رئيس التحرير
عصام كامل

بالمستندات.. وقائع إذلال ذوي الإعاقة في «القومسيون الطبي».. «التضامن» توقف صرف معاشاتهم.. متضررون: نواجه تعنتا واضحا من الموظفين.. والوزارة: الفلترة أمر حتمي لوجود تقارير طبية مزور

فيتو

في نهاية أغسطس من العام الماضي لوحت الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، بوقف صرف المعاشات الخاصة بأصحاب العجز الجسدي، مؤكدة أنه في إطار تدقيق البيانات وترشيد الموارد الحكومية، والحرص على وصول الدعم لمستحقيه، سوف تبدأ الوزارة عمليات مراجعة جميع الأسر التي تحصل على معاشات ضمانية ميدانيًا، وإعادة البحث الاجتماعي لها بنفس المنهجية التي يقوم عليها برنامج "تكافل وكرامة"، حتى يتم التعامل مع كافة الفئات المتقدمة للحصول على الدعم في إطار الإنصاف والعدالة.


78 مليون جنيه
"والي" أكدت أن استبعاد غير المستحقين من معاشات الضمان الاجتماعي يوفر 78 مليون جنيه، وأن فئة ذات الإعاقات البسيطة أبرز المستبعدين، وفى إطار المراجعات أوقفت وزارة التضامن صرف معاشات جميع فئات ذوي الإعاقات، وطلبت من مستحقي المعاشات من ذوي الإعاقة إعادة الكشف الطبي أمام القومسيون لتحديد مدى أحقيتهم لصرف المعاش من عدمه، وفي محافظة المنيا اصطفت طوابير من أصحاب العجز أمام مكاتب التضامن الاجتماعي بمراكز المحافظة التسع، منهم من يحمل عكازا وآخرون جلوس على مقاعد المعاقين، وكبار السن تتعالى أصواتهم جالسين على أرضيات مكاتب التضامن يصرخون: «حرام عليكم مش هنلاقي نأكل عيالنا». 

الكشف الطبي
مع بدء عمليات الكشف الطبي المميكن، والتي استهدفت استبعاد فئات ذات الإعاقات البسيطة والتي لا تمنعهم عن العمل، أو هؤلاء الذين استخرجوا تقارير طبية غير حقيقية للتحايل والحصول على دعم نقدي تم استبعاد الكثير من المتضررين الذين أكدوا بحسب شكاوى أن القومسيون الطبي استبعد الكثير من أصحاب حالات العجز الواضحة من قوائم المستحقين للمعاش في إطار عمليات تحديث البيانات.

«والله فيه ظلم.. أقسم بالله ما فيه حد مهتم بالتقارير الطبية في القومسيون الطبي في المنيا.. تعبنا والله»، عبارات خرجت بصوت يكسوه الحزن والحسرة من ناصر سيد، الرجل الأربعيني، الذي بدأ يروى مأساته لـ"فيتو"، قائلًا: «أعاني من كسر مضاعف في القدم اليسرى، تسبب بوجود عجز كامل في القدم ونسبة العجز 60%، ناهيك عن إجراء عمليات ترقيع، بعدما أدى الكسر إلى تشوه كامل في القدم، الأمر الذي اضطرني لاستخدام «عكاز» أثناء السير.

وفي البداية، أكرمني الله تعالى، وأصبحت من ضمن أصحاب معاشات فئة «ذات الإعاقة»، بعد إخضاعي لعدة فحوصات طبية وعرضي على اللجان الطبية المتخصصة التي أقرتها وزارة التضامن الاجتماعي، والتي أثبتت استحقاقي لمعاش اجتماعي لعدم قدرتي نهائيًا على العمل، وبعد رحلة معاناة كبيرة، فوجئت بوقف «فيزا» الصرف الخاصة بالمعاش، وعندما توجهت إلى مكتب التضامن الاجتماعي، اتضح لي أن جميع أصحاب الفيزا الخاصة بفئة ذات الإعاقة، توقفت، وكانت إجابة مدير التضامن الاجتماعي: «قدم على القومسيون الطبي اللي في منطقة المنيا الجديدة على الإنترنت، لحجز موعد للعرض على لجنة طبية تانى لبيان نسبة العجز».

