رئيس التحرير
عصام كامل

«موت وخراب ديار».. الحمى القلاعية تلتهم قوت الغلابة من الماشية بأسيوط (فيديو)

فيتو

على أطراف الترع والمصارف وبتلال القمامة في قريتهم الفقيرة ألقى فتيانهم بجيف حيوانات كانت تمثل لديهم الحصن والأمان من براثن العوز والفقر بعدما ضربت الحمى البهائم في أنحاء القرية وتركتها جثث هالكة متناثرة في الشوارع وخسارة فادحة للغلابة قضت لديهم على الأخضر واليابس، فأضحى الحدث "موت وخراب ديار".


في قرية كردوس التابعة لمركز ومدينة أبوتيج بمحافظة أسيوط الأكثر فقرا، ارتضى قاطنوها بالعوز والحاجة عنوان لحياتهم اتخذوا من الضنك وشظف العيش رفيقا للكثير منهم، فأغلبهم يعيشون أسفل خط الفقر بدرجات عدة يعتمدون في رزقهم وقوت حياتهم وزيجاتهم على ماشية اقتنوها للكسب من تربيتها إلا أن الكابوس جاء والنائبة الكبرى التي ضربت أغلب منازلهم في سيناريو جديد يقتنص من حياتهم ما يعيشون به مع تجاهل تام من المسئولين تحت مسمى "الحمى القلاعية".

يؤكد مظهر عبد الجواد أحد سكان قرية كردوس أن الحمى القلاعية ضربت القرية وقضت على أغلب المواشي بها، فبعض المنازل خسرت أكثر من حيوان في آن واحد، رغم الأهالي يعتمدون بشكل أساسى على تربية المواشي في رزقهم وفى قوت يومهم من خلال منتجاتها أو بيعها في المواسم لتغطية نفقات تعليم الأطفال وتزويج الفتيات، لافتا إلا أن الحمى تنتقل بشكل سريع بين المواشي عن طريق العدوى حتى وصلت حالات النفوق لأعداد هائلة.

بينما أكدت أم محمود إحدى سيدات المنطقة أن عائلتها خسرت الكثير من الحمى القلاعية بعدما أصابت المواشي وقضت عليها حتى بات شباب العائلة يحملون حيوان ميت يوميا ويلقونه على الترعة أو في أول البلد، مشيرة إلى أن "موت المواشي خراب للبيوت"، قائلة: كلنا فلاحين ومعندناش غير البهايم نعيش من رزقها.

بينما أكد محمد السيد مواطن بالقرية أن الحمى القلاعية وباء انتشر في الآونة الأخيرة، وقضى على أغلب المواشي بالقرية ويمثل تهديدا للثروة الحيوانية بالمركز وبأسيوط بصفة عامة، خاصة أن القرية لم تشهد أي زيارات للحجر الطب البيطرى أو مديرية الزراعة وإنما تجاهل المسئولين وقلة الموارد بالقرية وعدم وجود أطباء مع الفقر الذي يعيش فيه الأهالي جعلهم يخسرون في معركة الحمى القلاعية والأوبئة الأخرى التي تصيب الماشية.

ويطالب أهالي القرية المسئولين بمديريات الزراعة والطب البيطرى والمحافظة بسرعة اتخاذ اللازم والإجراءات الممكنة لوقف انتشار الوباء من خلال حملات التحصين أو الكشف الدوري، وخاصة أن معظم الأهالي لا يمتلكون سعر الكشف على حيواناتهم، كما أن الكثير منهم يجهل بالمرض وعلاماته، فينتشر كالنار في الهشيم بين جميع الحيوانات في الأحواش والحظائر وتتضاعف الخسائر.

في سياق متصل، يوضح الدكتور بدران توفيق طبيب بيطرى أن الحمى القلاعية مرض فيروسي سريع الانتشار، يصيب الأبقار والأغنام والماعز وينتقل بالعدوى من الحيوانات المريضة من خلال البول والبراز والسيلانات الفموية، والعلف الملوث والمياه أو حتى الاستنشاق حيث يمكن أن ينتقل بواسطة ذرات الغبار في الهواء في المناطق المصابة، ومن خلال أرجل الحيوانات، ومن خلال ممارسات الأهالي غير الواعية في تحصين الماشية أو عزلها بمجرد الإصابة.

وعن علامات الإصابة يؤكد بدران أن الفيروس حينما يصيب الحيوان تتكون فقاعة مائية أولية بعدها ترتفع درجة حرارة الحيوان المصاب فترة تتراوح بين 24 و36 ساعة، وفى هذه الفترة يكون الحيوان ناقلًا العدوى بدرجة كبيرة، حيث يفرز الفيروس في اللعاب واللبن والبراز، ثم تتورم شفتا الحيوان المصاب، وكذلك يسيل اللعاب بشدة من فم الحيوانات المصابة ليصل إلى الأرض على هيئة خطوط فضية طويلة، ثم تنتشر الفقاعات في الفم والبلعوم واللثة، وعادة ما تنفجر وتترك قرحًا مؤلمة ملتهبة، لدرجة أنها تمنع الحيوان من تناول العلائق، وتسبب فقد الشهية.
الجريدة الرسمية