعية كنائس المهجر للكنيسة القبطية الأم على الجانب الروحي فقط، بينما تخضع في الأمور الأخرى إلى قوانين البلاد الغربية وقيمها الحضارية ولا تشغل نفسها بالسياسة المصرية نهائيا، والعمل على خلق نظام مالي شفاف يبعد رجل الدين عن الأموال تماما ليتفرغ للعمل الروحى والرعوى، فضلا عن خلق نظام إداري حديث وشفاف وعصرى للكنيسة.

الأهداف التي تحمل حسن نوايا في ظاهرها، تبددت مع أول تصريح عن المجموعة، حيث ادعت أن الكنيسة وصلت للحضيض، وقادتها أصبحوا حجرا عثرة في طريق الأقباط، وهو ما دفع الكثير من الشباب لأن يتجه إلى الإلحاد.

رجال البابا شنودة يثيرون الكثير من الجدل في أعقاب أي محاولة للتغيير من قبل البابا تواضروس، ويعرفون بـ«الحرس القديم»، الذي يتزعمه الأنبا مايكل، الأسقف العام بالولايات المتحدة، والمقرب من الأنبا أغاثون، أسقف مغاغة، والذي اصطدم بالبابا أكثر من مرة، احتجاجا على تأسيس إيبارشية جديدة بنورث وساوث كارولينا وكنتاكى، معتبرا أن ذلك اقتصاص من نطاق إيبارشيته، وهو ما ردت عليه الكنيسة بإظهار نص بيان رسامته الموقع من البابا الراحل شنودة الثالث، ويحدد فيه نطاق خدمته.

في قائمة رجال الحرس القديم يبرز اسم الأنبا أرميا، الأسقف العام، ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسي، والذي يسبق اسمه، لقب «الأسقف القوى»؛ نظرًا لعلاقاته المتشعبة بمؤسسات الدولة، كما يبرز اسم الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها، أحد أخطر رجال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فهو المسئول عن القوانين والتشريعات، وكان ممثل الكنيسة في لجنة وضع الدستور، كما كان مسئول ملف الأحوال الشخصية، وهو من أخطر الملفات الكنسية، ويتمتع بولا هو الآخر بعلاقات قوية مع أجهزة الدولة، نظرا للملفات التي تحت يديه، أهمها بناء الكنائس، وتعتبر إيبارشية طنطا مملكة منعزلة عن الكنيسة يصعب تخطى أسوارها قبل إذن الأنبا بولا، الذي استغل موقعه، في المجلس المتخصص بقضايا الأحوال الشخصية، وأفرج عن مجموعة من القصص السرية في هذا الملف، التي تقع تحت بند «الاعتراف»، في 4 كتب.

ونظرا لشبكة علاقته تولى الأنبا بولا مسئولية الملف السياسي بالكنيسة، ومهمة فرز الشخصيات المقرر دعمها في مراحل الانتخابات، أو تقديمها في حالة وجود «كوتة»، ويلقب الأنبا بولا بـ«رجل المواسم»، حيث ارتبط اسمه بملفات بعينها، وأوقات الانتخابات.

رجل الجنوب
إذا انتقلنا إلى الجنوب نجد أن الأنبا يؤانس أسقف أسيوط وتوابعها، وهو من أخطر رجال الكنيسة، نظرا لعلاقته برجال أعمال نافذين في الكنيسة، منذ أن كان سكرتير البابا الراحل شنودة الثالث، وعُيّن الأنبا يؤانس أسقفا لأسيوط خلفًا للأنبا ميخائيل، وهو ما جعل البعض يعتقد أن هناك خلافًا بينه وبين البابا تواضروس، وأنه أراد إبعاده عن المقر البابوي، الأمر الذي دفع الأخير إلى تكذيب ذلك عبر مداعبة الأنبا يؤانس في تصريح له، قائلًا: «مخطرش في بالى إن الصعايدة يضحكوا علىّ، وياخدوا الأنبا يؤانس منى، وأدركت أن الصعايدة شطار، والأسايطة شطار أوى».

حديث البابا لم يخرج، حسب مقربين، عن حيز تخفيف وطأة إبعاد الرجل القوى عن دائرة الضوء في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والذهاب به بعيدًا، إلا أن الرجل استطاع أن يؤسس كيانًا موازيًا للكاتدرائية، حتى إن البعض أطلق عليه "بطريرك الصعيد"، نظرا لقربه من أثرياء الجنوب.

بدأ نفوذ الأنبا يؤانس يتصاعد بين عامى 1998 إلى 2005، بعدما نجح في توطيد علاقاته مع القيادات الحكومية والأمنية، كما استطاع إقناع البطريرك بتعيينه رئيسا لعدد من المؤسسات الكنسية الكبرى مكنته من توسيع دائرة نفوذه، ومن الحصول على السيولة الكافية للمنح والمنع.

هناك أيضا الأنبا أغاثون، أسقف مغاغة والعدوة بمحافظة المنيا، الذي قاد حملة توقيعات من رابطة الإكليريكية ليعطل رغبة البطريرك في رسامة الأنبا بيتر أسقف نورث كارولينا، من أجل الحفاظ على دور صديقه الأنبا مايكل الذي يحارب من أجل التجليس على إيبارشية فرجينيا وتوابعها.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية