رئيس التحرير
عصام كامل

مراحل تطور الجريمة في الأسرة.. 92% من الجرائم تحت مسمى «دفاع عن الشرف».. القاهرة والجيزة يسجلان أعلى المعدلات.. الضغوط الحياتية تظهر أمراضا نفسية كامنة.. والأذهان اعتادت على أشكال العنف

فيتو

ما بين ليلة وضحاها، تنتشر أخبار عن جرائم أسرية بشعة تجرد مرتكبوها من كل أشكال الإنسانية والمودة والرحمة، تفننوا في استخدام أخطر وسائل التعذيب والقتل، في ظاهرة لها جذور تاريخية ولكنها أخذت طابعا مختلفا، كتطور طبيعي للعصر الذي نعيشه، لذلك كان لابد من التعرف على خريطة الجريمة في مصر، ومراحل تطورها.


كشفت آخر الإحصائيات الصادرة عن المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية خريطة معدلات الجريمة الأسرية في مصر، وأكدت على أن حالات العنف الأُسري في المجتمع المصري وصلت إلى نحو 1.5 مليون حالة سنويًا.

وأضافت الإحصائيات، أن 92% من الجرائم الأُسرية تندرج تحت مسمى "جرائم الشرف"، و70% منها يرتكبها الأزواج ضد زوجاتهم، و7% يرتكبها الآباء ضد بناتهم، و20% يرتكبها الأشقاء ضد أخوتهم، و3% يرتكبها الأبناء ضد أمهاتهم.

كما أن 70% من تلك الجرائم اعتمدت على الشائعات، و60% بسبب سوء الظن، وتوزعت أدوات ارتكاب الجرائم بين استخدام أداوت عدة، حيث ارتُكب 52% منها بواسطة السلاح الأبيض، و11% من خلال إلقاء الضحايا من المرتفعات، و5% بالرصاص، و5% تعذيب حتى الموت، كما أشارت الإحصائيات إلى أن 87% من جرائم العنف الأسري ارتكبت ضد الأطفال والنساء المتزوجين، مقابل 13% من غير المتزوجين، كما أن الذكور يشكلون أغلبية مرتكبي جرائم العنف الأسري بنسبة 78%، بينما الإناث 22%.

القتل على مدار السنوات الماضية
وبلغة الأرقام التي كشفت عنها وزارة الداخلية، فإن جرائم القتل العمد في 2014 بلغ عددها 2890 قضية، تم ضبط 2242 منها بنسبة ضبط وصلت نحو 81%، وفى عام 2015 بلغ عددها 1711 تم ضبط 1516 منها، وفى 2016 بلغ عددها 1532 تم ضبط 1397 منها، وفى عام 2017 بلغ عددها 1360 تم ضبط 1182 منها.

بينما أكد تقرير لقطاع مصلحة الأمن العام عن معدلات الجريمة في مصر، أن المحافظات الأعلى في معدل الجرائم بالترتيب: القاهرة وتليها الجيزة ثم القليوبية ثم الغربية.

اقرأ..إرضاء للزوجة الثانية..أب يقتل طفلته وجنايات المنيا تقضي بحبسه 10سنوات

تطور الجريمة
أما عن مراحل تطور الجريمة الأسرية في مصر، تقول الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن جرائم القتل تاريخيًا موجودة وليس مستحدثة على المجتمع، ولكن تم استحداث طرق وأساليب مختلفة لإرتكابها، تعتبر أكثر بشاعة متجردة من العواطف الإنسانية، يرجع ذلك لزيادة معدلات الإدمان والجهل والتباطئ في إصدار الأحكام القانونية، مؤكدة على أن تلك الجرائم ترجع لأسباب متعددة عندما تتفاعل مع بعضها تخرج الجريمة بهذا الشكل.

الأسباب
أما عن الأسباب التي جعلت الجريمة بتلك البشاعة وتجردت من كل أشكال الإنسانية، سردتها أستاذة علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث، في الضغوط الحياتية الصعبة إذا كانت مادية أو عاطفية أو أي نوع من الضغوط عندما تزيد عن حدها يمكن أن تؤثر في إظهار المرض النفسي، منوها على أن الكثير منا مصاب بأمراض نفسية تظل كامنة ولم تظهر إلا من الضغوط والاستثارة الشديدة وخاصة التي تبدأ بهلاوس سمعية وبصرية أو حالات اكتئاب عقلي.

وأوضحت "فايد" أن هناك شخصيات تكون «سيكوباتية» بالميلاد بمعنى أن الشخص لديها سياسة العنف بالطبيعة منذ ميلاده، وبيولوجيا لديه استعداد للعنف الشديد، فمعظم المجرمين يتميزون بالشخصية الـ«سيكوباتية» ومع الضغوط التي يشهدها يشهدها المجتمع الحالي، يتحول المرض الداخلي المكمون لدى هؤلاء الأفراد إلى حالة غير طبيعة تساعده على ارتكاب أي شكل من أشكال الجرائم وعلى رأسها الجرائم الأسرية.

«أم بلا قلب».. سيدة بالغربية تحبس ابنها 10 سنوات في منزل مليء بالثعابين

تكوين صورة العنف
أما عن تكوين صورة العنف في الوجدان، أكدت أستاذة علم الاجتماع أن التعرض المستمر لصورة العنف من خلال مشاهدته في الدراما أو الأفلام وحتى في نشرات الأخبار على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي كسرد أبشع طرق قتل داعش للأبرياء، يجعل الذهن أكثر اعتيادا على تلك الصور، ويمكن في أي لحظة يقوم بها أي فرد لديه مرض نفسي كامن.

وفسرت "فايد" الجملة التي يكررها الكثير بعد ارتكاب الجريمة وهي"أنا مش عارف أنا عملت كده ازاي"، لأنه أصبح خارج عن الوعي، فهو يسلك هذا المسلك من خلال تراكم الصورة في وجدانه وتراكم الضغوط الذي تجعله في حالة نفسية غير طبيعية، وأن كل هذه الحالات عندما تتضافر مع بعضها في لحظة غضب، يمكن أن يرتكب أي فعل بشع في أي وقت.
الجريدة الرسمية