القبح يسكن العاصمة
لا أعرف من ذلك العبقرى المنتمى إلى قافلة مسئولى محافظة القاهرة الذي قرر إضافة "خازوق" من القبح إلى مظاهر الفوضى اللامتناهية في شوارع العاصمة، بأن تعاقد مع إحدى شركات الإعلانات لوضع لافتة حقيرة فوق مظلة محطات الأتوبيسات المدموغة بخاتم محافظة القاهرة والمصنوعة من الأسمنت المصمت، المظلات ذاتها قبيحة الشكل، فقيرة المنظر، وزاد الطين بلة بأن وضع عليها هذا "الخازوق".
ولا أعرف حتى تاريخه من المتحكم في إعلانات "الأوت دور"، التي تشكل واحدة من مظاهر التخلف في عاصمة هي الأقدم من بين عواصم قلة عتيقة في الدنيا، حيث تشكل الفوضى البصرية في شوارع المحروسة قبحا لا يضاهيه قبح في أقذر العواصم على ظهر المعمورة، ولا أعرف حتى الآن لماذا لم تتكرر تجربة شارع الهرم التي وضع أساسياتها الأستاذ الدكتور "أسامة عقيل"، حيث المعايير الحاكمة التي أنقذت هذا الشارع من فوضى الإعلانات دون غيرها من الشوارع في القاهرة الكبرى.
ترك الأمور على هذا النحو يترك في نفوس البشر من السكان والزوار، آثارا سلبية تؤدى إلى الإحباط والجريمة والبلطجة.. نعم الفوضى البصرية واحد من أسباب الإحباط، الإعلانات التجارية تدق رأس المواطن والسائر والزائر ليل نهار، بأنوارها العشوائية وإلحاحها المبالغ فيه، واعتبارها أن الإنسان مجرد سلعة على لافتة تفتقد إلى أبسط قواعد الذوق والهدوء في الرؤية الطبيعية.
في دول أقل تطورا وتقدما منا توضع قواعد لإعلانات الشوارع تضيف إليها جمالا، ولا تنتقص من حق الرؤية البصرية، وفي نفس الوقت تؤدى دورها المنوط بها، كما تستخدم الشركات في الخارج هذه اللافتات في الكثير من الحملات القومية، كجزء من الدور الذي يجب أن تقوم به، "خازوق" محافظة القاهرة الجديد على مظلات المحطات هو النموذج الأكثر قبحا، ويجب التحقيق فيه وإحالة المسئولين عنه للتحقيق، بتهمة إشاعة الفوضى البصرية، ونشر القبح العلني مع سبق الإصرار والترصد.