ترشيحات قوية باستمرار تعافي الجنيه مع تحسن مصادر الدخل الأجنبي
تتطلع الأوساط الاقتصادية أن يواصل الجنيه صحوته خلال شهر فبراير الحالى بعد أن فقد الدولار نحو 27 قرشا في الأيام الأخيرة من يناير 2019.
وبالنظر إلى ما يمر به الاقتصاد وبعد أكثر من عامين من عملية الإصلاح الاقتصادى التي قامت بها الحكومة في نوفمبر 2016 نجد أن هناك مؤشرات تحسن قوية لغالبية الاقتصاد خاصة تلك التي تتعلق بالعملة الصعبة.
تحسن العملة الصعبة سيكون مدفوعا بتحسن مصادر النقد الأجنبي مثل السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والصادرات المصرية حيث من المتوقع أن تصل إيرادات مصر من السياحة نحو 11 مليار دولار أمريكى مقابل 10 مليارات دولار في العام السابق 2018.
وقد ارتفعت تحويلات المصريين بالخارج خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر 2018 بمقدار 1.2 مليار دولار أمريكي بمعدل زيادة 5.7 % لتسجل نحو 23.3 مليار دولار مقابل 22.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة التي تسبقها، ومن المتوقع ارتفاعها خلال العام الجارى 2019 لتسجل زيادات أعلى مع الامتيازات التي تمنحها الحكومة للمصريين بالخارج.
تعد تحويلات المصريين في الخارج أحد أهم إيرادات النقد الأجنبي في مصر، بل تتصدر كافة المصادر الأخرى من النقد الأجنبي، وتعتبر مصر من أعلى الدول في الحصول على تحويلات العاملين بالخارج من حيث القيمة.
يتوقع خبراء مصرفيون مزيدا من التحسن للجنيه المصرى أمام سلة العملات الرئيسية خاصة الدولار الأمريكي.
وقال محمد عبد العال الخبير المصرفي، إن تطورات سعر الفائدة على الدولار الأمريكى تعد أحد العوامل المؤثرة في سعر صرف الجنيه، وأيضًا سعر الفائدة عليه.
وأضاف الخبير المصرفي أن البنك المركزى الأمريكى أعلن أمس، أنه سوف يُبقي على أسعار الفائدة كما هي دون تغير في النطاق الحالى، وهو ٢،٢٥٪ إلى ٢،٥٠٪، مُلمحًا إلى أنه سيكون صبورًا في رفع الفائدة طوال عام ٢٠١٩، وذلك في ظل المخاوف من تأثير الركود العالمى، وهدوء وتيرة ارتفاع معدل التضخم الأمريكى.
وأشار إلى أن مؤدى ذلك، أن الهوامش أو فارق الفائدة بين الدولار الأمريكى وأسعار الفائدة على عملات الدول الناشئة ومنها مصر يتسع، لافتًا إلى أنه إذا علمنا أن مصر الآن تحتفظ بأعلى عائد في العالم على أدواتها الاستثمارية بعد الأرجنتين، ومع استمرار ثبات فائدة الدولار، وتحسن كل المؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى واستقرار الأحوال السياسية والأمن فإن ذلك يدفع إيجابيًا إلى توقعات عديدة منها استمرار العودة القوية للمستثمرين الأجانب للاستثمار في أوراق الدين الحكومى، وعودتها إلى معدلاتها السابقة، بالإضافة إلى دعم استقرار الجنيه المصرى. في ظل آلية السعر الحر.
ولفت إلى أن مستوى سعر الصرف الحالى الجديد بعد الانخفاض الذي حدث في سعر الدولار مطلع هذا الأسبوع، فرصة لخفض فاتورة الاستيراد، والدولار الجمركى، ومع انخفاض أسعار النفط عالميا وأسعار السلع المستوردة، ستكون الفرصة مؤكدة لانخفاض أسعار السلع في الأسواق المحلية وهو الأمر الذي يخفف العبء على كاهل المواطنين ويساعد على خفض معدلات التضخم.
