«مستقبل وطن» يعد دراسة حول قرار البنك المركزي بخفض سعر الفائدة
أعد مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية لحزب مستقبل وطن، دراسة حول قرار البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة، مستهدفة تحليل دوافع وتداعيات هذا القرار.
واستعرضت الدراسة، قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، في اجتماعها الدوري يوم الخميس الماضي، خفض كل من سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 15.75%، و16.75%، و16.25% على الترتيب، وخفض سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 16.25%، وهو ما جاء مخالفًا لتوقعات العديد من الخبراء الاقتصاديين الذين استبعدوا الخفض في التوقيت الحالي مع توقعات خفض دعم الوقود في منتصف عام 2019، مما يعني عودة مؤشرات التضخم نحو الزيادة، وربما حاجة المركزي لاحتوائه مجددًا، ولكن لا شك أن خفض الفائدة له مردود إيجابي على قنوات التمويل المصرفي وغير المصرفي.
وتناولت الدراسة، أسباب خفض البنك المركزي لسعر الفائدة، مشيرة إلى أنه لتحجيم الموجة القياسية من ارتفاعات الأسعار التي صاحبت قرار تحرير سعر صرف العملة المحلية في نوفمبر 2016 اتبع البنك المركزي سياسة نقدية انكماشية استهدفت خفض معدلات التضخم عن طريق سحب السيولة النقدية من أيدي المستهلكين نحو خزائن الجهاز المصرفي، فقد قام البنك المركزي في نوفمبر 2016 برفع سعري الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الأساسية، وكذلك سعر الائتمان والخصم بنحو 300 نقطة أساس "3%"، حيث أصبح سعر الائتمان والخصم والعملية الأساسية نحو 15.25%، ولكن في ظل العديد من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة والهادفة إلى الرفع التدريجي للدعم عن المنتجات البترولية والكهرباء والمياه، لم يكن معدل الفائدة وقتذاك كافيًا لخفض معدلات التضخم التي واصلت الارتفاع، حتى وصل معدل التضخم السنوي العام إلى 31.4% في أبريل 2017، ليعلن البنك المركزي في 21 مايو 2017 تبني سياسة استهداف التضخم وخفض مُعدله إلى 13% في نهاية عام 2018، وتقرر في ذات اليوم رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 200 نقطة أساس أي بنسبة 2% ليصل إلى 16.75 و17.75 على الترتيب، ورفع سعر العملية الرئيسة للبنك المركزي (ربط ودائع البنوك لديه) بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 17.25%، وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس أيضًا، ليصل إلى 17.25%.
ورصدت الدراسة، تداعيات خفض البنك المركزي لسعر الفائدة، معتبرة أن استخدام السياسة النقدية التقييدية هو سلاح ذو حدين، ففي ظل دورها في سحب السيولة النقدية من الأسواق التي تعاني من موجات تضخمية، مما يقلل الإقبال على الشراء، وبالتالي يؤدي انخفاض الطلب إلى خفض الأسعار، وفقًا لنظرية العرض والطلب. وبالرغم من اختلاف العديد من المختصين في تفسير أسباب الموجة التضخمية في السوق المصرية وإرجاعها إلى تأثير عوامل العرض وليس ارتفاع الطلب، فإنه على كل الأحوال قد أتت تلك السياسة بثمارها، وظهر ذلك في تراجعات مُعدلات التضخم، لذا كان التحول في هذه المرحلة نحو السياسة النقدية التوسعية، والتي تحمل العديد من التداعيات، أبرزها تخفيف أعباء الدين المحلي، وتخفيف عبء الإقراض على المُستثمرين، وإنعاش سوق التمويل غير المصرفي "البورصة".
ووضعت الدراسة، ملاحظات ختامية وتوصيات، حيث أنه أمام تباطؤ وتيرة كل من نمو الاقتصاد العالمى والتقييد في الأوضاع المالية العالمية، وتداعيات التوترات التجارية على آفاق الاقتصاد العالمى، تتسارع دول العَالَم، ولاسيما النامية والناشئة منها على استقطاب الاستثمارات الأجنبية التي لا ترى اقتصادات الدول المتقدمة سوقًا واعدًا في تلك الفترة، حيث أشار تقرير الاستثمار العَالَمي 2018، الصادر عن الأونكتاد، إلى انخفاض التدفقات العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 23% في عام 2017، إلى 1.43 تريليون دولار من 1.87 تريليون دولار في عام 2016، كما تنخَفض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر انخفاضًا حادًا في الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية بينما تظل تدفقات الاقتصادات النامية مستقرة، ونتيجةً لذلك استأثرت الاقتصادات النامية بنصيب متزايد من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية في عام 2017، حيث استوعبت 47% من المجموع، مقارنةً بنسبة 36% في عام 2016.
وفى ضوء هذا الوضع، من الضروري أن تستمر السياسات النقدية المصرية نحو مزيد من الخفض في أسعار الفائدة بما يمكنها من امتلاك ميزة نسبية من حيث تكلفة التمويل من الاقتصادات النامية المنافسة لها في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، خاصةً وأن مِصر كانت ضمن أكبر عشر دول على مستوى العالم في مُعدلات أسعار الفَائِدة قبل الخَفض الأخير لأسعار الفَائِدة.