حسنين هيكل: تجربة عبد الناصر إنسانية
في كتابه "بصراحة" الصادر عن كتاب اليوم كتب الصحفى محمد حسنين هيكل يقول:
«إن جمال عبد الناصر أحد اثنين في تاريخ مصر الحديث استطاعا أن يفهما موقع مصر وأن يدركا بعمق أن الجغرافيا هي العامل الثابت في صنع التاريخ وعلى هذا الأساس دار محور تجربتى عبد الناصر ومحمد على».
وأضاف: «ومع مرور الأيام وظهور الحقائق أكد يقينى مع كل يوم أن تجربة جمال عبد الناصر كانت أهم تجربة في التاريخ العربى المعاصر، وهى ككل التجارب التي يصنعها البشر إنسانية بمعنى أن فيها الإيجابي وفيها السلبى، وأنها احتملت الخطأ واحتملت الصواب.. لكننا إذا قمنا بعملية تقييم شامل لها فسوف نجد أن ما هو إيجابي في تجربة عبد الناصر أكبر وأبقى بكثير مما هو سلبي».
وأوضح «ولا يوجد عمل إنساني في رأيي يمكن وصفه بالكمال، كل ما هو إنساني نسبى، والمطلق يخرج من عالم السياسة إلى عالم الدين، وكل ما هو تاريخى -لأنه إنساني- ليست له عصمة إنما هو مفتوح للتقييم والمراجعة، وقياسه يكون بمجمل النتائج وليس بالوقوف أمام التفاصيل.. هذا مع تسليمى بأن التفاصيل تستحق أن تبحث على حدة وأن تقاس بمعاييرها».
وأكد «ليس أضخم في اعتقادى من عملية تغيير المجتمعات خصوصا بالثورة، وأن الثورة لا يصنعها أفراد، وإنما تصنعها شعوب تحس بالفجوة الشديدة بين طموحها وواقعها وتحاول أن تتخطى المراحل قفزا، أما الأفراد فهم يعبرون عن الثورات لكن لا يصنعوها، وكانت في مصر ثورة كامنة متشوقة إلى النور ظامئة إلى الحرية حتى من قبل أن يجيئ نابليون، وكان محمد على رمز أول محاولة لبناء دولة حديثة في مصر».
وأشار إلى «كان أحمد عرابى رمز أول محاولة لثورة شعبية ضد السيطرة الأجنبية على مصر، وكان مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول رموز محاولات تجددت بهدف الحصول على استقلال مصر أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى».
واختتم «بعد الحرب العالمية الثانية كان جمال عبد الناصر رمز محاولة وطنية وقومية سياسية واجتماعية شديدة الطموح، ولقد حققت هذه المحاولة كثيرا وقصرت في كثير لكن رصيدها النهائى إيجابي في ظنى بمعايير ما هو إنساني».