رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وأفريقيا.. المكسب للجميع


لا شك أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي تزيد من الأعباء الملقاة على كاهل القيادة المصرية، خاصة في هذا التوقيت المفصلي الذي تواجه فيه المنطقة تحديات كثيرة، أبرزها مواجهة الإرهاب، وتربص قوى خارجية بخيرات القارة الذهبية، لكن تعاطي مصر مع القضايا الأفريقية في السنوات الأخيرة وحرصها على فتح قنوات اتصال مع أفريقيا بعد إهمال استمر عقود يخفف من حدة هذه الأعباء.


فقد حرص الرئيس السيسي منذ توليه الحكم على توجيه البوصلة تجاه أفريقيا، مصلحًا ما أصاب العلاقات من تجاهل وفتور وفراغ سعت دول أخرى لملئه عندما سارعت باستثمار مئات المليارات من الدولارات في كافة المجالات.

قاعدة جديدة للعلاقات مع أفريقيا أرساها السيسي، وهي الاستفادة المشتركة من موارد القارة، لذلك رفع شعار (المكسب للجميع) واضعًا نصب عينيه موارد القارة الكثيرة التي يجب أن تنعكس على أبنائها، ولابد أنه أيضًا وضع نصب عينيه هرولة دول أخرى للاستفادة من هذه الموارد، وفي مقدمتها الصين التي وصل حجم استثمارتها في أفريقيا مائة وسبعين مليار دولار، أغلبها في مجال البنية التحتية والطاقة والصحة.

ولعل حرص الصين على الاستفادة من هذه الموارد ترجمتها زيارات الرئيس الصيني الثلاث للقارة في أقل من عامين، وثلاثين زيارة إلى بكين قام بها رؤساء أفارقة، بالإضافة إلى تشيبد عشرات المدارس التي تعلم اللغة الصينية في أرجاء القارة.

التحرك السريع للصين تجاه أفريقيا كان طبيعيًا أن يعقبه تحركًا أمريكيًا حجمه مائة مليار دولار تم ضخها في العديد من المجالات، ثم تأتي إسرائيل التي كانت أفريقيا هدفًا لها طوال العقود الماضية، حيث اتجهت باستثماراتها إلى الزراعة والبترول والمعادن، ولم يخف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أهمية أفريقيا لكيانه، وهو القائل (عادت لنا وعدنا لها)، لذلك وصل عدد الشركات الإسرائيلية المنتشرة في أفريقيا إلى مائتي وخمسين شركة.

ترجم الرئيس المصري اهتمامه بأفريقيا من خلال زياراته المتكررة إليها، ووفقًا لتقرير نشرته هيئة الاستعلامات المصرية.. فقد قام السيسي بواحد وعشرين زيارة لدول أفريقية في سنوات حكمه الثلاث الأولى، من إجمالي تسعة وستين زيارة خارجية له.

أما ما شهدته مؤتمرات ومنتديات الشباب المصرية من تواجد أفريقي غير مسبوق فيعكس حرص مصر على العودة إلى مكانتها الطبيعية بين شقيقاتها في أفريقيا، ولو تم تفعيل التوصيات الناتجة عن هذه الفعاليات والتي حصلت العلاقات المصرية الأفريقية على نصيب الأسد منها.. لخففنا عن كاهل القيادة المصرية عبئًا كبيرًا من أعباء رئاسة الاتحاد الأفريقي. 

أما تعاطي الإعلام المصري مع القضايا الأفريقية فيجب أن يتغير ليتناسب مع المتغيرات الكثيرة التي طرأت على المنطقة في الفترة الأخيرة، ويتناغم مع المنظور المصري في علاقاته مع دول القارة، وعلى الإعلام أيضًا أن يسهم في تغيير ثقافة المصريين تجاه أفريقيا، والتي لم تعد تتناسب مع نهضة كبيرة شهدتها عندما انفتحت على الغرب.
basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية