رئيس التحرير
عصام كامل

نوال السعداوي تعترف: ذكريات مؤلمة تجتاحني والعالم غدر بيّ

فيتو

أكدت الكاتبة نوال السعداوي أن الذكريات المؤلمة تجتاحها وتمر بلحظة مؤلمة في حياتها، حيث يغالبها إحساس المرض، وفي لحظة مصارحة أكدت نوال السعداوي أن العالم غدر بها، وأصبحت أكثر زهدًا في الحياة.


واعترفت نوال السعداوي أنها تمر بلحظة فارقة في حياتها وهي ترقد على فراش المرض، وكتبت تدوينة على فيس بوك قالت فيها: "إنها لحظات قليلة في حياتي تمر بي، حينما يغلبني فجأة المرض، أو تجتاحني الذكريات المؤلمة عبر سنوات عمري".

واضافت: "ابنتي الكاتبة الشاعرة منى حلمي أنضج مِني وأكثر حكمة وزهدا في الحياة. أتذكر كيف غدر بي هذا العالم. في يوم ما وجدت نفسي داخل زنزانة، تحوطها القضبان الحديدية. أشعر بالبرد والجوع. تئن العظام والمفاصل من النوم على الأرض. زنزانة ضيقة، مظلمة، مختنقة، تمرح فيها الصراصير، والفئران، والأبراص. تغمرني الظلمة في عز النهار. الشمس غائبة طول الوقت".

وتابعت: "أتذكر حياتي في المنفى. كيف سُبيت حريتي، وحُرمت من حقوقي الأدبية، والمادية، والإنسانية. رغم أننى دفعت عمرى لكى أجعل الوطن أكثر إنسانية، وحرية، وعدلا، وجمالا. حينما أتعرض لغزو الذكريات المؤلمة أو أواجه طعنة جديدة أذهب إلى ابنتى، وقد غمرنى حزن كامن عميق الجذور. أقول لها: يا مُنى.. أشعر بالغربة والاضطهاد".

وقالت نوال السعداوي اعترافاتها في المرض: "ترمقني مُنى بعينيها، تبتسم قائلة: ماذا حدث لك؟ لم أسمع منك هذا الكلام من قبل؟ أقول: لا أعرف. لكنني أحاول أن أفهم هذا الظلم الذي يغمر العالم. الفقراء يزدادون فقرا، ويزداد المبدعون من النساء والرجال قهرا، والفدائيون المخلصون يزدادون حزنا وشقاءً".

وأضافت: "تسمعني منى قائلة في هدوء: صوتك ليس صوتك. وهذه الكلمات ليست كلماتك. ماذا حدث لك يا أمي؟ أقول: لا أعرف. كأنما اكتشف الحياة من جديد، كأنما خُدعت باسم النضال والوطنية والثورة. تشبع دمى منذ الطفولة من أجل تغيير العالم، والتضحية بعمرى من أجل أن أكتب كلمتي التي أؤمن بها. فتكون مكافأتي الحبس والعيش تحت خطر التهديد واتهامات بقضايا الحسبة، وسحب جنسيتي المصرية، وتشويه السمعة، وإثارة الشائعات ضدي وتحويلي من مقاتلة ترفض الظلم والقهر والتجارة بالأديان إلى كاتبة تحرض على الفتنة والفسق والفجور".

وتستمر نوال السعداوي في اعترافاتها فتقول: "ترد منى: ولكنك كسبت كل القضايا التي رفعوها ضدك، وأدركت بلادنا والعالم أن جميع الشائعات كانت كاذبة ومغرضة. شيء ما حدث لك يا أمي، ما هو؟ أنت لست أنت.. كتاباتك وأفكارك ومواقفك منحت ملايين من النساء والرجال والشباب القوة، والأمل والتفاؤل والإصرار على الحرية والتمرد. سافرت كتاباتك إلى كل مكان، ولم تتوقفى عن الكتابة والإبداع في أصعب المحن. ماذا حدث لكِ يا أمى؟ لابد أنكِ مريضة؟".

وتؤكد أن ما تقوله غريب عن أفكارها "أقول: لابد أنني مريضة فعلا. لست نفسى كما عهدتها على مدى العمر. من أين تأتى هذه الأفكار الغريبة الخبيثة؟. من أين يأتى هذا التشاؤم الذي لم أعرفه أبدا؟. هل تسمم الدم في عروقى من تلوث الهواء والماء والأفكار المسمومة في الإعلام؟ والأكاذيب التي نقرؤها في الصحف؟ والحروب التي يشنها الأقوياء الأثرياء ضد الضعفاء الفقراء. ربما تلوث دمى من هذا العالم المجنون المقلوب.. يصيب عضلاتى بالضعف، ويئن قلبى بالعبء".

وتكمل نوال السعداوي: "تقول مُنى: هل أستدعي الطبيب؟. لكنك لم تذهبي إلى أي طبيب أبدا. أقول: لا أعرف يا مُنى، كيف أعبر بالضبط عن هذه اللحظة. إننى أمر بلحظة ضعف. فقدت الإحساس بالسعادة. تصمت مُنى طويلا، ثم تقول: لابد أن تسعدى يا أمى، لابد أن تكون مفاتيح سعادتك في يدك أنت، وليس في يد الآخرين. يكفى الملايين في العالم يقرأون كتبك، ويتأثرون بها. وهذه هي جائزتك الوحيدة. أتذكرين كنا نغنى ونرقص على موسيقى أغنية زوربا اليونانى أنا لا أخاف شيئا، أنا لا أريد شيئا، أنا لا أحتاج شيئا، أنا لا آمل في شيء، أنا لا أملك شيئا، أنا حر".

واختتمت نوال السعداوي اعترافاتها قائلة: "أسأل منى: وأين تجدين سعادتك؟. تجيبني: بعد أن فكرت كثيرا، بعد عمق التأمل، بعد تجارب الألم، وخيبات الأمل، وصلت إلى أن السعادة هي الاستغناء عن السعادة؟".

يذكر أن نوال السعداوي كاتبة مصرية أثارت كثيرا من الجدل عن الأديان وتعدد الزوجات ومنح الطفل اسم والدته.
الجريدة الرسمية