رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية 5 ساعات عاشها الركاب في حادث قطار محطة مصر (فيديو وصور)

فيتو

كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحا داخل محطة مصر، والقطار القادم من محطة سوهاج متجهًا إلى محطة بورسعيد يدخل على رصيف 9، وبعد لحظات خرج المواطنون من القطار كل واحد فيهم حاملا حقيبته والآخر ممسكا في يده الحقائب وبعض الأكياس، متوجهين إلى النفق المؤدي لرصيف 8، حالة من الفرحة عمت على وجوه المسافرين عقب وصولهم بر الأمان بالقطار الذي يستقلونه.



الأقدام تتلاطم ببعضها، الجميع يسرع للخروج من محطة مصر للذهاب لوجهته التي يقصدها، أيادي آباء تتشابك بأصابع أبنائها لتبعث لهم الطمأنينة، وبعد لحظات من هذه المشاهد وتحديدًا حينما أشارت عقارب الساعة إلى الدقيقة 25 من نفس الساعة، اصطدام جرار وردية رقم 2302 بالصدادات الخرسانية بنهاية الرصيف رقم 6، محدثًا انفجارًا هائلًا، والتهمت النيران أجساد معظم من كانوا على نفس الرصيف.


ساعة واحدة فصلت الأعداد المتزاحمة على أرصفة المحطات عن مشاهد مفزعة أو احتمالية الموت، حالة من الهلع والرعب سيطرت على المكان، بعضهم يركض ولا يدري لأين يتجه وآخرون يركضون وبأجسادهم النيران يصرخون طلبا للمساعدة والإنقاذ، وهنا تجلت شهامة المصريين ومسارعتهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المصابين التي التهمت النيران أجسادهم، صراخ الركاب على أصوات سرينة سيارات الإسعاف والمطافي التي وصلت في 10:00 للسيطرة على الحادث.


دخل رجال الحماية المدنية لمحطة مصر حاملين مدافع المياه في محاولة منهم لإخماد الانفجار ومنع امتداد النيران للمباني المجاورة، وفي غضون نصف ساعة بات المشهد كفيلم وثائقي يتحدث عن مخالفات الحرب العالمية الثانية، مياه سوداء ملأت أرصفة المحطة، جثامين متفحمة مجهولة الهُوية، ورجال الإسعاف يحاولون جاهدين في انتشال الجثث ونقل المصابين لأقرب المستشفيات المجاور لمكان الحادث.


وفي تمام الحادية عشرة ظهرًا، توالى الوزراء إلى موقع الحادث للوقوف على أسباب وملابسات الحادث الذي هز قلوب المصريين، وبعد دقائق معدود أعلنت وزارة الصحة عن حصر الضحايا والمصابين وأماكن تواجدهم بالمستشفيات، وتوقفت حركة القطارات وبدا المشهد غريبًا الكل يشاهد في ذهول، وآخرون يوثقون الحادث بلقطات مصورة عبر كاميرات هواتفهم المحمولة.


وصل فريق من المعمل الجنائي والأجهزة الأمنية، لمعاينة تصويرية لموقع الحادث، تمهيدًا لإعداد تقرير عن الحادث، والبحث عن ضحايا آخرين أسفل الجرار المتفحم، وبعدها كلف النائب العام المستشار نبيل صادق، بتشكيل فريق من النيابة العامة لفتح تحقيق عاجل وموسع في حادث حريق قطار داخل رصيف 7 بمحطة مصر.


كما أمر المستشار، بالوقوف على الأسباب التي أدت إلى الحريق في القطار، والانتقال لسؤال المصابين وسماع الشهود ومعاينة موقع الحادث.


لم يمر هذا اليوم بسلام على المصريين خاصة من كانوا بالقرب من الواقعة، فلا يزال صراخ الركاب يدوي في أرجاء محطة مصر، الذي أحاطته رائحة الموت من كل مكان، والبعض الآخر يبحث عن من كان برفقتهم وذويهم، متمنين من الله عز وجل فرصة ثانية لهم للبقاء على قيد الحياة.

وفي الواحدة والنصف ظهرًا ألقت الأجهزة الأمنية القبض على سائق الجرار المتسبب في الحادث، وبعد دقائق قدم المهندس هشام عرفات وزير النقل، استقالته لرئيس الوزراء الذي قبلها في الحال.


وأعلنت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، في الثانية ظهرًا، عن وفاة 20 مواطنا وإصابة 28 آخرين في حادث قطار محطة مصر.
الجريدة الرسمية