المسلسل الوحيد عن الشهداء!
بعد انتهاء حرب أكتوبر بسنوات ورغم أني كنت طفلا صغيرا لكن أتذكر مسلسلا عن بطولات حرب أكتوبر.. كان عملا منفصلا متصلا بمعنى أنه عن شهداء الحرب المجيدة، لكن كل يوم قصة مختلفة تركت أثرها في طفل صغير وقتها، وإلى اليوم في حب الوطن وإدراك معناه ومعنى التضحية!
كان التليفزيون المصري بعنفوانه حتى لو اختلفت التوجهات، لكن كانت الكوادر المهمة موجودة ومؤسس المنظومة كلها الدكتور عبد القادر حاتم على قيد الحياة، وتلاميذه ومن اعتمد عليهم في كل مكان بالمبنى العظيم، وقبل انهيار معايير الانضمام لمؤسسة الإعلام المصري التي تحولت إلى الاختيار بالواسطة وبتوصيات نواب البرلمان واتصالات الوزراء وكروت المتنفذين الكبار في كل مكان، حتى ضم المبنى أنصاف وأرباع الموهوبين ووصل إلى ما وصل إليه، ولم يُظلم من ذلك إلا الموهوبون الحقيقيون بداخله!
تمر الأيام ويواجه جيشنا وشرطتنا وشعبنا كله حربا جديدة.. ويقدمون تضحيات عزيزة وغالية وطاهرة.. تحتاج بكل فخر إلى تحويل قصص أبطالها إلى أعمال درامية، لكن كانت المعادلة تقول: إن التليفزيون لا إمكانيات عنده لينتج كما كان ينتج، ولا القطاع الخاص يعنيه الأمر إذ لا يعنيه إلا الربح بعد أن انتهى زمن المنتجين الوطنيين، "آسيا" و"ماجدة" و"رمسيس نجيب"، ووسط كل "القرف" الدرامي الذي يقدم، ولا علاقة له بهموم شعبنا، نجد الإذاعة المصرية ورغم المنافسة الصعبة مع عشرات الفضائيات تتقدم لتتولى هي الأمر رغم ضعف الإمكانيات أيضا إلى حدود غير معقولة.
لكنها تجد مؤلفا محترما هو الدكتور "وليد برهان" الذي يكتب "حكايات الشهيد"، ويجد أيضا مخرجا مبدعا، ورواة للعمل يخدمون العمل الدرامي على أروع ما يكون، ويجدون نجوما يوافقون على العمل تحت ظروف صعبة جدا، يتقدمهم النجم طارق الدسوقي، لكنهم يستطيعون نقل حالة أقرب إلى الحقيقة، ربما لا تنتهي حلقة واحدة يوميا إلا بالدموع، كلها تحكي بطولات أبناء مصر، وملخصا لحياتهم ينتهي بالشهادة.
ونكتشف كل يوم أن لكل شهيد قصة مع الشهادة سعى إليها سعيا، تاركا أبوين وأبناء وزوجة وإخوة وأهلا وأصدقاء، عدد كبير منهم انتهت مهمته في سيناء مثلا بسلام، لكنهم رفضوا مغادرتها وأصروا على البقاء، وبعضهم ذهب إلى هناك بطلب بلغ الإلحاح، ومنهم من أقسم أن لا يغادرها إلا بالثأر لزملاء وعشرات الملاحم.
المسلسل يذاع يوميا وربما تنتج الإذاعة -كما يبدو- حلقات جديدة إذ تذاع الحلقات للشهر الثالث.. وإلى حين أن ينتبه أحد، وإلى حين يضع القطاع حصوة ملح في عيونه، ندعو المصريين والعرب لمتابعة الإذاعة المصرية وشبكتها الرئيسية "البرنامج العام" مع -طبعا- تقديم وافر التحية لقيادات الإذاعة المصرية عموما والبرنامج العام خصوصا و.. والمجد للشهداء!