مصر والرئيس.. وأفريقيا
بأي مقياس سياسي، فإن عودة مصر إلى أفريقيا وتَسلُم الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الأفريقي هي إنجاز تاريخي، وأتصور أن هذا الإنجاز لم يأت من فراغ، بل هو نتاج عمل دءوب ونجاح كبير صنعته القيادة السياسية خلال السنوات الأخيرة، ومن خلفها كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها خاصة الدبلوماسية المصرية التي يقودها بهدوء الوزير سامح شكري، والاجهزة المعنية التي تعمل ليلا ونهارا للحفاظ على أمن مصر ومقدراتها.
وليس من قبيل المبالغة القول إن عودة القاهرة لقيادة الاتحاد الأفريقي هو أيضا انتصار للدولة المصرية بكل ما تعنيه الكلمة، بعدما كان الاتحاد الأفريقي قد علق عضويتها عقب ثورة 30 يونيو التي أطاحت بجماعة الإخوان من سدة الحكم، رغم تاريخنا الكبير في دعم كفاح الشعوب الأفريقية وجهودنا في تحرير القارة من الاستعمار.
إن انعقاد القمة الثانية والثلاثين للاتحاد الأفريقي برئاسة مصر في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يفتح باب الأمل أمام مستقبل أفضل لشعوب القارة السمراء، وخاصة فيما يتعلق بملفات التنمية، وتمكين المرأة والشباب، والسلم والأمن، وفض النزاعات، ومن شأنه أن يعزز التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في الاتحاد.
وبالطبع فإن هناك تحديات كبيرة أما تحقيق هذه الأهداف، لكن مصر التي نجحت في تثبيت أركان الدولة، ومحاربة الإرهاب، ومعالجة آثار أزماتها الاقتصادية، وفتح قنوات حوار إستراتيجي مع محيطها العربي والدول الكبرى في العالم قادرة على مساعدة القارة الأفريقية، وتحقيق الغايات التي تضمنها خطاب الرئيس السيسي أمام قادة الاتحاد الأفريقي.
ذلك الخطاب الذي جاء ليعيد التذكير بدور مصر في أفريقيا، حيث استشهد الرئيس بكلمات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر قبل نصف قرن أمام قادة منظمة الوحدة الأفريقية (تحول اسمها إلى الاتحاد الأفريقي عام 1999) والتي قال فيها: "ليكن ميثاقًا لكل أفريقيا، ولتُعقد اجتماعات على كل المُستويات الرسمية والشعبية ولنبدأ طريقنا في التعاون الاقتصادي نحو سوق أفريقية مُشتركة".
وأخيرا فإن ما أنجزه رجال مصر الوطنيين كل في موقعه من أجل تحقيق رفعة مصر وعودتها إلى مكانتها الحقيقية في أفريقيا يستحق أن نوجه لهم التحية والتقدير.. فشكرا لهم من القلب.