سجون ألمانيا بين العنف والسياسة
الأجواء متوترة داخل سجون ألمانيا، حيث يهاجم نزلاء فيها الحراس ويزداد استهلاك المخدرات، كما أن عدد الموظفين القليل يجعل مهمة المراقبة صعبة أكثر.
ويبدو أن هذا ليس كافيا، لأن وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر يريد إيواء اللاجئين المجبرين على الرحيل في تلك السجون، والسبب وراء هذا الاقتراح هو العدد المرتفع لحالات الترحيل التي تفشل في إعادة الأجانب إلى بلدانهم الأصلية.
الاستغلال السياسي للعدالة
اقتراح وزير الداخلية يعكس التوظيف السياسي المتزايد للعدالة، وقال بيتر بروك، رئيس اتحاد موظفي السجون في ألمانيا: "بعد ليلة عيد الميلاد في كولونيا ازداد الضغط العام على المحاكم".
وأضاف أن سياسة اللجوء ونقص اليد العاملة المختصة واستهلاك المخدرات والإرهاب والتطرف السياسي والديني، كلها مشكلات اجتماعية تظهر داخل سجون البلاد الـ 180، وتابع: "يجب علينا مواجهة هذا الكم من المشكلات، هذه هي مهمتنا"، وهذه حصيلة 37 عاما من العمل. وتزداد أعمال العنف وراء قضبان السجون حيث يتعرض الموظفون للضرب والشتم والإهانة، ويفيد استفسار كبير طرحه الحزب الليبرالي في برلمان ولاية بادن فورتمبرج للحكومة المحلية في أكتوبر 2018، بأن السلوك العنيف منتشر بين النزلاء وضد موظفي السجون.
الضرب حتى "العجز"
على هذا النحو ارتفعت حالات "الهجمات ضد موظفين ومستخدمين لم يعودوا قادرين على مزاولة عملهم" داخل سجون ولاية بادن فورتمبرج من تسع حالات في 2012 إلى 24 حالة في السنة الماضية، وفي ولاية ساكسونيا حيث عدد النزلاء أقل تم في 2016 تسجيل 25 هجوما وبعدها بعام بات العدد في حدود 31 هجوما.
كما أن حالات انتحار السجناء ارتفعت مجددا، ففي ولاية رينانيا الشمالية ووستفاليا وحدها تم في 2016 حسب الوزارة تسجيل 19 حالة انتحار لتصل النسبة إلى المستوى المسجل في التسعينات. وفي عام 2009 كان العدد هناك تسع حالات. وبالنسبة إلى موظف السجن، بروك فإن هذا لا يعكس سوى "قمة جبل الجليد"، إذ قال: "لم أعايش من قبل هذا الكم من الهجمات ضد زملاء مثل ما حصل في السنوات الثلاث الأخيرة، ففي 2018 وحده كانت لدينا أكثر من 600 هجوم وإهانة وتهديد في رينانيا الشمالية ووستفاليا".
أما أسباب التعنيف فهي نفسها، إذ تتمثل في ارتفاع حالات الاضطراب النفسي بين النزلاء والإدمان على المخدرات والكحول والنزاع بين الجنسيات المختلفة والاكتظاظ، ويعود سبب الاكتظاظ المتزايد وراء القضبان إلى عدة أسباب، إذ تراجع في كثير من الولايات الألمانية عدد الأماكن الخاصة بالمعتقلين في السنوات الأخيرة.
جناة أجانب
وفي الوقت نفسه أدت موجة اللاجئين والمهاجرين غير المتوقعة في 2015 إلى زيادة في عدد المعتقلين. ففي ولاية رينانيا الشمالية ووستفاليا وصل عددهم إلى نحو 18.000 سجين، وهو أكبر عدد من السجناء الذين ارتفعت نسبة الأجانب بينهم من 29 % في عام 2013 إلى 36 % في 2018، وفي ولاية بادن فورتمبرج ارتفع العدد في الفترة نفسها من 35 إلى 48 %، "ولدى الجناة الأجانب بالتحديد تسود مخاطر عدم وجود عنوان ثابت والهرب مثلا عبر الحدود"، يقول موظف السجن، بروك.
وفي ولاية رينانيا الشمالية ووستفاليا حصل تفاعل مع هذا الوضع المتوتر، إذ يوجد بهذه الأثناء في كثير من السجون مندوبو اندماج كما يتم عرض دروس الألمانية ومحاربة الأمية. ويفيد المراقبون بأن أعمال العنف تراجعت بفضل هذه الإجراءات.
اقتراحات من برلين، لا شكرا!
ويتعجب مراقبون من اقتراح وزير الداخلية الألماني الداعي إلى إيواء طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم داخل السجون المكتظة.
ويفيد المراقبون بأن "القانون الأوروبي يمنع الإيواء المشترك للأجانب المدعوين للمغادرة والجناة"، حتى في ولاية ساكسونيا لم يتم التجاوب مع اقتراح وزير الداخلية. "نحن نملك في دريسدن منشأة خاصة بالترحيل غير مكتظة"، قال المتحدث باسم الوزارة، يورج هيرولد. وفي ولاية بادن بورتمبرج يبقى الوضع داخل السجون متوترا.
أستريد برانغه دي أوليفيرا/ م.أ.م
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل