رئيس التحرير
عصام كامل

مستقبل فضائية «خوارج الإخوان».. تخوف من كشف القناة الجديدة لكشوف البركة والتمويلات وأعمدة السبوبة من قيادات الجماعة.. ورءوس مجموعة التمرد في «عصيان إسطنبول» أهم المؤسسين

الإخوان المسلمين
الإخوان المسلمين

«وداوني بالتي كانت هي الداء».. كثيرا ما كان الإعلام واحدًا من الآليات المهمة التي تتقن جماعة الإخوان -المصنفة إرهابية- اللعب بها جيدًا، سواء في تشويه خصومها، أو تأديب المارقين من صفوفها، وقد شهدت السنوات القليلة الماضية إطلاق العديد من القنوات الفضائية التي تروج أكاذيب الجماعة، وتستخدمها الأخيرة فيما يمكن وصفه بـ«كلب الحراسة» الذي تطلقه على كل من يخالفها الرأي.


الخلافات التي دبت بين قيادات «أمراء الإرهاب» في تركيا، على خلفية الأطماع في الحصول على أكبر قدر ممكن من أموال الدعم المشبوه الذي تقدمه بعض الكيانات والأنظمة السياسية التي تدين الجماعة لها بالولاء، كانت سببًا رئيسيًا في نشوب حرب داخل صفوف الجماعة يمكن وصفها بـ«معركة خارج كتالوج الأخلاق».

مستقل
فضائية «مستقل» الجديدة المنتظر إطلاقها خلال الفترة المقبلة كانت الطرف الأول في المعركة «الإخوانية– الإخوانية»، لا سيما أن القائمين عليها من الإعلاميين المفصولين عن قناة الشرق الإخوانية، بدعم من الناقمين على المشهد الإعلامي في إسطنبول، وهذه أسباب كافية لفهم إعاقة إطلاقها، بسبب كم الشائعات حولها، والتشويه المتعمد من كل المحيطين بها المذعورين من أجندتها التحريرية التي ستفضح حتمًا ملفات الإخوان السرية، وثقافة السبوبة المستشرية في الإعلام الإخواني، والصراعات المؤسفة الحاكمة للمشهد السياسي والإعلامي على حد سواء.

البداية
فكرة القناة بدأت في التداول منذ أشهر بين صفوف بعض الناقمين على انتهازية الجماعة، وإصابة قيادات الإخوان القابضة على الملف الإعلامي بحالة من السعار، تجعلهم يرفضون أي كلمة تعارض سياستهم، وتضييقهم الخناق على كل من تسول له نفسه الوقوف أمامهم باتفاقات سرية مشبوهة مع جميع الفضائيات الإخوانية، تضمن بموجبها التنكيل الشديد بكل خارج على وحدة الصف ــ بين قوسين ــ أي متمرد على دوره وحجم ما يتلقاه من مال ونفوذ، وبموجب هذا الاتفاق، يخرج أي معارض للسياسات الحاكمة للملف الإعلامي في إسطنبول من جنة الجماعة، ويمنع تواجده كليا في جميع وسائل الإعلام المرئي والمكتوب المملوك للتنظيم، من أمام أو خلف الستار.

أيمن نور
بحسب مصادر، يشارك في تأسيس القناة الجديدة رءوس مجموعة التمرد التي قادت عصيان إسطنبول ضد سياسات الجماعة وحليفها الأبرز «أيمن نور»، وخاصة المجموعة التي تصر على إظهار الوجه القبيح لانتهازية الإخوان حتى أقرب المقربين لها، وفضحت ما جرى لها بسبب ميثاق سري من مخلفات النازية، جرى تفعيله بين فضائيات ووسائل إعلام إسطنبول، وبموجبه يرفض تعيين الأفراد الذين أثاروا أزمات بالقنوات، وتركوا عملهم تحت أي ظرف، حتى لو كانت لهم مظلمة حقيقية، كما حدث مع إعلامي الشرق.

ويحاول بعض قيادات «مستقل» النفي بشكل قاطع تعرض مشروعهم الجديد للإخوان أو تفرغه لنقد القيادات والتنظيم، ويتلاعب بعضهم بالكلمات للهروب من كمين الشائعات، والحرب النفسية التي يتبعها قيادات الإخوان لملاحقة القناة الوليدة، وإجهاض مشروعها، ويؤكدون اتباعهم الموضوعية الكاملة إذا ما جرى التعرض بأي نقد لسياسات الإخوان، إلا أن منشوراتهم اليومية الناقمة على الجماعة، و«تجريس» رموزها تنفي هذه المزاعم، وتثبت أن السياسة الشمولية للجماعة، التي تخالف أي أعراف مهنية أو سياسية أو أخلاقية، ويستفيد منها القائمون على الإعلام الإخواني، في توسيع دوائر نفوذهم، وزيادة أرصدتهم من الثروات في البنوك، ستكون أرضية تبنى عليها الأجندة التحريرية للقناة.

