في ذكرى رحيله.. شقيق مرسي جميل عزيز يكشف أسرار حياته لأول مرة (فيديو)
«لم لا أحيا وظل الورد يحيا في الشفاه.. ونشيد البـلـبـل الشـــــــادي حياة لهواه.. لم لا أحيا وفي قلبى وفي عيني الحياه.. سوف أحيا.. ســوف أحيا».. من أروع القصائد التي شدت بها عصفورة الشرق أو جارة القدس أو شجرة الأرز كما يحب لمعجبيها أن يلقبونها "فيروز" عام 1955 ومن ألحان الأخوين رحبانى وكلمات الشاعر الراحل مرسي جميل عزيز والتي تتزين قبره بمسقط رأسه بمدينة الزقازيق بالشرقية والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا الشهر من عام 1980 بعد سنوات طويلة من العطاء الفني لمصر وللوطن العربي.
"سيرة الحب، فات المعاد، ألف ليلة وليلة "و"مالك ومالي يا أبو قلب خالي"، مرورا بـ"نعم يا حبيبي، بأمر الحب، يا خلي القلب، بتلوموني ليه، في يوم في شهر في سنة، من غير ليه و«تمر حنة، يامه القمر على الباب، ليه يا قلبي ليه، حيران، بيت العز» «على عش الحب، وحياة عينيك» إضافة إلى المئات من الأغاني المشهورة الأخرى بألوانها المختلفة العاطفية والوطنية والشعبية والدينية والتي حفرت في قلوب وأذهان عشاقه فضلا عن كتابته للأوبريت الغنائي والقصة القصيرة والسينمائية وسيناريوهات بعض الأفلام وأيضا كانت له المقالات الأدبية في الصحف والمجلات المصرية حتى اعتبره النقاد ظاهرة أدبية وفنية بارزة.
انتقلت «فيتو» إلى منزله الكائن بشارع مصطفى كامل المتفرع من شارع "مرسي جميل عزيز" الذي نشأ فيه «فاكهانى الأغنية أو جواهرجى الكلمة» كما يحب أن يلقبه جمهوره والكائن بمدينة الزقازيق، والتقينا شقيقه ليروي لنا أدق التفاصيل في مشواره الفنى الطويل ويفتح خزائن أسراره.
في البداية قال سعيد جميل "65 عاما" شقيق الشاعر الراحل من الأب: «والدنا كان من أكبر تجار الجملة للفواكه على مستوى الجمهورية حيث كان يحصل على مزارع التفتيش الملكية (عزيز أباظة) والتي تبلغ نحو 400 فدان تقريبا وتوزيعها على جميع التجار بالمحافظات والتصدير للخارج أيضا إضافة إلى استيراده البطيخ من فلسطين ويتم نقله عن طريق القطار ومختوم باسمه "الحاج جميل عزيز" وتوفيت والدته وهو في عمر صغير».
وأضاف الحاج سعيد كما يحب أن يلقبه أهل منطقته: "عندما كان الوالد يذهب لأداء فريضة الحج يحل محله مرسي في العمل إلى أن يعود والراحل اكتسب الكثير من تجارة الفاكهة وخرج منها بأروع الكلمات في معظم أغانيه ويكفي أن جميع فناني الزمن الجميل وصلوا للشهرة بفضل أغاني مرسي".
وتابع: شقيقي أطلق عليه لقب شاعر"الألف أغنية" ويعود أصل هذا اللقب إلى الأغنية الشهيرة "ألف ليلة وليلة" والتي شدت بها سيدة الغناء العربي أم كلثوم عام 1969 وكانت الأغنية رقم 1000 خلال مشواره الفنى الطويل، وسلسلة أغانيه معها جاءت بعد رفض مرسي الذهاب لها عدة مرات بناء على طلبها خوفا أن ينسب نجاحه لها خاصة أن كل نجاح مطرب كان مرتبطا بشاعر معين في تلك الفترة لدرجة أنها كانت توصفه بأنه "مريض نفسي" حتى اضطرت للذهاب إليه بنفسها بعد نجاحه الساحق".
