كيف نهزم حادث القطار؟!
المنطق يقول إن وضع مصر كلها في حزام من الإحباط هو الهدف الأساس لقوى الشر.. الإنسان المحبط سريع الانفعال.. الغاضب.. غير قادر على التفاعل مع الأحداث بشكل طبيعي.. لن يشعر بأي إنجازات ويقبل التأثر بالإعلام المعادي.. إذن ما الحل؟
الدولة تدرك ذلك، ولذلك لم تعلن الحداد، لأنها تعرف أن هذا هو المطلوب بعينه.
إذن أيضا ما الحل؟!
الحل أن أعرف ماذا يريد عدوي مني وافعل العكس.. والوقت ليس وقت هواة الولولة والصراخ.. هو وقت العقلاء القادرين على ضبط النفس وعلى الثبات الانفعالي.. ولذلك اقتراحنا أن يندفع المصريون وبكثافة على شبكات التواصل الاجتماعي ومعهم الإعلام المرئي والمسموع لتصدير حالة معاكسة.. تصدير إيجابيات الحادث.
ولكن هل للحادث إيجابيات؟
نعم..
وكثيرة جدا.. أولها أن تصل الحكومة برئيسها وأعضائها إلى أماكن الأحداث بعد دقائق من حدوثها أمر جيد وجديد.. شاهدناه كثيرا في حادث الدرب الأحمر وحادث الأمس وحادث المريوطية قبل أسابيع.. ولكن هل هناك غيره ؟
نعم.. إقرار مبدأ المسئولية الأدبية والسياسية على الأخطاء، وتمثل ذلك في استقالة وزير النقل فورا.. وهذا جديد لم يكن موجود في بلادنا.. في السابق غرقت عبارة عليها أكثر من ألف مصري بلعتهم مياه البحر الأحمر، واحترق قطار الصعيد أكثر من مرة ولم يتم إقالة أحد في حادث واحد منها، اللهم إلا المهندس محمد منصور وزير النقل في 2009 ولتكرار الحوادث في فترة قصيرة!!
هل هناك إيجابيات أخرى ؟
نعم.. كثيرة... شهامة المصريين في إسعاف المصابين وإطفاء أجسادهم من النيران المشتعلة بهم.. لم يفروا خوفا من كون الحادث إرهابيا أو لحدوث تفجيرات أخرى.. فلم يكن يعرف أحد لحظتها ماذا جرى بالضبط.. وهناك التبرع بالدم وقد اكتظت المشافي بالمصريين يتبرعون بدمائهم الغالية لم يقل واحد منهم أي انتقاد للإهمال أو لوجود الفشلة في مواقع مختلفة، وإنما رتبوا أولوياتهم في إنقاذ الجرحى.
وهناك أيضا الالتفاف حول الوطن على شبكات التواصل الاجتماعي.. والسهر واليقظة للرد والاشتباك مع إعلام الشر.. وهناك أيضا سرعة إنجاز الإجراءات الخاصة بأوراق دفن شهداء الحادث.. وهناك تضامن الشعوب العربية الشقيقة مع المصريين وانتشار تعازيهم وحدادهم على صفحاتهم.
الإيجابيات كثيرة.. لو كل مصري شريف كتب على صفحته عن واحدة منها لكسبنا الجولة بعد ساعات من الآن.. ولو تناولها إعلامنا على شاشاته لكسبناها غدا.. وهذا كله لا علاقة له باستمرار التحقيقات وعقاب المهملين والمقصرين، وفتح ملف هيئة السكك الحديدية كله، وغيره من الملفات المهمة.. لكننا نفكر في المعركة كلها مع قوى الشر ولا نقف عند الحادث وحده.. اثبتوا أننا شعب لا يهزم أبدا.. الآن وفورا!