رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد الصاوي يكتب: مؤتمر «الإخوة الإنسانية» ولقاء الرسول بوفد مسيحي نجران

أحمد الصاوي
أحمد الصاوي

إن مؤتمر الإخوة الإنسانية يشبه إلى حد كبير المؤتمر الذي عقده الرسول عليه الصلاة والسلام بالمسجد النبوي مع مسيحي نجران، فإذا نظرنا في المؤتمرين وجدنا تشابها كبيرا في المبادئ والأهداف. 


أولا: مؤتمر الرسول عليه السلام ووفد مسيحي نجران الذي عقد 6 هجرية عقد من أجل السلام والتعايش المشترك بين بني الإنسان، بغض النظر عن دينه، لونه، عرقه، مستواه، وتتضح معالم هذا المؤتمر النبوي من خلال أمور.

الأمر الأول: صيغة الخطاب الذي وجهه الرسول عليه السلام لمسيحي نجران لحضور هذا المؤتمر، حينما سطر دعوته عليه السلام لهم بقوله (باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب) والأنبياء الثلاثة يؤمن بهم المسلمون والمسيحيون فكأني به عليه السلام يبحث عن المشتركات. 

الأمر الثاني: استقبالهم له عليه السلام في المسجد النبوي ليدخلوا المسجد بزي الرهبان وهم يلبسون الصلبان، بل ويصلوا صلاتهم في المسجد النبوي ويؤدون شعائر دينهم فصلوا بالمسجد النبوي، وهذا يدل على قمة التسامح الديني.

الأمر الثالث بنود المؤتمر التي تنص على حماية المسلمين للمسيحيين، وأنهم جميعا يتعاونون على تحقيق العدل ومنع الظلم، فقد نص المؤتمر على "ولنجران وحاشيتهم جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله: على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وبيعهم، لا يغير أسقف عن سقيفته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا واقف عن وقفانيته". وهو القيم على البيت المعد لعبادة المسيحيين".

كذلك أكد صلى الله عليه وسلم في مؤتمره معهم: "أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، لا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ أرضهم جيش، ولا يغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم ولا شيء مما كانوا عليه ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مثقلين بظلم ولا ظالمين".

ثانيا : مؤتمر الإخوة الإنسانية شيخ الإسلام وبابا الفاتيكان 1440 هجرية
بعد ألف وأربعمائة وأربع وثلاثين سنة يتكرر هذا المؤتمر مرة أخرى، فكان ممثلا أكبر ديانتين على ظهر الكرة الأرضية. 
شيخ الإسلام الإمام الطيب لينفذ شيخ الإسلام وصية النبي العدنان في مسيحي نجران فيقدم مجموعة من التوصيات للمسلمين تمثل جوهر الإسلام في معاملة المسيحيين فيقول شيخ الإسلام: «أدعو المسلمين في الشرق أن يستمروا في احتضان إخوتهم من المواطنين المسيحيين في كل مكان؛ فهم شركاؤنا في الوطن، وإخوتنا الذين يُذكِّرنا قرآننا الكريم بأنَّهم أقرب الناس مـودَّة إلينا».

ثم يذكرنا شيخ الإسلام بمؤتمر وفد نجران، فيقول: علينا ألا ننسى أنَّ المسيحيَّةَ احتضنت الإسلام وهو دين وليد وحمته من طغيان الوثنية والشِّرك التي كانت تتطلع إلى اغتيال هذا الوليد في مهده.

ثم يبين شيخ الإسلام ويقرر مبدأ المواطنة الذي أقره الرسول عليه السلام مع مواطني الدولة من غير المسلمين، ويرفض مصطلح الأقلية فيقول:  أقول لإخوتي المسيحيِّين في الشرق: أنتم جزء من هذه الأُمَّة، وأرجوكم أن تتخلصوا من ثقافة مصطلح الأقليَّة الكريه، فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والواجبات.

وأخيرا يبين أن مصر ورئيسها وشعبها سطروا بأحرف من نور مبدأ الإخوة الإنسانية حينما أقاموا أكبر كنيسة ومسجد كرمز للإخوة الإنسانية، مبينا أن مبادرة الرئيس السيسي الرائدة بافتتاح أكبر جامع وكنيسة متجاورين في الشرق الأوسط خطوة هامة نحو تحقيق الإخوة الإنسانية.

البابا فرنسس ممثلا لمسيحي العالم
فقد دعى من خلال الوثيقة التي وقع عليها مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر إلى نشرِ ثقافة السلام والعدالة واحترام الغير والرفاهية للبشريَّةِ جمعاء، بديلًا من ثقافة الكراهية والظلم والعُنف والدِّماء، وطالبوا قادة العالَم وصُنَّاع السياسات، ومَن بأيديهم مصائر الشعوب وموازين القُوى العسكريَّة والاقتصادية بالتدخل الفوري لوضع نهاية فورية لما يشهده العالم من حروب وصراعات. 

وبينوا أن الأديان الإلهيَّة بريئة كل البراءة من الحركات والجماعات المسلَّحة التي تُسمَّى حديثًا بـ «الإرهاب»، كائنًا ما كان دينها أو عقيدتها أو فكره أو ضحاياها أو الأرض التي تُمارِس عليها جرائمَها المنكرة، وأن أوَّل أسباب أزمة العالَم المُعاصر اليوم إنما يعود إلى غياب الضمير الإنساني والأخلاق الدِّينيَّة، وتَحكُّم النزعات والشهوات الماديَّة والإلحاديَّة والفلسفات العقيمة البائسة التي ألَّهت الإنسان وسخرت من الله ومن المؤمنين به.

هكذا كان هذا مؤتمر الإخوة الإنسانية هو تنفيذ لتوصيات مؤتمر الرسول عليه الصلاة والسلام مع مسيحي نجران من أجل أن يعيش الإنسان في أمن وأمان، بعيدا عن الظلم والطغيان من أجل عمارة الأكوان وتحقيق استخلاف الله في الأرض لبني الإنسان.
الجريدة الرسمية