واستطرد: في بداية التحاق اخى بالإذاعة المصرية أصر على احتفاظه باسمه كاملا حيث كان يعتز بأبيه وجده وكان هوايته التصوير لدرجة أنه كان يحتفظ بعشرات الصور التاريخية عن مدينة الزقازيق ويستنبط أغانيه من الواقع مثلا شاف مرة واحدة بتزغرد بالقرب من المنزل فقام بتأليف أغنيته الشهيرة "زغرودة حلوة رنت في بيتنا "وياما القمر على الباب" والتي ارتبطت بخادمة وعندما كان مدعوا في حفل زفاف للشاعر فتحى قورة أعجب بالصينية اللي تقدم الشربات فألف "صينية بالفضة واللولي وحب الرمان" ونور عينيا وأكثر للفنانة شادية بمناسبة عيد ميلاد نجلته وغيرها من الأغانى الكثيرة التي ارتبطت بالواقع.. "مكنش بيرتاح إلا في الزقازيق وجدران غرفته التي شهدت مولد أشعاره وقصائده".
وواصل شقيق الشاعر الراحل مرسي جميل عزيز: «برغم انشغالاته خلال عمله بالوسط الفنى إلا أنه لم ينس أهل بلده وكان يقدم لهم بعض الخدمات ونظم حفلا غنائيا يخصص دخله لصالح صندوق بناء جامعة الزقازيق وذلك بالتعاون مع ابن المحافظة العندليب الأسمر "عبد الحليم حافظ" والتي شهدت مولد قصيدته "القدس" التي تروي قصة طفلة مات والدها في الحرب وعن قيام الدولة الصهيونية بإحراق المسجد الأقصى قائلا: "القصيدة دى لو كان غناها مطرب ذو ثقل كبير كانت هتكون رائعة".
وروى سعيد عزيز تفاصيل عن بعض ردود الأفعال التي حدثت حول بعض أغاني أخيه الراحل قائلا: عندما ألَّف "حموى يا مشمش" ولحنها الموسيقار الراحل فريد الأطرش وغنتها صباح غنتها في سنة الوحدة بين مصر وسوريا 1958 أحدثت ضجة كبيرة لدرجة أن مرسي جميل عزيز عندما وصل إلى دمشق فيما بعد قام السوريون بحمل سيارته على أكتافهم تكريما له مثلما حدث مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وعندما كتب "ذات ليلة" لحليم والتي كانت تروي قصة قصة طالب لا يملك أي أوراق أو أقلام لكى يتعلم حيث كانت المصروفات وقتئذ باهظة وفي منتصف الأغنية أجهش العندليب في البكاء متأثرا بكلماتها حينها استقبله عبد الناصر قائلا له: "والله يا حليم الخزينة.. ودمعتك غالية علينا وهشيل المصاريف إن شاء الله" وتم تكريم الفكهانى بإهدائه وسام الجمهورية للآداب والفنون مع كبار الفن كما أنه عندما كتب أغنية "الماء والخضرة والوجه الحسن" للعاهل المغربي الملك الحسن بمناسبة عيد ميلاده قام بمزجها مابين التهنئة والعتاب حيث كان يرأس حينها رئيس لجنة القدس وأجهش حليم في البكاء وتعرض للإغماء وقام الملك بنقله بطائرة خاصة للندن للعلاج.
كما سرد سعيد عزيز تفاصيل ماحدث مع المطرب الشعبي "أحمد عدوية" عندما ذهب لمقابلة شقيقه في مدينة الزقازيق في أواخر السبعينيات لإقناعه بتأليف أغنية له قائلا: فوجئت بعدوية على باب المنزل وكان في ذلك الوقت كانت أغانيه ممنوعة من العرض على التليفزيون ويعتمد على الأسطوانات وحفلاته ليعرف نفسه لجمهوره ومكنتش أعرف حينها وعندما عرف نفسه لي طلب منى الجلوس مع مرسي وقمت بالسماح له بالجلوس مع الشاعر الراحل وألح عليه عدة مرات أن يؤلف له أغنية إلا أن أخيه رد عليه قائلا "إن شاء الله" ورفض أن يحرجه حيث إن سكته كانت غير سكة عدوية".
وعن آخر لقاء جمعه بشقيقه قبل وفاته منذ 39 عاما قال: " قبل رحيل مرسي بثلاثة أيام تقريبا حضر لمنزل العائلة بالزقازيق وكان يعانى من مرض خطير كأنه جاء ليودعنا حيث استقبلته ونظرت إليه.. ربنا يخفف عنك يا أخويا ويشفيك إن شاء الله.. إلا أنه وضع يده خلف رأسه موجها حديثه لي "يا بنى إحنا نبكي حين نولد.. ويبكى علينا الغير حين نموت"، وكانت آخر كلماته لي قبل سفرة للإسكندرية ورحيله عن دنيانا.