رئيس التحرير
عصام كامل

باب الرحمة.. غصة فلسطينية في حلق الكيان الصهيوني (فيديو وصور)

فيتو

ما بين حماسة فلسطينية لإعادة فتح مصلى باب الرحمة وغضب إسرائيلي شديد من الخطة صاحبها توعد من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، تدور الأحداث هذه الأيام بمحيط الحرم القدسي الشريف، تحديدًا بعد أن قرر الفلسطينيون فتح مصلى باب الرحمة ونقل السجاد والمعدات إليه ليحاكي باقي مساجد القدس، وذلك بعد إغلاق الاحتلال له منذ عام 2003م.


أجمل أبواب القدس
وباب الرحمة هو أجمل أبواب مدينة القدس، ويؤدي مباشرة إلى داخل المسجد الأقصى، ويبلغ ارتفاعه 11 مترًا ونصف المتر، وهو باب مزدوج يتكون من بابين هما التوبة والرحمة يتم الوصول إليهما عبر النزول على سلالم طويلة.

وسميَّ هذا الباب لدى الأجانب بالباب "الذهبي" لبهائه ورونقه، ويقع على بعد 200 متر جنوبي باب الأسباط في الحائط الشرفي للسور، ويعود هذا الباب إلى العصر الأموي، وهو باب مزدوج يعلوه قوسان ويؤدي إلى باحة مسقوفة بعقود ترتكز على أقواس قائمة فوق أعمدة كورنثينة ضخمة.

وأُغلق باب الرحمة، وقيل إن الذي أغلقه هو صلاح الدين الأيوبي دفاعًا عن المسجد أو لإدخال الزوار إلى الأسواق قبل الدخول إلى المسجد، وقيل إن العثمانيين هم الذين أغلقوه بسبب خرافة سرت بين الناس آنذاك، مآلها أن الفرنجة سيعودون ويحتلون مدينة القدس عن طريق هذا الباب.

سورة الحديد
كما يفسر العلماء قوله تعالى بسورة الحديد "فضُرِبَ بينهم بسورٍ له بابٌ باطنُه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب"، أن المسلمين توافدوا دائمًا على هذا الباب باعتباره أُقيم على باب الجنة مجازًا، وهذا أبرز أسباب الاهتمام به تاريخيًا.

واستخدم المبنى الواقع إلى داخل الباب من جهة المسجد الأقصى قاعة للصلاة والذكر والدعاء، وحسب ما ذكر المؤرخ مجير الدين الحنبلي أن الإمام الغزالي رحمه الله عام 489ه‍- 1098م اعتكف في المدرسة النصرية أعلى باب الرحمة، وكان يدرس في المسجد الأقصى وفي خلوته فوق باب الرحمة كتب جزءًا من كتابه القيم (إحياء علوم الدين)، وعمرت لجنة التراث الإسلامي الباب وقاعته واتخذتها مقرًا لأنشطتها الدعوية داخل المسجد الأقصى منذ عام 1992م حتى حلت سلطات الاحتلال اللجنة عام 2003م.

مزاعم صهيونية
ويزعم الصهاينة أن باب الرحمة إرث يهودي، وأنه يعتبر أحد بوابات الهيكل المزعوم، وفي حرب عام1967م حاول وزير الحرب الصهيوني وقتها موشيه ديان، فتح الباب إلا أنه فشل، وجرت محاولة لاقتحامه أحبطت في عام 2002م عندما حاول صهيوني فتح قبر ملاصق للباب من الخارج، وحفر نفقًا تحته ينفذ إلى داخل المسجد الأقصى.

بداية اشتعال الأزمة
وبداية اشتعال الأزمة الحالية كانت حينما قرر المسلمون بشجاعة الاتجاه نحو باب الرحمة قبل أيام وفتحه بعد سنوات طويلة تحديدًا منذ 2003، حينما ادعت إسرائيل أنه يرعى أنشطة حماس وحاول مجلس الأوقاف مرارًا وتكرارًا إلغاء أمر الإغلاق، وحتى يومنا هذا عملت الشرطة ضد هذه المحاولات، من خلال التوضيح بأن اقتحام المبنى سيعتبر تجاوزًا لخط أحمر.

والخطوة الفلسطينية لافتتاح المصلى لاقت استهجانًا إسرائيليًا، وصاحبتها اقتحامات لباحات الأقصى من قطعان المستوطنين وكبار الحاخامات، الفلسطينيون لم يبالوا لرفض الاحتلال بل بادر عدد منهم إلى نقل قطع من السجاد والحُصُر إلى المصلى في رسالة موجهة للكيان الصهيوني دلالتها أن هذا المكان جاهز لاستقبال المصلين بشكل دائم.

اتهامات الشرطة والشاباك
في الوقت الذي تحاول فيه سلطات الاحتلال إحباط الخطوات الفلسطينية، حذرت مصادر في أجهزة الأمن الإسرائيلية من أن اقتحام المصلين الفلسطينيين لمبنى "باب الرحمة" في الحرم القدسي يمكن أن يؤدي إلى تصعيد واسع يمتد من القدس الشرقية إلى كافة أرجاء الضفة الغربي.

وانتقدت ذات المصادر سلوك جهاز "الشاباك" في هذه القضية، وقالوا إنهم يقدرون بأنه تم التخطيط للاقتحام منذ فترة طويلة دون أي إزعاج، كما اتهمت ذات المصادر الشرطة التي اعتقلت النشطاء بأنها لم تستعد بقوات معززة لمنع دخول المبنى، وبذلك أتاحت إنشاء مسجد آخر في الحرم ولن يتمكنوا الآن من إخلائه دون أن يؤثر ذلك على الوضع الأمني في المنطقة، وفي هذه الأثناء يتبادل جهاز "الشاباك" والشرطة الاتهام في المسئولية عن تسلسل الأوضاع؟

ويعتقدون في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الآن أن الأحداث التي أدت إلى الاقتحام بدأت منذ أكثر من أسبوعين، عندما سمح الأردن بتوسيع مجلس الأوقاف من 11 عضوًا إلى 18.

حالة إرباك
وفي المقابل يسعى قطعان المستوطنين إلى عمل حالة إرباك في الأقصى بالتزامن مع الخطوة الفلسطينية، من خلال تكثيف الاقتحامات للحرم القدسي، واقتحم الحاخام اليهودي المتطرف يهودا جليك أمس الأربعاء المسجد الأقصى المبارك على رأس مجموعة من المستوطنين المتطرفين، وسبقه اقتحام وزير الزراعة الإسرائيلي أوري أرئيل، أول أمس الثلاثاء، في اقتحام تم التخطيط لها مسبقًا بحسب الإعلام الإسرائيلي، وقامت عناصر من الوحدات الخاصة بالاستنفار في ساحات الحرم من جهة باب المغاربة وإبعاد الفلسطينيين لتوفير الحراسة والحماية لأرئيل ولعشرات المستوطنين، الذين قاموا بجولة استفزازية في ساحات الأقصى وقبالة ساحة باب الرحمة.

نتنياهو يتوعد
في المقابل توعد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الفلسطينينن، وأمر بإخلاء المعدات من موقع مصلى باب الرحمة، وأمر بعدم السماح بالصلاة فيه، مضيفا أنه لن يقوم مسجد آخر على ما أسماه "جبل الهيكل" أي الحرم القدسي الشريف، وقال نتنياهو: إنه لن تسمح القيادة السياسية بتحويل المكان إلى مسجد، وتم نقل هذا التوجيه إلى الشرطة وإرسال هذه الرسالة إلى السلطات في الميدان وكذلك إلى الأردن، كما أمر نتنياهو وزير الأمن الداخلي بإخلاء السجاد والمعدات من الموقع.
الجريدة الرسمية