4 ملفات
وبشكل واضح هناك أربعة ملفات تخشى قيادات الجماعة الاقتراب منها، وتسعى بكل قوة لإيقاف القناة الجديدة تحسبا لتنوير الرأي العام المؤيد للجماعة، أولها حقيقة المظالم الدامية التي تعرض لها كل من عمل في فضائيات إعلام التنظيم منذ فض رابعة وحتى الآن، وكيف تعرض شباب مطاردون من بلادهم انزلقوا خلف سراب الإخوان لمظالم أشد بشاعة مما توهموها في مصر، واستئثار قلة من نجوم الملف من جميع التوجهات السياسية والذين يعملون ذيولا للجماعة بأموال التمويل، كما حدث في أزمة قناة الشرق التي لا تزال مشتعلة حتى الآن.

كما تخاف جماعة الإخوان من إشعال القناة الجديدة السخط على القيادات التاريخية لصالح جبهة المعارضة الأخرى، التي تتحيز الفرص وتنتظر في كمون، حتى تحين اللحظة الفارقة للانقضاض على الكبار وسحب التنظيم إلى منطقة أكثر تطرفا فتتسبب في خلخلة الملف، وإشاعة حالة من التنمر على سياسات الإخوان، والبعض يتزيد في مخاوفه، ويرى أن القناة وبسبب عدم القدرة على التحكم في أفرادها ستكون منبرا مفتوحا لدعاة هدم فكرة الجماعة، والتحول بشكل كامل إلى ممارسة السياسة فقط دون الدعوة، كما سارت إخوان تونس وقبلها تركيا، وتبعهم بعض جيوب التنظيم.

بجانب ما سبق هناك حالة من الرعب من مجرد حديث القناة الجديدة عن أسماء قيادات كبرى ودورها المشبوه في الخارج، بداية من الاستفادة من الصراع الذي افتعلته الجماعة مع الدولة المصرية، وجنت من خلفه ثروات ومكاسب مادية كبيرة، فضلا عن الحديث بشكل مباشر عن دول ترعى الإخوان، ولكنها تعادي ثورات الربيع العربي بسبب محاولاتها الدائمة تصعيد الجماعة على كتف الجميع، ولاسيما أن بعض الإعلاميين المطاردين من قناة الشرق والمؤسسين لمستقل حاليا يلمحون بشكل مباشر أن هذه الدول جزء من الثورة المضادة على الدول العربية وخاصة الدولة المصرية، ويتهمون «قطر» دون مواربة، ويعتبرونها خلف مؤامرة كبرى تهدف لإرباك مصر، سياسيا واقتصاديًا، وهي اتهامات تخرج لأول مرة من إعلام ينطق بلسان إخواني وديني، مهما كانت مرجعية صاحبة، ودرجة اختلافه مع الجماعة الأم وقيادتها وسياساتها.

فواتير الفعاليات السياسية
الملف الأبرز الذي تتوقع الجماعة فتحه على مصراعيه في القناة الجديدة، فواتير الفعاليات السياسية التي تنطلق بشكل شبه دوري لجميع الأحداث السياسية، وكيفية التربح من خلفها بآلاف الدولارات، رغم الفشل الإستراتيجي وعدم جدواها وإدارتها بأساليب الهتيفة المؤجرين على طريقة الحزب الوطني لإشغال أجندة هذه الفعاليات دون إيجابية واحدة تذكر، في الوقت الذي تحقق فيه الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة نجاحات على جميع المستويات، رغم حملات تشويه كبرى تشترك فيها جهات دولية وتدفع لها ملايين الدولارات، بجانب كشوف البركة التي تصرف على شركات الترافيك، وتتلاعب في معدلات المشاهدة لقنوات الإخوان، وتنشر حولها أرقاما فاضحة، تستهدف تزييف الوعي، وإلهاب حماس المتابعين والممولين على السواء لضخ المزيد من الأموال.

إدمان المصالح
من جانبه يرى محمد دحروج، الداعية الإسلامي، والباحث في شئون الجماعات الإسلامية أن التنظيم «مدمن مصالح»، وهي ثقافة أورطت قياداته خلال الفترات الماضية في الأكثر من الممارسات التي كانوا ينتقدونها، بداية من التورط مع أيمن نور والتوحد معه في مصير واحد، وتصفية خصومه معنويا وإذلالهم، من أجل تبادل المصالح والحفاظ على مملكته الوهمية في قناة الشرق، مقابل تصرفات مماثلة تعظم من سيطرة الإخوان دون غيرهم على الملف، ويوضح «دحروج» أن «الجماعة لا تعترف بأي قيم إلا قيمة الولاء والطاعة العمياء، وهذا أيضا ليس غريبا على جماعة دفعت بشبابها إلى صدام غير محسوب مع الدولة، متوقعا أن تفضح القناة الجديدة الكثير من الممارسات المخالفة لقيادات الإخوان التي تتصور أنه لم يعد هناك من يحاسبها، لذا تضغط بكل قوة لكي تخفف من قبة أي رقابة عليها، سواء إعلامية أو قانونية أو سياسية، أو أخلاقية.

"نقلا عن العدد الورقي...".
الجريدة الرسمية