رئيس التحرير
عصام كامل

عزيمة «صدقي» تهزم مؤامرة الإنجليز


في عام ١٩٢٥ اشتري "حسن أنيس" طائرة ألمانية، وقرر أن يقودها إلى مصر قادمًا من برلين، وعندما وصل إلى جزيرة كريت اليونانية، ليبدأ آخر مرحلة إلى الإسكندرية، وجد في انتظاره برقية تخطره بأنه غير مسموح له بدخول مصر بطائرته، بحجة عدم وجود تشريع مصري ينظم عمليات الملاحة الجوية، فعاد حزينًا من اليونان، حيث ترك الطائرة واستقل الباخرة إلى وطنه..


وفي شهر أكتوبر ١٩٢٩ طلب الطيار "محمد صدقي" من السلطات المصرية السماح له بالطيران من ألمانيا إلى مصر، ولكن السلطات الإنجليزية التي كانت المسيطرة في ذلك الحين، وضعت أمامه العراقيل حتى تحبط عزيمته، وتعمدت تأخير التصريح حتى ١٤ ديسمبر من نفس العام..

ففي هذا الوقت من السنة يكون الطقس في أوروبا ومنطقة البحر المتوسط غير مستقر، ولكن صدقي بمجرد تسلمه التصريح قرر السفر بطائرته الصغيرة متحديًا الإنجليز.. في ١٢ يناير ١٩٣٠ وقف صدقي في مطار برلين استعدادا للرحلة، وحاول الجميع إثناءه عن الطيران في هذا اليوم، لكنه قرر بدء رحلته، حيث انطلق بطائرته في رحلة مثيرة وخطيرة عبر أوروبا في صراع مع الطقس غير المستقر، وعلي المقعد المجاور له صندوق به تمساح صغير كان يتفاءل به..

وفي الساعة الثانية بعد ظهر الأحد ٢٦ يناير ١٩٣٠، احتشد الآلاف من المصريين بمطار هليوبوليس الذي كان في ذلك الوقت مطارًا حربيًا إنجليزيًا في مهرجان كبير، وقد أقيم صوان كبير امتلأ عن آخره بأعيان وعظماء ووزراء مصر، وعلي رأسهم رئيس الوزراء ومندوب الملك فؤاد الأول..

وفي الساعة الثالثة والربع ظهرت في سماء المكان طائرة صغيرة بمحرك واحد، ومقعدين، دارت فوق المطار ثلاث مرات، وما أن هبطت ونزل الطيار منها لقي من الاحتفاء ما يفوق الوصف، لأنه أول طيار مصري يصل للقاهرة بطائرة خاصة مملوكة له.. هذا اليوم تم اعتباره عيدًا قوميًا للطيران المصري يتم الاحتفال به سنويًا.
الجريدة الرسمية