صفقات أبريل.. انتخابات «جنرالات تل أبيب» تهدد غزة بمزيد من الخسائر.. «تقليم أظافر ملالي إيران» أبرز السيناريوهات.. والطرد من سوريا وموافقة موسكو ضمن القائمة.. وأمريكا المخطط الأكبر
خلال الأسابيع القليلة المقبلة، من المتوقع أن يُمنح شهر أبريل صفة جديدة، فإلى جانب أنه الشهر صاحب «الكذبة» الشهيرة المعروفة بـ«كذبة أبريل»، فإنه سيكون شهر الصفقة الكبرى، والأزمات الكبرى، والسيناريوهات الكبرى أيضا.
دول عدة ستتغير معادلاتها السياسية خلال الشهر المنتظر، أنظمة ستكون «قاب قوسين أو أدنى» من السقوط، وتحالفات لم تكن منطقية في وقت ما، ستصبح في أبريل أمرا واقعا تحت قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات».
إسرائيل.. إيران.. سوريا.. العراق.. أمريكا.. روسيا.. ست دول ستكون الأكثر ظهورًا في مشهد «هدايا أبريل»، عواصمها ستكون على موعد مع مفاجآت وأزمات وسيناريوهات واتفاقيات.. وقطعًا ستخرج الدول هذه، ومن بعدها منطقة الشرق الأوسط من الشهر بما يمكن وصفه بـ«لوك جديد» يتناسب مع بقية أشهر العام الطويلة.
انتخابات «جنرالات تل أبيب»
في أبريل المقبل ستكون دولة الاحتلال على موعد مع الانتخابات التمهيدية للكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، غير إن الانتخابات هذه المرة ليست مجرد انتخابات عادية في تاريخ الاحتلال، وإنما ستكون انتخابات مصيرية، تأتي في مرحلة تمر فيها منطقة الشرق الأوسط بأزمات إقليمية، ودعوات إسرائيل المستميتة للتطبيع مع العرب، وسيكون لهذه الانتخابات تداعيات على القضية الفلسطينية وتحديدًا قطاع غزة ومستقبل حركة حماس.
الانتخابات المنتظرة ستطرح تساؤلات حول هل ستعقد إسرائيل معها هدنة طويلة الأمد أم ستتجه إلى التصعيد واللجوء للحرب، وغيرها من التكهنات التي تهم الشأن العربي، خاصة أن واشنطن تنتظر مرور الانتخابات الإسرائيلية لتمرير صفقة القرن رسميًا.
وستجرى الانتخابات الإسرائيلية تحديدًا في التاسع من أبريل المقبل، وسيحق لكل مواطن إسرائيلي تخطى الـ18 عامًا أن يدلي بصوته، شريطة أن يكون مسجلا في سجل الناخبين على أنه من سكان إسرائيل، ولم تسحب المحكمة منه حق التصويت، ويعتبر هذا اليوم عطلة رسمية.
واللافت في انتخابات هذه المرة أن الأحزاب الجديدة التي تشكلت بسرعة البرق بعد أيام قليلة من إعلان الانتخابات المبكرة في أبريل المقبل بدلًا من موعدها الرسمي في نوفمبر القادم جميعها خلفيتها عسكرية، أسسها عسكريون من قلب الجيش الإسرائيلي، وأبرزهم حزب وزير جيش الاحتلال السابق المتطرف، موشيه يعالون، الذي أسس حزبا بعنوان «تيلم».
ورغم أن «يعلون» دخل الحياة السياسة عام 2008 تحت مظلة حزب الليكود الذي يرأسه رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلا أنه سينافسه بقوة في الانتخابات المقبلة، علمًا أنه في الماضي كان هناك حزب بنفس الاسم يرأسه الإرهابي ورئيس أركان الاحتلال الأسبق، موشيه ديان، خاض به انتخابات الكنيست العاشرة في عام 1981، ويشير حديث «يعلون» خلال إعلانه عن الحزب الجديد إلى أن الأفكار العسكرية المتطرفة المعروف بها جيش الاحتلال هي محور برنامجه الانتخابي وخاصة تركيزه على الحديث عن كونه قدم خدمات جليلة للاحتلال كجندي قبل توليه أي مناصب.
كما يؤكد الحزب في برنامجه على الحفاظ على إسرائيل اليهودية وتعزيز الحلم الصهيوني، وجاء تشكيل حزب «تيلم» عقب إعلان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، بيني جانتس، تشكيل حزبه «الحصانة»، وهو أيضًا شخصية عسكرية من الطراز الأول، تضع في حساباتها الأولوية العسكرية في كل شيء، في الوقت نفسه يجري «جانتس» مع موشيه يعالون اتصالات لبحث إمكانية توحيد كتلتيهما في الانتخابات المقبلة.