واستطرد ناصر: «قمت بحجز موعد في القومسيون الطبي في أحد المكاتب الخاصة بالإنترنت، مع اشتراطهم أن أقوم بجلب تقارير طبية حديثة من مستشفيات حكومية بحالتي تثبت نسبة العجز، وبالفعل توجهت إلى مستشفى المنيا الجامعي، وقمت بعمل العديد من الفحوصات الطبية التي أقرتها لجنة القومسيون الطبي، وتوجهت إلى مدينة المنيا الجديدة التي تبعد عن قريتي نحو 60 كيلو مترا، أنهكتني ماديًا وجسديًا، وانتظرت في طابور طويل، بين عدد كبير من أصحاب العاهات، منَّا من كان يعانى من شلل، وآخرون يعانون من فقدان أطرافهم، ومنا من كان جالسًا على الأرصفة لعدم قدرته على الوقوف لتعرضه لعمليات جراحية منتظرين العرض على اللجنة الطبية».
 وأضاف: المعروف لدى الجميع أن اللجنة تقوم بإجراء الكشف على الحالة، والنظر إلى التقارير والفحوصات الطبية، وتبدأ تدوين تقاريرها عن استحقاق الحالة من عدمه، لكن فوجئنا فور بدء عمل اللجنة، أنها لم تسأل إلا سؤالا واحدًا: "اسمك إيه ؟!، روح اعمل تظلم في أسيوط «دون النظر إلى أي تقارير طبية أو إجراء الكشف على أي حالة»، ناهيك عن المعاملة غير الآدمية من قبل أطباء اللجان المتخصصة».

معاناة محمود
أما محمود سيد متولي، الشاب العشريني فوصف معاناته، قائلًا: "منذ أكثر من عام تقريبًا تقدمت لعرض حالتي على القومسيون الطبي في المنيا، لوجود عجز كامل في يدي اليسرى، لكي أحصل على مساعدات التضامن الاجتماعي، العجز واضح، ولا يحتاج إلى أي كشف طبي، وعلى الرغم من ذلك خضعت لفحوصات طبية وتقدمت للجنة، وبعد عرضي على القومسيون الطبي، لم تظهر نتيجة قبولي حتى الآن، وعندما أتوجه إلى القومسيون في محاولة مني للسؤال عن آخر التطورات، يكون الرد: جار البحث، تقدمت بتظلم إلى القومسيون الطبي بأسيوط، واتضح أنه أسوأ من المنيا في عدم الاهتمام، وأنا الآن دون أي معاش اجتماعي ودون عمل، ولا أستطيع أن أقوم بالصرف على أسرتي".

شهادة تأهيل
وعلى جانب آخر، يقول أحمد خلف أحمد، أحد المتضررين: "أحمل شهادة تأهيل صادرة من مكتب التأهيل الاجتماعي للمعاقين صادرة طبقًا للمادة 7 من قانون رقم 39 لسنة 2005، مدونًا بها أنني أعاني من شلل أطفال بالطرف السفلى الأيسر، إعاقة حركية، بعيدًا عن أن الإعاقة واضحة ولا تحتاج إلى أي فحوصات طبية أو تقارير طبية أو عرضي على القومسيون الطبي، فعند عرضي على لجنة القومسيون الطبي بالمنيا الجديدة كان ردهم: «ما انت زى الفل أهو.. اطلع اعمل تظلم على أسيوط!!»، انتابني الذهول لأكثر من دقيقة وأنا أنظر إلى طبيب اللجنة، وبعدها رددت: "حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم.. لا أستطيع أن أصف كم الاستهزاء الذي نتعامل به من قبل تلك اللجان، وتوجهت إلى القومسيون الطبي بأسيوط، فأمرني بالعودة إلى القومسيون الطبي للمنيا، ومن أسيوط للمنيا يا قلبي لا تحزن".

شهادات مزورة
وفي هذا الصدد، قال أحمد عبيد، وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بالمنيا: إن السبب الرئيسي وراء وقف بطاقات معاشات ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يعانون من نسبة عجز وجود عدد كبير منهم قاموا بتقديم شهادات طبية مزورة للقومسيون الطبي الذي كان في بداية الأمر بالمراكز الطبية لكل مركز؛ الأمر الذي أدى إلى دخول عدد كبير ممن يعانون من إصابات طفيفة وخفيفة لا تستوجب ضمهم إلى تلك المعاشات، ناهيك عن أنه تم توحيد تواجد لجنة القومسيون الطبي في مكان واحد فقط، وهو مدينة المنيا الجديدة، وإلغاء كافة اللجان الطبية الكائنة بكل محافظة.
 وأضاف: "عملية الفلترة كانت واجبة التنفيذ لإعطاء كل ذي حق حقه، أما عن قضية التعسف التي يواجهها أصحاب نسبة العجز داخل القومسيون الطبي بالمنيا، فهو لا دخل لنا به كتضامن اجتماعي، ولكن في ذات الوقت سيتم التنسيق مع الدكتورة أمنية رجب، وكيل وزارة الصحة بالمنيا، في محاولة منا لمراجعة معظم أوراق المتقدمين من أصحاب نسبة العجز، ولكن من لديه السلطة والمراقبة على القومسيون الطبي اللجان الطبية المتخصصة فقط".

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية