متحف مصطفى كامل.. تراث يجسد مقاومة الاحتلال وشاهد على النضال الوطني
بالقرب من ميدان النافورة بحي الخليفة بالقاهرة، يوجد متحف صغير يلحظه المارة من أهل الحي والغرباء، يلفت انتباهك لافتة «متحف مصطفى كامل»، والذي تحل اليوم الذكرى الحادية عشرة بعد المائة على رحيله وهو في مقتبل شبابه عن عمر 34 عاما.
تجذبك خطواتك إلى نسائم التاريخ وتأسرك خيوط وشواهد على حقبة من أهم الفترات التي مرت على الدولة المصرية في العصر الحديث إبان الاحتلال البريطاني.
«قبر وشاهد» تجده فور دخولك للمتحف، رقدت به أجساد 4 رموز من عصور مختلفة، وهم الزعيمان مصطفى كامل ومحمد فريد، والمؤرخ عبد الرحمن الرافعي أول نقيب للمحامين، والدكتور فتحي رضوان وزير الثقافة والإرشاد القومي، والذي افتتح المتحف في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث ينقسم المتحف إلى قاعتين أولهما تضم مقتنيات مصطفى كامل، والأخرى تحتوي على مقتنيات محمد فريد.
تماثيل نصفية وكاملة ولوحات زيتية وصور للزعيم مصطفى كامل، تضمنتها غرفته بالمتحف، بالإضافة إلى بدلته الخاصة، وخطابات تبادلها مع عدد من الزعماء والأمراء خارج مصر.
وفي 3 لوحات، رصدت ريشة الفنانين قصة حادثة دنشواي بصورة رائعة، حيث جسدت اللوحة الأولى قتل أحد جنود الاحتلال لأحد أبناء الفلاحين بالقرية التي تقع في محافظة المنوفية، وتصور الثانية أثر ضربة الشمس على جندي من الإنجليز، فيما توضح الثالثة بطش الاحتلال وحرقه لبيوت وأراضي الفلاحين نتيجة ما تعرض له جنود الاحتلال.
ألهبت تلك الواقعة حماس الزعيم مصطفى كامل، خاصة بعد الحكم الجائر بإعدام الفلاحين المصريين، ليعتلي كامل المنابر الداخلية ويطرق الأبواب الدولية، منددا بجرائم الاحتلال ضد المصريين.
كما احتوت قاعة مصطفى كامل على لوحة زيتية جسدت استقبال محبيه له أثناء عودته من فرنسا، حيث تظاهر العشرات ممن تجمعوا مظهرين حبهم وتقديرهم لكفاحه الوطني.
«حزن وألم وتنكيس للرؤوس» ما وضحته صورة مشهد الرحيل وتوديع الحياة، بكاء محمد فريد الذي يجلس بالقرب من فراش مصطفى كامل الذي ودع فيه الحياة، وحوله أصدقاؤه، يسدل الستار على مسيرة قصيرة حافلة بالنضال الوطني، وراحة لجسد انهكه جهاده وتضحيته لوطنه.
وضم المتحف أيضا، صورا للعديد من الشخصيات المقربة والتي عاصرت وأثرت في حياة الزعيم مصطفى كامل كصورة والدته وأختيه عائشة ونفيسة، والشيخ محمد عبده، والسيدة الفرنسية جولييت آدم والتي كان يعتبرها كامل أمه الروحية.
قصائد الرثاء ومدح الزعيم الراحل زينت جنبات المتحف، لشاعر النيل حافظ إبراهيم وأمير الشعراء أحمد شوقي، لتوثيق كفاح أحد الشباب الوطني في مواجهة الاحتلال الإنجليزي، كما مثلت كلماته «لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا»، و«لا يأس مع الحياة ولا معنى للحياة مع اليأس» رسائل ملهمة تتوارثها الأجيال على مر العصور.
وكغيره من المتاحف التي تعرضت للسرقة أو الاقتحام خلال عام 2011، تمكن عدد من اللصوص من سرقة بدلته وسيفه وبعض كتبه من المتحف، لكن وبعد محاولات عديدة تمكن المتحف من استرداد بدلته مجددا، بالإضافة إلى تجميع بعضا من كتاباته مجددا.