«ورطة يونيو».. الحكومة ترضخ لمطالب «النقد الدولي».. ركود ضخم يضرب الأسواق الصيف المقبل.. توقعات بارتفاع أسعار العقارات بنسبة 30%.. و20% زيادة متوقعة في أسعار الملابس الجاهزة.. ورفع
كل المؤشرات تؤكد أن شهر يونيو المقبل، سيشهد موجة غلاء غير مسبوقة، تزامنا مع رفع الحكومة الدعم بشكل كامل عن أسعار الوقود، وتركها لقوانين العرض والطلب وأسعار البترول العالمية، ويتوقع خبراء ارتفاعات تتراوح ما بين 20 إلى 40% في أسعار السلع الأساسية والعقارات، وسط احتمالات كبيرة بركود تام في بعض القطاعات الاقتصادية.
وأثار إعلان صندوق النقد الدولي، التزام الحكومة المصرية برفع الدعم وتحرير أسعار الوقود خلال 4 شهور، الكثير من المخاوف خصوصا أن رفع الدعم عن المحروقات سيتبعه ارتفاع كبير في أسعار كل السلع المنقولة، وأهمها المنتجات الغذائية ومواد البناء والتشييد وغيرها.
الحكومة من جانبها ستجد نفسها في ورطة حقيقية، فليس أمامها من حل سوى الاستجابة لمطالب وضغوط صندوق النقد، للحصول على ما تبقى من شرائح قرض الـ 12 مليارا، مع تجهيز خطة لضبط الأسواق والسيطرة على جشع التجار واستغلالهم لأى تحريك في أسعار الوقوع ورفع أسعار السلع بشكل مبالغ فيه.
ارتفاع أسعار الملابس 20%
يحيى زنانيرى، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالاتحاد العام للغرف التجارية، وصف قرار تحرير أسعار البنزين بأنه "خراب على الصناعة المحلية"، ويعوق تطورها للأمام، مشيرا إلى أن تحرير أسعار الطاقة سيؤثر على عمل المصانع ويؤدى إلى ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 20% في الملابس الجاهزة، محذرا من ربط الأسعار الخاصة بالبنزين بالأسعار العالمية.
وأكد زنانيري أن إلغاء الدعم خلال السنة الحالية دون تدرج سيؤدى إلى ضرر بالغ بالصناعة المحلية، والوصول إلى الأسعار العالمية والتكلفة العالمية سيؤدى إلى غلاء شديد في الإنتاج للملابس.
فيما أكد أحمد الزينى، عضو مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية، ورئيس جمعية نقل البضائع بمحافظة دمياط، أن تحرير أسعار البنزين فرصة جيدة للتجار والمنتجين الجشعين والراغبين في تحقيق أغراضهم وتحقيق مكاسب كبيرة على حساب المستهلك دون مبرر.
ارتفاع تكلفة نقل السلع والمواد الغذائية
وأوضح أن السولار يكلف أكثر من 50% من تكلفة النقل بشكل عام، وأن أي ارتفاع في أسعار السولار سيؤدى إلى زيادة تكاليف النقل، لكن في الوقت نفسه لن يؤثر بشكل بالغ على أسعار السلع والمواد الغذائية والخضار والفاكهة في حالة زيادة الدور الرقابى، لافتا إلى أن تكلفة النقل بعد زيادة السولار في القمح والسكر والدقيق ونقل الطن (1000 كيلو) في حالة زيادة النقل سيتم توزيع الزيادة على حجم الأطنان من السلع المنقولة على العربيات من أي محافظة من المحافظات.
وأضاف: "في حالة نقل الخضراوات والفاكهة من أسواق الجملة في العبور وأكتوبر للمناطق الأخرى سيتم توزيع الزيادات في السولار لو وصلت إلى 30 أو 40 جنيها زيادة في النقلة الواحدة، وتوزيعها على الأطنان المحملة، مما يعنى أن الأسعار لن تشهد ارتفاعا في حالة السيطرة على السوق وسيطرة الأجهزة الرقابية.
في السياق نفسه يتخوف عقاريون من موجة صعود جديدة في القطاع العقاري، نتيجة ارتفاع أسعار الوقود في شهر يونيو المقبل، وأكد المهندس حسين صبور الرئيس الفخري لجمعية رجال الأعمال المصريين، أن أسعار العقارات بالطبع سترتفع بسبب زيادة أسعار الوقود المرتقبة أسوة بكل القطاعات الأخرى، وستكون هناك موجة ارتفاع في أسعار مستلزمات وبناء التشييد وأجور العمالة والنقل وغيره وكل ذلك سينعكس بشكل مباشر على أسعار العقارات، ورفض صبور تحديد نسبة الزيادة المتوقعة في أسعار العقارات، مؤكدا أنه من الصعب تحديدها حاليا ولكن ستظهر الفترة القادمة.
وعن تأثير ذلك على مبيعات السوق، قال صبور: السوق العقاري منذ الربع الأخير من العام الماضى يعاني من تراجع شديد ومفاجئ بسبب دخول الكثير من الشركات الجديدة التي لا تتمتع بالخبرة بما دفعها لوضع معايير جديدة للبيع، ومنها خفض دفعات المقدمة، وزيادة فترات التقسيط لمدة تصل لأكثر من 10 سنوات بما يعرض هذه الشركات لأزمات كبيرة، ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة حالات تعثر كبيرة بين الشركات العقارية.