الأحزاب الجديدة في إسرائيل تأسست في ضوء حالة من الانشقاقات غير مسبوقة في تاريخ الأحزاب في إسرائيل، والتي من بينها إعلان وزيرة العدل إيليت شاكيد الانشقاق عن حزبها مع وزير التعليم الإسرائيلي، نفتالي بينت الذي يحمل اسم «البيت اليهودي»، لتعلن تأسيس حزب يميني جديد باسم «اليمين الجديد»، والذي ينضم إلى خارطة الأحزاب التي تأسست جديدًا بعد إعلان الانتخابات المبكرة، علمًا بأن زعيمته شاكيد الحسناء ذات العيون الزرقاء تعد من أكثر النساء تطرفًا في دولة الاحتلال، وتكره كل ما هو عربي وفلسطيني وهو ما يتجلى في برنامجها الانتخابي.
حزب آخر جديد تأسس مطلع هذا العام أيضًا هو حزب «جسر» الذي أسسته، أورلي ليفي، بعد الانشقاق عن حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة، أفيجدور ليبرمان، وتنضم الأحزاب الجديدة إلى الأحزاب السابقة مثل «الليكود»، «كلنا»، «إسرائيل بيتنا»، «هناك مستقبل»، وهى أحزاب تقف في أقصى اليمين، وينضم إليها الأحزاب الدينية مثل «البيت اليهودي»، و«شاس»، و«يهود التوراة»، وهناك أحزاب يسارية مثل «ميرتس»، «المعسكر الصهيوني»، إلى جانب حزب «القائمة العربية المشتركة» الذي يمثل العرب في الكنيست، وبهذه الأحزاب تتشكل الخارطة الحزبية الانتخابية في إسرائيل، والتي ستمثل الكنيست المقبل، علمًا بأنه يتطلب من أي حكومة مقبلة أن تحصل على تأييد 61 عضوًا من أصل 120 عضو كنيست.
وفي قراءة للخريطة الانتخابية الإسرائيلية، قال الدكتور ماهر صافي، الباحث والمحلل الفلسطيني: في النهاية كل الأحزاب في إسرائيل سواء الجديدة أو القديمة تعمل لمصلحة دولة الاحتلال سواء يمينية، ليكود أو حزب الحصانة وغيرهم، في المحصلة يجتمعون على شيء واحد هو مصلحة أمن إسرائيل، كل «الشو» والتحضيرات للانتخابات محورها واحد، هو كيف نواجه غزة والمقاومة والصواريخ والأطباق الطائرة، وكيف تبني جدارا مع غزة على البحر لتحييد كل أشكال المواجهة والمقاومة أو العنف من وجهة نظرهم، كل حزب يبذل قصارى جهده من أجل خدمة إسرائيل، لكن لو أجرينا مقارنة بسيطة بين الأحزاب الإسرائيلية والأحزاب العربية سنجد أن هناك فرقا كبيرا بين الجانبين، وللأسف الشديد النتائج معروفة لأن القوة في أيدي إسرائيل بشكل عام والذي يتزعم الحكومة المقبلة.
وأضاف: المرحلة القادمة خطيرة لأن كثيرا من مسئوليهم يتوعدون بقصف أو حرب برية في غزة، كما يتوعدون عناصر المقاومة، ولكن قوة المقاومة مستمرة وشعب غزة سيواصل استبساله، والأحزاب الإسرائيلية تعمل فقط على تهدئة الشارع الإسرائيلي تحديدًا، وأيضا تهدئة من له جنود تم أسرهم عند المقاومة في غزة، وكذلك تهدئة الأوضاع وغلاف غزة والقرى المتاخمة، كل هذه الحملات الانتخابية تشي بأن الأيام القادمة ستشهد تصعيدًا على غزة جراء هذه الحملة الانتخابية الإسرائيلية، وفي الأفق يتضح لنا مشكلة غزة وفلسطين بشكل عام، حيث سيتم فصل غزة عن الضفة، فضلًا عن أن هناك سيطرة إسرائيلية على 85% من قطاع غزة، إلى جانب مواصلة غلق المعابر مثل إيرز وكرم أبو سالم، بالإضافة إلى عقوبات من السلطة ضد القطاع، وبالتالي فإن هناك توقعات بمزيد من التضييق على القطاع.
«د.ماهر» نوه إلى أن انتخابات إسرائيل مرحلة وستعبر، لكن دولة الاحتلال تخطط للقادم، وبعيدًا عن الانتخابات تحاول إسرائيل أيضًا أن تؤسس لعمليات شراكة مع بعض الدول العربية ومحاصرة إيران، وربما تطبيع اقتصادي، تجاري، سياسي، وأمني خلال الأيام القادمة، موضحًا أن «إسرائيل تريد أن تفرض نفسها على أنها قادمة وموجودة كدولة، وهو ما يعززه الإعلان عن صفقة قرن بعد الانتخابات، إسرائيل وأمريكا يريدان تحويل المشروع الوطني الفلسطيني من مشروع سياسي لإنساني يهمه فقط المأكل والمشرب عبر صفقة القرن، ويجب أن يكون هناك خطوات عربية جريئة، وأن تتخذ الجامعة العربية خطوات دبلوماسية جادة وليس تمثيلا فقط، وكذلك حث مجلس حقوق الإنسان والأمم المتحدة وحتى روسيا على اتخاذ مواقف حاسمة».
