رئيس التحرير
عصام كامل

المهندس «كمال واصف» وسيارة شركة غزل شبين!


في الطريق من أحد أحياء الإسكندرية الشهيرة الذي يقطعه بسيارة أجرة بلونها الإسكندراني المميز إلى محطة سيدي جابر الشهيرة، التي توفر دقائق عن محطة مصر الأكثر شهرة بالعاصمة الثانية، كان المهندس "كمال واصف" رئيس مجلس إدارة شركة مصر شبين للغزل والنسيج يقطع طريقه المعتاد أسبوعيا أو عدة مرات في الأسبوع إذا لزم الأمر..


كان الطريق للوصول إلى المصنع يبدأ أولا بالوصول إلى طنطا، ومن هناك تكون سيارة الشركة المخصصة لرئيس مجلس الإدارة تنتظره كالعادة في ميدان المحطة الشهير.. دقائق يكون المهندس "واصف" بداخل السيارة ومعه ابنه الطالب وقتها، والذي أراد والده أن يشغل وقته ويدربه على العمل والاجتهاد في الحياة، حتى لو كان والده رئيسا لمجلس إدارة شركة كبرى ومؤهلا أن يكون وزيرا للصناعة في أي لحظة- فالشركة تربح وتكسب وتحقق معدل تشغيل جيد وتسدد ضرائبها وتأميناتها أولا بأول..

كل مرة يصل فيها "كمال واصف" وابنه إلى مقر الشركة وقبل أي شيء كان المشهد المتكرر هو كالآتي: يستدعي أولا مدير مكتبه، ثم يطلب منه أن يودع في خزينة الشركة ما يعادل أجرة انتقال ابنه من طنطا إلى شبين الكوم! وكل مرة يحاول مدير مكتبه وبعض المتواجدين ونواب رئيس مجلس الإدارة إقناع المهندس "واصف" أن الشركة لم تتكلف شيئا، وأنها في كل الأحوال استهلكت الطاقة نفسها التي ستستهلكها..

كان المهندس "واصف" بمفرده أو معه شخص أو أكثر.. ولكن كان المهندس "واصف" ينهرهم، ويكرر عليهم رده كل مرة: "هل يحق لابني استخدام سيارة الشركة"!

نروي القصة ليس فقط لنرد على من يقولون إن القطاع العام كان يخسر، وأن عوامل فشله كانت بداخله.. وهذا غير صحيح.. ولا حتى فقط لنقول إن المناخ العام من النزاهة ينتقل تلقائيا من الكبير إلى الصغير.. وإنما أيضا لندعو الخبراء وبجدية لمناقشة حقيقية ومعرفة وفهم أسباب وجذور المعاناة التي أدت إلى أزمات القطاع العام..

لتكون مرشدة للدولة كلها وليس لوزير قطاع الأعمال وحده، ودور الانفتاح الاقتصادي في ذلك، وكيف ومتى بدأ التخريب في ممتلكات المصريين، وحتى تكون الحرب على الفساد شاملة وسريعة وفاصلة!
قصة المهندس "كمال واصف" كانت عام ١٩٦٩!!
الجريدة الرسمية