رئيس التحرير
عصام كامل

إذا كان ربُ البيت بالسعر رافعا فشيمة المستوردين الرفع


لا شك أنه من المبهج والمفرح أن يتراجع سعر صرف الدولار الأمريكي على مدار الأيام الماضية، بنحو 30 قرشًا، في صورة تراجع مستمر، وكان من أسباب ذلك التراجع تأكيد البنك المركزي أنه ملتزم بضمان وجود سوق صرف حر خاضع لقوى العرض والطلب.


وكذلك استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلى القابل للتداول من الأذون والسندات، والتي شهدت عودة قوية خلال الشهر الجاري تؤكد الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري، وأثرت إيجابًا على انخفاض الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري، وسوف تدعم نجاح طرح السندات الدولية المصرية التي تنوى مصر طرحها خلال الفترة القادمة، في الأسواق الدولية.

وشهدت سوق الإصدارات الحكومية خلال شهر يناير 2019 عودة قوية لاستثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلى القابل للتداول من الأذون والسندات، وذلك بعد العودة من إجازات أعياد الميلاد والعام الجديد، وقد تسارعت وتيرة تدفقات استثمارات الأجانب منذ بداية العام لتبلغ ذروتها الأسبوع الحالي بنسبة مشاركة بلغت نحو 30% في المتوسط في عطاءات أذون الخزانة، ونحو نسبة 55% في عطاء سندات الخزانة خمس وعشر سنوات.

وقالت وزارة المالية إن 100% من طرح سندات الخزانة لمدة خمس سنوات بجلسة يوم الإثنين 28/ 1/ 2019 كانت من نصيب المؤسسات الاستثمارية الأجنبية وهو ما يوضح مدى ثقة المستثمرين الأجانب في أداء الاقتصاد المصري.

ومنذ تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016، وتعد آلية العرض والطلب أساسًا لتحديد سعر الدولار أمام الجنيه، في البنوك العاملة في السوق المحلية، وهو ما يؤكد أن انخفاض وارتفاع سعر الدولار يرجع إلى زيادة وانخفاض المعروض داخل البنوك العاملة في السوق المحلية المصرية.

ومع انتهاء السوق السوداء والمضاربة على العملة، مع تحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر 2016، ارتفع معدل بيع العملة الصعبة للبنوك المصرية، وارتفع إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتسجل نحو 26 مليار دولار خلال عام، وهو ما يعكس ثقة المصريين في التعامل مع الجهاز المصرفي المصري كنتيجة إيجابية لقرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري.

وكل ذلك جميل جدا لكن الذي يهم المواطن المصري في هذا الشأن هل سينعكس انخفاض الدولار على الأسعار لتنخفض ؟

نجد أن الإجابة قد تكون صادمة، وذلك لأنه لا توجد أية رقابة على المستوردين الذين يتحكمون في السوق كيفما شاءوا، ويوجهونها إلى ما يريدون، فنحن نتذكر جيدا عندما ارتفع الدولار بعد تحريره مباشرة في 3 نوفمبر 2016 بما يزيد على 10 جنيهات دفعة واحدة فوجئنا في نفس الساعة بارتفاع الأسعار ارتفاعا جنونيا، وقد كانت الحكومة أول من استغل رفع سعر الدولار فقامت برفع أسعار الطاقة كلها مما أدى لارتفاع كل الأسعار..

وقد كان رفع سعر الدولار بصورة مفاجئة فرصة عظمى لمافيا المستوردين –أسميها مافيا لأن ذلك الوصف ينطبق عليها تماما، فالمافيا تعمل لصالحها فقط بغض النظر عن صالح الشعوب وتدميرها وهو ما يقوم به المستوردون في مصر أو معظمهم– فقامت برفع أسعار موادها التي في المخازن بحجة ارتفاع الدولار رغم أنها كانت قد استوردت هذه المواد بسعر الدولار المخفض، ولم تجد من يردعها من الحكومة ويجعلها لا ترفع أسعار المنتجات إلا بعد استنفاذ مخزونها والإتيان بالمواد الجديدة بالأسعار الدولارية الجديدة، وما كانت الحكومة تفعل ذلك وهي التي كانت سباقة لاستغلال ارتفاع الدولار في رفع أسعار منتجاتها من الطاقة.

وبهذا المنطق –أي رفع أسعار المواد المستوردة مباشرة بعد رفع أسعار الدولار مباشرة– ينبغي أن تنخفض الأسعار مباشرة بعد انخفاض الدولار مباشرة، لكننا وجدنا أن المستوردين ومعهم بعض المسئولين الحكوميين يؤكدون أن الانخفاض في السعار لن يكون مباشرا، حيث إن المواد التي في الأسواق قد تم شراؤها بأسعار الدولار المرتفع..

ولذلك فسينتظر المواطنون أن ينفد المخزون من السلع بالأسعار المرتفعة للدولار حتى يستورد المستوردون بالأسعار المنخفضة فيتم تخفيض الأسعار وقتها، أي بعد ما يعادل 6 أشهر أو الدورة الاستيرادية، وطبعا ذلك لأنه لا توجد كما قلنا رقابة من الحكومة التي هي أول المستغلين للمواطنين، فهي الأخرى لن تخفض من أسعار الطاقة أو منتجاتها بنفس الحجة "وإذا كان رب البيت بالسعر رافعا فشيمة المستوردين الرفع".
الجريدة الرسمية