عاطف فاروق يكتب: تأديب قيادي في ماسبيرو بسبب «قبلة وحضن» (مستندات)
عبارة واحدة قالها مسئول كبير في التليفزيون المصري، كانت كفيلة بـ"تأديبه"، العبارة تضمنت كلمات غير لائقة وتحريضا لمهندسة ديكور على إقامة علاقة غير شرعية معه، المهندسة قدمت شكوى رسمية إلى قطاع الشئون القانونية في جهة عملها، مرفقة بأسطوانة مدمجة تحوى تسجيلا لعبارة المسئول، ثم أحالت الشئون الإدارية الشكوى والتحقيقات التي أجريت فيها والأسطوانة المدمجة إلى النيابة الإدارية التي فتحت تحقيقا موسعا في بلاغ مهندسة الديكور، وخلاله تفجرت مفاجآت عديدة.
بدأت الواقعة في القضية رقم 99 لسنة 60 قضائية عليا ببلاغ تلقته النيابة الإدارية من مهندسة ديكور بإدارة الخدمات الإنتاجية بقطاع التليفزيون في ماسبيرو، تتهم فيه المسئول الكبير "وسيم ـ م ـ ص"، مدير عام الورش والتركيبات بإدارة الخدمات الإنتاجية بقطاع التليفزيون، بالتعنت معها وتعمد مضايقتها في العمل، وأنه وراء إلغاء قرار بالعمل كمدير خدمات بعدد من استوديوهات التنفيذ، ونقل بعض العاملين تحت إشرافها، وتكليفهم بمأموريات مختلفة دون موافقتها أو علمها، فضلا عن تحريضهم ضدها، وأشارت في بلاغها إلى أن المسئول دأب على مضايقتها والتحرش بها، ووصل الأمر إلى حد تقبيلها بالقوة، وطلب منها صراحة الدخول معه في علاقة غير شرعية، وأنها قدمت شكوى بهذا المضمون إلى جهات التحقيق في جهة عملها
وفي التحقيقات أكد مفتش مالى وإدارى بالإدارة العامة للتفتيش المالى والإدارى بقطاع التليفزيون، أنه تلقى شكوى من مهندسة الديكور ضد المسئول المشار إليه، وعند سؤالها في محتوى الشكوى، أكدت أنه ساومها عدة مرات، وطلب منها إقامة علاقة غير شرعية معه، وعندما رفضت دأب على افتعال المشكلات معها وإثارة الموظفين ضدها، كما قدمت أسطوانة مدمجة تحوى مكالمة هاتفية بينها وبين المشكو في حقه، توضح تحرشه اللفظى بها ومحاولة توريطها في علاقة محرمة.. وقدمت للنيابة تفريغا لمحتوى تلك المحادثة وجاء فيها على لسان الشاكية عبارة: “أنت فاكر لما قلتلى نفسى آخدك في حضني، وتكون أحلى علاقة بينى وبينك ومحدش هيعرف بيها”.. وبعدها عبارة تسأله فيها: “حصل ولا محصلش”.. وجاء رده: “لأ حصل.. يمكن خاننى التعبير في الكلمة”. ثم جاء على لسان الشاكية : “هي ليها معنى تانى – ما لهاش معنى تاني- وقمت بوستنى صح ؟.. بوست إيدي وجبهتى.. صح؟ يبقى ملهاش معنى تاني”.. ورد المسئول عليها قائلا: “لا أنتى فهمتى غلط”.. وأشار المفتش المالى في تقريره إلى أن المهندسة سمحت للمسئول بتقبيلها، ثم سجلت له حوارا عن طريق هاتفها المحمول، في محاولة منها لانتزاع اعتراف بتقبيلها وتحريضها على الرذيلة.
وفى تحقيقات النيابة الإدارية قالت مهندسة الديكور: إن المسئول استغل فرصة وجودها في مكتبه لعرض بعض الأوراق عليه، وقبل يدها وجبهتها بالقوة، ما دفعها للهروب من الغرفة خشية أن يتمادى في أفعاله الغريبة، ثم توجهت إلى المسئول الأعلى وأبلغته بما حدث، موضحة أنها سجلت محادثة بينها وبين المذكور عن طريق هاتفها المحمول، بعد الواقعة بنحو أربعة أو خمسة أيام لإثبات صدق كلامها، وأنكرت تماما سماحها للمشكو في حقه بتقبيلها.. وبسؤال المسئول الأعلى في التحقيقات، أكد أن المهندسة حضرت إليه وأبلغته بالفعل بما حدث من رئيسها، وأضاف أن المتهم اعتاد التودد لزميلاته في العمل، ومحاولة جرهن إلى أمور شخصية.. واجهت النيابة الإدارية المسئول المتهم بما جاء في البلاغ، فأنكر الاتهامات الموجهة إليه، وأنكر تعمده الإساءة إليها أو تحريضها على أفعال غير شرعية، ولكنه أقر بأن الصوت الوارد في التسجيل هو صوته، وقد اعتذر للشاكية عن عبارة “نفسى آخدك في حضنى”.. أما واقعة تقبيل يدها وجبهتها بالقوة فقد أنكرها تماما، موضحا أنه يتعامل معها بشكل حسن النية أثناء جلوسها معه، وكان يتبادل معها الحوار في موضوعات مختلفة يتم فتحها من جانبها.
بعد انتهاء التحقيقات أعدت النيابة الإدارية تقريرا قضائيا عن الواقعة، جاء فيه أنه بشأن ما نسب إلى المتهم من تلفظه بعبارات غير لائقة للشاكية، فإنه ثابت قبله من خلال الأوراق وما كشفت عنه التحقيقات وما جاء بإقراره بصحة التسجيل الصوتى المنسوب إليه، وهو ما يشكل في حقه ذنبًا تأديبيًا قوامه سلوكه مسلكًا لا يتفق واحترام الوظيفة العامة، وأن ما أتاه المتهم ينطوى على انحراف في طبعه وانتهاك صارخ لحدود الله ومحارمه، ويتعارض مع الثقة الواجبة فيه، ويعد خروجًا على مقتضيات الواجب الوظيفي، الأمر الذي انتهت معه النيابة الإدارية إلى إحالته للمحاكمة.
وأصدرت المحكمة التأديبية العليا بمجلس الدولة حكمها بمجازاة المتهم بعقوبة اللوم، وبعرض منطوق الحكم وأسبابه على فرع الدعوى التأديبية، وافقت النيابة الإدارية على الحكم وقررت عدم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا حيث جاء متفقًا وصحيح حكم القانون وقائمًا على سببه المبرر له قانونًا ومستخلصًا استخلاصًا سائغًا من الأوراق والتحقيقات.