الوحدة العربية.. حلم ممكن.. في اللحظة الراهنة!
مع حلول شهر فبراير (شباط) من كل عام تطل علينا ذكرى عزيزة يعيش كل قومى عربي يحلم بها، وهى ذكرى الوحدة المصرية – السورية التي قام بها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، وأعلن عنها في 22 فبراير (شباط) 1958، باندماج سورية ومصر في دولة واحدة هي الجمهورية العربية المتحدة، وأصبح علم البلدين هو ذلك العلم ذات الثلاثة خطوط الأحمر والأبيض والأسود ويتوسطه نجمتين الأولى للإقليم الشمالى (سورية) والثانى للإقليم الجنوبي (مصر)..
وشكلت الوحدة كابوسا مزعجا للمشروع الاستعماري الغربي، باعتبارها مشروعا مضادا لمشروعه التقسيمى والتفتيتى، لذلك كانت المؤامرة على مشروع الوحدة خوفا من تمدده، وباستخدام الرجعية العربية تمكن المشروع الاستعماري من فض الوحدة في 28 سبتمبر (أيلول) 1961.
وتأتى ذكرى هذا العام والمنطقة العربية على صفيح ساخن فالإرهاب يهدد الجميع، والمشروع الاستعماري الغربي الجديد الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية ما زال يحاول تعميق الجراح العربية وإشاعة الفرقة لمزيد من التقسيم والتفتيت، وفى ظل هذه الأجواء تنطلق بعض الأصوات منادية بحتمية مصالحة عربية –عربية، كمقدمة لوحدة عربية لمكافحة الإرهاب الذي انتشر في سائر البلاد العربية..
وكان البعض يظن أنه بعيدا عن تلك الأيادى الإرهابية التي عبثت وتلوثت بدماء الأبرياء من أبناء شعبنا العربى في بقاع كثيرة، لعل أهمها مصر وسورية والعراق ولبنان واليمن وليبيا وتونس والجزائر والسودان والصومال والبقية تأتى، لكن الأيام أثبتت أن الخطر يمكن أن يمتد ويطال الجميع، لذلك نشهد الآن بعض الدول العربية خاصة في منطقة الخليج والتي وقفت داعمة للإرهاب التي ترعاه وتصدره لنا الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الصهيونية الراعى الأول للإرهاب في العالم تغير مواقفها بل تسعى لمحاولة رأب الصدع العربى ولا تعارض فكرة إقامة وحدة عربية لمكافحة الإرهاب.
وبالطبع لا يمكن لعاقل أن يرفض هذه الدعوة خاصة وأننا من ندعو دائما للوحدة العربية، وكنا قد سبقنا الجميع في ضرورة إقامة وحدة عربية ضرورية وملحة لمواجهة القوى الإرهابية العالمية التي تسعى لتدمير مجتمعاتنا من الداخل بواسطة أدواتها الخائنة والعميلة من القوى والتنظيمات الإرهابية، التي وهمتها بأنها ستساعدها من أجل الوصول لسدة الحكم داخل مجتمعاتنا، وبالطبع صدقت هذه الجماعات الإرهابية هذا الوهم الكبير فانطلقت لتنفيذ هذه الأجندة الأمريكية الصهيونية التي تسعى لتنفيذ مخطط كبير يهدف إلى تقسيم وتفتيت الوطن العربى وتحويله إلى 73 دويلة بحيث تكون أكبر دويلة بحجم قطر ويصبح العدو الصهيونى هو الكيان الأكبر في منطقة الشرق الأوسط.
لكن المواجهة الباسلة التي قادها جيش الجمهورية العربية المتحدة –ومازال– أفشلت هذا المخطط حتى اللحظة الراهنة فالجيش الأول بسوريا خاض مواجهة ضخمة عبر الثماني سنوات الماضية، حيث تمكن من الصمود في وجه الإرهاب الأمريكى الصهيونى والانتصار على أدواته العميلة، والسيطرة على كامل الجغرافيا العربية السورية، ونفس الأمر بالنسبة لمصر حيث خاضت معركة شرسة ضد الإرهاب ذاته.
فالولايات المتحدة الأمريكية وكيانها الصهيونى والإخوان الإرهابيون لن ينسوا ما قامت به مصر من إحباط لمخططاتهم الإرهابية وإفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد، لذلك يجب علينا السعي وبقوة نحو وحدة عربية لمكافحة الإرهاب الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الصهيونية.
لكن علينا نحن في (مصر وسوريا) أن نضع أجندة هذه الوحدة ولا نتركها لقوى عربية كانت قبل أيام تقف في صف الإرهاب الدولى والمحلى وتدعمه بقوة بالمال والسلاح، لن نرفض أي مبادرة لكننا سنضع بأنفسنا أجندة الوحدة فإذا كانت هناك دعوة لمصالحة عربية - عربية، فلابد أن تكون هذه المصالحة برعاية مصرية – سورية، وقبل المصالحة لابد أن يعترف من أخطأ في حق العروبة أنه كان على خطأ، ومن دعم الإرهاب ووقف في خندق الإرهاب الأمريكى - الصهيونى لابد أن يعلن أنه قد تراجع نهائيا عن هذا الخط وأنه ينسحب من خندق التبعية لخندق الاستقلال والمقاومة والشرف الحقيقى فالتوبة مفتوحة في أي وقت لكن بشروط.
لا يمكن أن نقبل بمصالحة منفردة بل يجب أن تكون المصالحة شاملة تحت مظلة جامعة الدول العربية التي دخلت ولسنوات طويلة تحت مظلة التبعية الأمريكية -الصهيونية، وكذلك الكثير من الدول العربية التابعة وغير المستقلة في قرارها الوطنى، نأمل في مصالحة عربية شاملة وتحرر عربى حقيقى من أسر الولايات المتحدة الأمريكية وكيانها الصهيوني، نأمل أن تتم صناعة القرارات العربية في العواصم العربية بعيدا عن واشنطن وتل أبيب.
نأمل أن يتم تفعيل ميثاق جامعة الدول العربية المعطل بفعل التبعية الأمريكية -الصهيونية منذ عقود طويلة، نأمل في تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي تسمح لنا بوحدة عربية لمكافحة الإرهاب والتصدى للبلطجة الأمريكية -الصهيونية، فلا يمكن أن نقبل بمشاهد مثل سقوط بغداد وطرابلس بواسطة القوات الأمريكية الغربية الصهيونية ونقف متفرجين نعض الشفاه ونترحم على النخوة العربية..
ولا يمكن أن نقبل بمشاهد الانفجارات والاغتيالات الإرهابية بدمشق وحلب والقاهرة وسيناء ونقف متفرجين ننتظر الدور على باقى الدول والمدن.
فلتكن ذكرى الوحدة هذا العام والتي تأتى في ظل انتصار سوريا على المؤامرة الكونية عليها إشارة بدء لمصالحة عربية شاملة (لكن بشروطنا)، وليعلم الجميع أن عدونا المشترك هم الأمريكان والصهاينة ووكلائهم من الجماعات والتنظيمات الإرهابية، لذلك فلابد من وحدة عربية لمكافحة الإرهاب كضرورة ملحة قبل أن تمتد يد الإرهاب الغادر إلى كل البقاع العربية، فالمشروع الأمريكي - الصهيوني التقسيمى والتفتيتى لن يستثنى أحدا في وطننا العربي، اللهم بلغت اللهم فاشهد.