رئيس التحرير
عصام كامل

محمد فودة يكتب: أحاديث الخلود

محمد فودة
محمد فودة

استوقفني قول الحق سبحانه وتعالى: "وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ۖ قَالُوا نَعَمْ ۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" الآية ٤٤ من سورة الأعراف، وتوقفت مفكرا عن طبيعة المنادة والحوار الذي دار بين الجانبين، أهل الجنة وأهل النار، فمعرف أن موقع الجنة في السماء السابعة، وجهنم تحت الأرض السابعة.. إذا كيف يتحدث هؤلاء إلى هؤلاء على الرغم من المسافات بين الجانبين وما هي اللغة التي يتحدثون بها؟؟!


ففي البداية ينبغي علينا التأكيد أن الجنة والنار هي من الأمور الغيبية التي يجب علينا الإيمان فالجنة والنار موجودتان الآن والأدلة كثيرة ومتعددة بالكتاب والسنة.

أما عن الكيفية التي ستدور بها الحوار فيقول سيدنا ابن عباس، رضي الله عنه: إن الحديث سيكون من خلال سور بين أهل الجنة والنار، فيفتح لأهل الجنة أبواب، فينظرون وهم على السُّرر إلى أهل النار كيف يعذّبون، فيضحكون منهم، ويكون ذلك مما أقرّ الله تعالى به أعينهم، كيف ينتقم الله تعالى منهم وتدور الأحاديث من خلال ذلك السور الذي يفتحه الله تعالى ومنهم من قال عن طريق الملائكة، وهي كلها اجتهادات.

لكن المؤكد أيضا أن طبيعة الحياة الدنيا بكل ما فيها لا يمكن أن تكون مقياس لما سيكون في يوم القيامة.

غير أن الحديث لن يكون قاصرا على الطرفين أهل النار والجنة فقط، فهناك حديث بين أهل النار مع بعضهم البعض.. قال تعالى: "إِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ" سورة غافر الآية ٤٧. 

وحديث أهل النار مع خزنة جهنم قال تعالى: "وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ" سورة غافر الآية ٤٩.

وحديث خزنة الجنة لأهل الجنة حال دخولهم.. قال تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ" سورة الزمر الآية ٧٣.

وما يقوله المجرمون عند الوقوف بين يدي الله تعالى: وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ" السجدة الآية ١٢. 

وكلام الله جل وعلا لأهل الجنة.. قال تعالى: "إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ" سورة يس.

وقال تعالى: "تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ".

وروي عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ".

وقال أحد السلف: إذا أردت أن يكلمك الله تعالى فعليك بقراءة القرآن وإذا أردت أن تكلم الله تعالى فعليك بالدعاء وإذا أردت أن تكلم الله تعالى ويكلمك فعليك بالصلاة.

أما عن اللغة فلا يوجد نص مؤكد يشير إلى لغة معينة يوم القيامة وإن كان هناك اجتهادات تقول إن اللغة العربية هي لغة أهل الجنة.
الجريدة الرسمية