«تقليم أظافر ملالي إيران»
الخريطة الدولية لن تشهد في أبريل الانتخابات الإسرائيلية، والسيناريوهات التي تستعد «تل أبيب» لتنفيذها في المنطقة، لكن الشهر ذاته سيحمل معه «هدايا غير سعيدة» للنظام الإيراني، لا سيما وأن الطبخة (الأمريكية – الإسرائيلية) الخاصة بـ«تقليم أظافر ملالي طهران» المغروسة في قلب وظهر العراق، ستكون قد نضجت.
الطبخة «الأمريكية – الإسرائيلية» تستند إلى روسيا التي تشكل ضلعا مهما جدًا في مثلث مواجهة نفوذ إيران، في ظل الحديث عن تأسيس تحالف دولي يستهدف النظام الإيراني، على شاكلة التحالف الدولي الذي قادته أمريكا وبريطانيا لإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين.
ويشكل النفوذ الإيراني في سوريا أبرز أولويات السياسة الأمريكية - الإسرائيلية، فـ«تل أبيب» تشن عمليات قصف لأهداف إيرانية ولحزب الله في الأراضي السورية، بضوء أخضر روسي، لا سيما وأن «موسكو» ليس لديها ثقة كامل في الصديق الإيراني وتراه حليف «غير موثوق» فيه.
ومؤخرًا.. ذكر تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان، أن هناك خطة روسية بتوافق إقليمي ودولي، لكف يد إيران في سوريا، بدأت مبكرا حيث جرى منع مشاركة إيران أو حزب الله في عملية الغوطة الشرقية، كما تم التوافق على عودة إيران وحزب الله اللبناني، لمسافة 40 كلم عن الشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتل، كما رصد المرصد صراعا بين قوات الجيش السوري والمليشيات الإيرانية في مدينة الميادين على الحدود العراقية السورية، وقد فجرت القوات الروسية جسورا قبل أسبوع فوق نهر الفرات، تستخدمها الميليشيات الإيرانية شرقي سوريا، كما أرسلت القوات الروسية تعزيزات للقوات الموالية لها، والتي تعمل في المنطقة ذاتها، بحسب تقرير نشره موقع «نتسيف نت» العبري، وزعم الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي، أيضا أن العمليات الروسية ضد الميليشيات الإيرانية جاءت عقب ضغوط مارستها واشنطن على موسكو، حيث أبلغ الأمريكيون روسيا بشكل رسمي أنه ينبغي عليهم العمل على إخراج القوات الإيرانية من سوريا.
وفي نفس السياق.. فإن الإستراتيجية الإسرائيلية ضد الوجود الإيراني في سوريا، تتركز على تعاون كبير بين تل أبيب وموسكو، حيث تعتبر الأخيرة صاحبة الكلمة العليا في العمليات العسكرية التي تدور على الأراضي السورية، وهي تجد في وجود ظهران خطر على استقرار وجودها، في ظل الألاعيب الإيرانية على الساحة الروسية، وقد منحت روسيا الضوء الأخضر لإسرائيل لتنفيذ عمليات عسكرية محدودة في سوريا ضد القوات الإيرانية، بحال تعرض أمنها للخطر.
إذا كان مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا يشكل هدية غير سعيدة لنظام «الملالي»، فإن العمل على تأسيس تحالف دولي ضد إيران أحد أبرز الهدايا السيئة المتوقعة لإيران خلال الأشهر المقبلة، حيث قالت وزارة الخارجية الأمريكية: إن الولايات المتحدة تسعى لبناء «تحالف دولي ضد إيران وأنشطتها المزعزعة للاستقرار».
التحالف الذي متوقع أن يكون على طاولة اجتماع وارسو الذي انطلق، يشكل تهديدا لإيران، لذلك سارعت الأخيرة بالتهديد برد عدائي يوازي ما أعلنته بولندا مؤخرا من استضافتها قمة الشرق الأوسط، والتي ستركز على دور طهران المزعزع لاستقرار المنطقة.
وقد اعتبر نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، مؤتمر وارسو استمرارًا لما وصفها الحرب الاقتصادية الأمريكية ضد إیران، وقال إن «هدف أمريكا في هذه الظروف الراهنة هو السعي وراء زراعة اليأس بين الشعب الإيراني».
من جانبه يرى الخبير في الشأن الإيراني، محمد بناية، أن هناك إرادة أمريكية هدفها الرئيسي تحجيم إيران، لافتا إلى أن تشكيل تحالف دولي ضدها قد يكون ورقة للضغط على النظام الإيراني.
«بناية» الذي استبعد اللجوء إلى العسكري في مخطط «تقليم أظافر الملالي»، أوضح أن «هناك اولويات في خطة تحجيم إيران، أولا إنهاء وجودها العسكري في سوريا، وهذا لن يتم إلا عبر التفاهم مع روسيا، كذلك تحجيم وجودها في العراق، والوصول إلى تفاهمات مع حركة طالبان في أفغانستان، وكذلك إثارة أزمات اقتصادية واجتماعية داخل في الشأن الداخلي، مما يجعل النظام دائما في حالة الدفاع عن النفس، وهو ما قد يؤدي إلى نجاح خطة «تحجم التأثير الإيراني في المنطقة».