رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد كامل يكتب: نصف عام تكفي محافظ المنوفية لتدارك أخطائه

أحمد كامل
أحمد كامل

لا اختلاف إطلاقًا على شخص اللواء أركان حرب سعيد عباس محافظ المنوفية، ولا عن إنجازاته في مجال خدمته بالقوات المسلحة، منذ التحاقه بها حتى شغله منصب مساعد رئيس أركان حرب القوات المسلحة، ولا تشكيك نهائيًا في نزاهته ولا نظافة يده.

لكن تولي مسئولية إدارة محافظة لها شروط ومقومات غير ما تقدم، أضف إلى ذلك أنها المنوفية، بكل ثقلها، وجذورها، وصخبها السياسي، ومستوى تعليم أبنائها، وتوغلهم في مفاصل الدولة بمعنى شعبوي "منوفتها"، ونجحت "منوفة" الدولة في الوقت الذي فشلت الجماعة الإرهابية في "أخونتها"، ما يوكد قدرة أبنائها في الوصول لمبتغاهم بطرق مدروسة، غير عشوائية.

جاء اللواء سعيد عباس للمنوفية بعد فراغ دام لثمانية أشهر إثر القبض على المحافظ السابق هشام عبد الباسط – ما زالت محاكمته بتهمتي الرشوة والكسب غير المشروع جارية – ومن سيرته الذاتية المتطابقة مع حب أبناء المحافظة الفطري للقوات المسلحة وأبنائها تفاءلنا به خيرًا.

6 أشهر قضاها "عباس" على كرسي محافظ المنوفية منذ أن وطئت قدماه مبنى المحافظة 1 سبتمبر 2018، وحتى الآن، تحول الديوان فيها من ديوان إدارة محافظة إلى ديوان مظالم، يحج إليه كل يوم مئات من المطحونين في غياهب المحليات والمديريات المختلفة، قاصدين حلولًا لمشكلات، قد يكون منها ما يستطيع موظف في وحدة محلية حلها ما إذا عرضت عليه، ما مثل ضغطًا على موظفي الديوان أنفسهم، وحملوا فوق طاقتهم، فأصبحوا في دوامة يومية، ما بين استقبال مواطنين، وتلقي صدمات من خابت ظنونهم، وعشم آخرين في غير محله، وتعرض دائم لانتقادات وصلت من الزوار أحيانًا للتطاول.

تتالى مواقف جانبه التوفيق فيها رسمت صورة سلبية عنه باهتمامه بالظهور على حساب قضاء الحوائج ومواجهة المشكلات، توقُّف موكبه أمام "عزال عروس" ونزوله لتهنئتها، وتلبية دعوة أحد العاملين بالديوان للإفطار بمنزله، واعتبار ذلك خبرًا للنشر على البوابة الإلكترونية، كذلك الجلوس على شط ترعة بصحبة أحد النواب لأكل الذرة المشوي، والاتصال برئيس حي غرب وإعطاء سماعة الهاتف لطفل حضر إلى الديوان لشكوى رئيس الحي لوجود قمامة أمام مدرسته وإبلاغ المحافظ رئيس الحي بأن ما تحدث به الطفل أوامر، وإذاعة ذلك ما سبب حرجًا لرئيس الحي، والجلوس على سلالم الديوان للاستماع لمطالب المواطنين.

شخصيته العسكرية، وملازمتها له بصرامتها وحدتها وضعته في عدة مواقف محرجة أثرت بالسلب على تقييمه.. أزمة مدرسة المساعي المشكورة بشبين الكوم، وتعنيفه المدرسين والتقليل منهم والسخرية من ملابسهم أمام الجميع، وتصوير الواقعة وإذاعتها، حتى عندما حاول أحمد إسماعيل قتة، كبير معلمى اللغة العربية بالمدرسة الدفاع عن زملائه أمام استهزاء المحافظ بهم نهره المحافظ وأحاله للتحقيق معه داخل الشئون القانونية بالمحافظة، وتم خصم شهر من راتبه ما دفعه لتقديم استقالته.

كذلك أمره الشرطة في لقاء جماهيري بمدينة قويسنا بإلقاء القبض على مواطن أراد تقديم شكواه منفعلًا بسبب تأخر المحافظ أربع ساعات عن اللقاء، ووقوف الأهالي حائلًا دون صعوده لعربة الشرطة، وإحالة جميع رؤساء الوحدات المحلية بالباجور للتحقيق بالديوان لعدم حضورهم لقاء جماهيريًا له مع المواطنين رغم عدم التنبيه عليهم بضرورة الحضور، وطرد مواطن أراد تقديم شكواه بدعوى مقاطعته أثناء الحديث، وفي أشمون طلب من الشرطة القبض على إعلامي من أبناء المدينة أراد الحديث معه عن المشكلات دون تصريح له بالحديث، ما أثار غضب أهالي المدينة وحالوا أيضًا دون حدوث إهانة لأحد أبنائهم.. كلها تركت انطباعات سلبية لدى المواطنين.

آخر الأزمات يعيشها الآن مركز أشمون وحده، "أزمة سولار"، رغم العديد من المطالبات بالتدخل السريع لحل الأزمة، فقيادات مجلس المدينة، ورؤساء الوحدات المحلية يعانون يوميًا بسبب تلك الأزمة ورغم ذلك صامدون، والمحافظ تركهم بين مطرقة القانون، وسندان غضب المواطن، ولا يكاد يمر يوم دون حدوث صدامات بين المسئولين بالوحدات والمواطنين المترددين عليهم لقضاء مصالحهم، فأمام كل مصلحة يقضيها المواطن بالوحدة يُطالب بالتبرع بالسولار، ومقدار التبرع بحجم الخدمة المطلوبة.

هل فكرت معاليك في كيف يدبر كل رئيس وحدة محلية احتياجاته اليومية لعمل معداته، وهل يدبرها بطريق مشروع أم غير مشروع، وكم الحرج والمهانة اللذين يشعر بهما يوميًا وهو يتسول احتياجاته من المواطنين بين رافض للتبرع، ومتهكم، وشامت، وبين من يستغل الأزمة لتمرير مطالبه ولو بالمخالفة للقانون.

كيف تستطيع الحكم على كفاءة الموظف من عدمها وهو ليس لديه أدنى متطلبات القيام بوظيفته؟ فكم من القيادات تحطمت آمالهم وفقدوا الأمل في إثبات جدارتهم بوظيفتهم؟ وهل تستطيع معاليك طلب تبرع من أي مواطن يدخل مكتبك لقضاء مصلحته، أو بحث شكواه؟ أم أن الإهانة حلال لمن دونك فقط؟

معالي المحافظ؛ كرامة موظفيك من كرامتك، وعزتهم من عزتك، وحقهم عليك توفير جو مناسب لهم للنجاح مثلما وفر قادة القوات المسلحة الذين عملت معهم لك أسباب النجاح، قد تكون الكلمات فيها شيء من الحدة، لكنه شعور بقلة الحيلة والعجز والانهزامية، أراه يوميًا في عيون من أقابلهم وأعرفهم من العاملين بالمحليات، لدرجة أني عاهدت نفسي على التوقف عن نشر السلبيات الموجودة بأماكنهم حتى تتوفر لهم متطلبات عملهم حتى يكون الحكم موضوعيًا، 6 شهور على كرسي المحافظة، آن الأوان للوقوف وتدارك الأخطاء وفتح صفحة جديدة مع أبناء المحافظة، تنفيذيين ومواطنين فكلهم رعاياك، وأنت مسئول أمام الله عن رعايتهم.
الجريدة الرسمية