عندما يسود الجهل!
"لعنة الله على الديمقراطية التي تتحدثون بها"، "تلك النخبة تنعم بأموال الخارج ولا تشغل بالها بهموم المواطنين"، "على كافة أصحاب السبوبة والمرتزقة وأصحاب الأجندات الخاصة أن يستوعبوا الدرس"، "لا مكان لكم على أرض الوطن".
كانت تلك التصريحات العنصرية البغيضة التي تعمق جذور الانقسام والفرقة في المجتمع، وتمثل في نفس الوقت قمة الجهل السياسي، وعدم الإلمام بمعايير وأصول ومبادئ ثقافة الاختلاف، ورمى الناس بالباطل دون أي حجة أو دليل، هي مع الأسف ما تفوه به أحد أعضاء مجلس النواب تجاه زملائه، الذين صوتوا برأى مخالف لرأيه، في أحد الموضوعات المطروحة للنقاش داخل المجلس في نهاية الأسبوع الماضى..
وأنا بالطبع لا ألوم هذا النائب على ما صدر منه من عبارات متبجحة، تفتقد حتى للحد الأدنى من السلوك الفكرى والثقافى الواعى والمستنير الذي يجب أن يتمتع به من ينوب عن الشعب المصرى العظيم، في تشريع ورقابة جميع همومه وقضاياه، لأنه سبق أن قام هو نفسه منذ عامين برفض الخضوع لقواعد وإجراءات التفتيش المتبعة في مطار شرم الشيخ الدولى..
على الرغم من معرفته التامة بأنه لا يمكن أبدًا أن يخالف هذه القواعد والإجراءات في أي مطار آخر خارج حدود بلادنا الغالية، ولكن ألوم كل اللوم على السيد رئيس المجلس الذي أطلع بالتأكيد على تلك التصريحات التي تحتوى على مدلولات خطيرة، ولم يتخذ الإجراءات والتدابير التصحيحية العلنية اللازمة، التي نضمن بها عدم تكرار مثل هذا التجاوز الفكرى والسلوكى في المستقبل..
ولكى تكون في نفس الوقت درسًا مستفادًا للجميع (أعضاء، ومواطنين)، كما ألوم أيضًا نظامنا الانتخابى النيابى الحالى الذي ثبت لنا بالدليل القاطع أنه يحتاج إلى تغيير جذرى حقيقى مبنى على أسس سليمة، لكى يكون المجلس النيابى القادم بقدر آمال وطموحات جموع المصريين بإذن الله.. والله من وراء القصد.