وقال: من المتوقع مع انخفاض معدل التضخم وثبات الفائدة على الدولار الأمريكى أن يبدأ البنك المركزى المصرى في خفض تدريجى لأسعار الفائدة على الجنيه ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، خفض تكلفة التمويل تشجيعا لتحقيق معدلات النمو المقدرة وخفض عبء الدين المحلى.
قال الخبير المصرفي هاني عادل: إن البعض تناول تصريحات محافظ البنك المركزي الأسبوع الماضي بشكل غير صحيح والترويج لانخفاض جديد في قيمة الجنيه المصري، رغم أن المحافظ لم يذكر إلا أن سعر الصرف سيشهد تغيرات في الفترة المقبلة وهو طبيعة الحال لعملة تم تحرير سعر صرفها.
وأشار "عادل" إلى أن حدوث تغيير بالإيجاب أو السلب أمر وارد جدا ويرجع في النهاية إلى معدل الطلب والعرض على العملة الأجنبية، ورغم أن الفترة الماضية وبالأخص خلال ٢٠١٨ شهدنا حالة استقرار لأسعار الصرف إلا أن ذلك قد يكون لعدة أسباب منها التزام البنك المركزي بآلية خاصة لتحويل أموال المستثمرين الأجانب، وبإلغاء تلك الآلية فإن الأمر معتمد كليا على حجم التدفقات النقدية الداخلة والخارجة من السوق المصري.
وأضاف الخبير المصرفي أن انتهاء آلية البنك المركزي لتحويل أموال المستثمرين الأجانب هو بمثابة إشارة انتهاء لخروج الاستثمارات قصيرة الأجل والتي تسمى بالأموال الساخنة، ما يعني أنه من غير المتوقع أن نشهد خروج استثمارات جديدة في الوقت الحالي بل على العكس المنتظر أن نشهد مزيدا من التدفقات النقدية للاستثمار في السوق المصري.
وأشار إلى أنه لا يجب أن نهمل أن مؤشرات نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي تعتبر عامل جذب مهما لمستثمري العالم بالإضافة لبعض التقارير الدولية التي تشيد بحالة الاقتصاد المصري وغيرها من التقارير والدراسات التي تظهر تقدم الاقتصاد المصري على كثير من الأسواق الناشئة في المستقبل القريب.
وكان محافظ البنك المركزي قال في تصريحاته إن شهر يناير يعد أول شهر منذ مايو الماضي يشهد صافيا إيجابيا لتدفقات الاستثمارات الأجنبية، أي أن هناك زيادة في المعروض من العملة الأجنبية وبالتالي المتوقع أن يشهد سعر الجنيه تحركا إيجابيا، وهو ما أكده المركزي بالفعل أمس بعد ارتفاع سعر الجنيه أمام الدولار بقيمة ٢٠ قرشا تقريبا.
يذكر أن خلال الفترة الماضية صدر تقرير عن بنك ستاندرد تشارترد يوضح أن الدراسة التي قام بها أحد أكبر بنوك العالم تشير إلى أن الاقتصاد المصري سيحتل مكانة بارزة ضمن أكبر ١٠ اقتصاديات على مستوى العالم والجدير بالذكر أن التقرير كان له صدى كبير جدا في العالم وهو ما يدعم التوقعات بزيادة التدفقات الاستثمارية في الفترة المقبلة.
وفي مقابلة صحفية مع وكالة بلومبرج قال طارق عامر محافظ البنك المركزى: "نحن ملتزمون بضمان أن السوق حر خاضع لقوى العرض والطلب، ولكن في نفس الوقت لدينا احتياطيات تساعدنا على مواجهة المضاربين أو الممارسات غير السليمة في السوق".
ورجحت بلومبرج أن تسهم تصريحات محافظ البنك المركزي في طمأنة المستثمرين الأجانب الذين يتابعون السياسة الاقتصادية لمصر مع اقتراب البلاد من إنهاء اتفاقية صندوق النقد الدولي والتي تبلغ مدتها ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار.