رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية 8 ساعات رعب قضاها سكان الدرب الأحمر (صور)

فيتو

كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة والنصف مساءً، شوارع منطقة الكحكيين بالدرب الأحمر يكسوها الهدوء، مجموعة من رجال الشرطة تترصد على أعتاب الحارة في أقصى اليمين والأخرى في أقصى اليسار، الجميع في حالة استعداد وكأنهم يتربصون لاصطياد فريستهم.



أثناء خروج شاب من إحدى المنازل، حاملًا حقيبة على ظهره، ومرتديًا خوذته، وبجواره دراجته الهوائية، تمر سيدة حاملة أكياس طعام، فور انطلاقه بدراجته سارع رجال الأمن للإمساك وقع انفجار هز العقارات المجاورة، ومن شدته انهارت 3 شرفات منزله.


عقب وقوع الانفجار بثوان، أصبحت الحارة عبارة عن أشلاء ودماء متناثرة، وسكانها في حالة هلع وفزع، الجميع يركض ولا يدري إلى أين يتجه، وبدت الصرخات تعم أرجاء المكان.


علت أصوات سارينة الإسعاف والشرطة سماء المنطقة، وبدأت المجموعة الأخرى في نقل أصدقائهم الضحايا، والذين كان منهم ضابط شرطة في حالة حرجة.

يسرد الحاج "سيد" 62 عاما، أحد سكان المنطقة، تفاصيل الواقعة بكل حزن وقال: "أثناء وقوع الانفجار كنت نائمًا بداخل منزلي، الكائن بالقرب من مكان الحادث، فسمعت دوى انفجار، للوهلة الأولى ظننت أنه انفجار أنبوبة بالطابق العلوى، فهرعت خارج المنزل خوفًا من أن سقوط المنزل عليٌ، وأول ما خرجت لقيت صراخ وناس بتجري ومش سامع غير كلمة إلحقونا إلحقونا».


ويستطرد حديثه: « توجهت لمكان الانفجار وفوجئت بأشلاء متناثرة لضحايا في كل مكان، وأثناء إسعاف الضحايا وجدت عدة أشخاص داخل محل فذهبت نحوهم لأرى ماذا يفعلون، فوجدت شاشه كاميرا المراقبة التي رصدت لحظة الانفجار، وصرخت في ذهول مرددًا: «دا واد عبدالله العراقي اللى فجر نفسه».


بدأ صاحب الـ62 عاما يكشف عن تفاصيل أكثر عن الإرهابي وكيف سلك طريق التطريف، وقال إن والده كان يعمل طبيب جراحة في منزل العائلة، وبعد فترة تزوج من الفتاة التي كانت تعمل «تمرجيه» معه، وظل متواجدا مع نجليه حتى سافر لأمريكا منذ عشرة سنوات ولم يعد إليهم، وكان يرسل لهم دائمًا مبالغ مالية وأموالا توضع صدقة لأحد المساجد وتوزع على الفقراء.


وتابع: بعد سفر والده، سلم الانتحاري عقله لإحدى الجماعات المتطرفة، وبدا ذلك واضحًا في معاملتهم معنا كجيران وأصبح حالهم كالأغراب لايتعاملون مع أحد من أهالي المنطقة، مضيفًا: «حتى السلام بتاع ربنا مكنوش بيقولوه لحد، ولم نكن نتوقع منهم الانضمام لجماعات إرهابية».


وأردف: في الساعة العاشرة منتصف الليل استشهد ضابط الأمن الوطنى متأثرًا بإصابته وأصبح محيط الانفجار ثكنة عسكرية يخيم عليها اللون الأسود، وأثناء تمشيط رجال المفرقعات للمنطقة عُثر على جسم غريب داخل شقة الإرهابي ليثير الذعر من جديد، وتم التعامل معها وإبطال مفعولها".


وأضاف الحاج "سيد": «بعد آذان الفجر انتشل رجال الإسعاف أشلاء الضحايا والإرهابي، وتم رفع الكردون الأمني، وخيم الحزن على نواحي المنطقة مع نسمات يوم جديد»، مضيفًا: «المفروض أي حد يشتبه في شخص يبلغ الشرطة فورًا، والمستأجر يعمل فيش وتشبيه ويسلمه مع عقد الإيجار للمؤجر، وعقد آخر بين طرف ثالث مع الشرطة، قائلا: «الإجراءات دى لازم تطبق في أسرع وقت خاصة في مثل هذه الأماكن السياحية».


تعود تفاصيل الواقعة بتكثيف أجهزة وزارة الداخلية البحث عن مرتكب واقعة إلقاء عبوة بدائية لاستهداف قول أمني أمام مسجد الاستقامة بالجيزة عقب صلاة الجمعة 15 فبراير.

وأسفرت عمليات البحث والتتبع لخط سير مرتكب الواقعة عن تحديد مكان تواجده بحارة الدرديرى بالدرب الأحمر.

وقامت قوات الأمن بمحاصرته، وحال ضبطه والسيطرة عليه انفجرت إحدى العبوات الناسفة التي كانت بحوزته مما أسفر عن مصرع الإرهابي واستشهاد أميني شرطة وضابط وإصابة ضابطين آخرين.

شملت قائمة الشهداء: المقدم رامي هلال بقطاع الأمن الوطنى، وأمين الشرطة محمود أبو زيد وأمين شرطة آخر.
الجريدة الرسمية