%30 زيادة في أسعار العقارات
واتفق معه المهندس آسر حمدي عضو غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، وتوقع ارتفاع أسعار العقارات بنسبة تصل لقرابة 30% خلال يوليو المقبل، بسبب رفع الدعم عن الوقود، مؤكدا أن تحرير أسعار الوقود الصيف المقبل سينعكس على كل المنتجات والقطاعات بالسوق، وبالتالي سيؤثر على القطاع العقاري، وأشار حمدي إلى أن تكلفة الوقود عنصر أساسي في إنتاج مستلزمات مواد البناء، لافتا إلى أن حركة البيع لن تتأثر كثيرا في بعض الشرائح السكنية، ومنها الإسكان المتوسط وفوق المتوسط، ولكن ستزيد الأعباء على المواطنين محدودي الدخل.
فيما قال المهندس فتح الله فوزى نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصرى ورئيس لجنة البناء والتشييد: إن القطاع العقارى من أكثر القطاعات في مصر التي لا تتأثر بأى ارتفاعات تشهدها البلاد، والدليل على ذلك ما حدث لأسعار الحديد والأسمنت حتى بلغ سعر الطن 13 ألف جنيه، بعد أن كان يبلغ سعر الطن 6 آلاف جنيه، ورغم ذلك فإن القطاع يشهد ضخ مزيد من الاستثمارات العقارية والدليل على ذلك كم المشروعات الضخمة التي يتم ضخها حاليا في المدن الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة.
واستبعد فوزى أن يتأثر قطاع مواد البناء والتشييد حال حدوث أي ارتفاعات في أسعار الحديد أو الأسمنت أو الطوب وغيرها، مؤكدا أن الاستثمار العقارى لن يتوقف وراغبو شراء العقارات لن يتوقفوا عن الشراء وتنفيذ المشروعات بالمثل، مؤكدا أن مبيعات تجار ووكلاء الحديد والأسمنت هي التي ممكن أن تتأثر وتشهد ركودا بالفعل حاليا، بسبب صعوبة تصريف الإنتاج، وهو ما أدى إلى خفض مجموعة عز وباقى الشركات 500 جنيه في سعر الطن.
وعلق رامى جادو الخبير الاقتصادى، على أن قطاع مواد البناء والتشييد يشهد ركودا بالفعل، نتيجة ارتفاع الأسعار ورغم انخفاض أسعار الحديد بسبب صعوبة تصريف الإنتاج، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تنخفض أسعار الأسمنت خلال الأيام المقبلة إلا أن تكهنات حدوث أزمة في قطاع مواد البناء بسبب الحديث عن ارتفاع أسعار الوقود في منتصف العام أمر لا يمكن التكهن به، لكن السوق العقارى دائما يواجه تلك الارتفاعات ويربح في النهاية، والدليل أن السوق يشهد حاليا كما هائلا من مشروعات القطاع الخاص وأخرى مشروعات قومية سكنية وطرق ولا للحصر.
وأكد اقتصاديون أن خطة الإصلاح الاقتصادى التي تتحرك في إطارها الحكومة تتحفز دائما لجذب مزيد من الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية، مؤكدين أن رفع الدعم نهائيا منتصف العام والرضوخ لقرارات صندوق النقد الدولى لن يؤثر على معدلات الاستثمار أو جذبها، بل ممكن أن تتضاعف لثقة مؤسسات التمويل الدولية فيما يحدث داخل البلاد من عملية إصلاح اقتصادى.
محسن عادل رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة يرى أن مصر تسير بخطوات ثابتة نحو الإصلاح الاقتصادى، واتضح ذلك خلال السنوات الماضية في معدلات الاستثمارات التي تضاعفت سواء المحلية أو الأجنبية، والمبادرات التي أطلقتها الوزارة برئاسة الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار مثل فكرتك شركتك ومراكز خدمات المستثمرين التي تم إنشاؤها وثقة مؤسسات التمويل الدولية في مصر الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مكانة مصر في التصنيف الائتمانى والترتيب الدولى.
وأكد عادل أنه لا خوف على الاستثمارات في مصر خلال المرحلة المقبلة، وجاهزون لاستقبال المزيد من الاستثمارات الأجنبية خلال المرحلة المقبلة، مؤكدا أن موافقة صندوق النقد الدولى على صرف الشريحة الخامسة وقيمتها مليار دولار يعد مكسبا كبيرا بثقة تلك المؤسسات في مصر، واستغلال تلك الأموال في مشروعات قومية سيظهر تأثيرها تدريجيا للمواطن المصرى وللاقتصاد بشكل عام.
وكان المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى قد وافق على منح مصر الدفعة الخامسة من قرض الصندوق البالغ إجماليه 12 مليار دولار، ليصل إجمالى ما حصلت عليه مصر من صندوق النقد الدولى منذ نوفمبر 2016 إلى 10 مليارات دولار، ويتبقى دفعة أخيرة بقيمة مليارى دولار تتسلمها مصر قبل نهاية عام 2019.
نقلا عن العدد الورقي..