الدويقة والدولة الجديدة القادرة على «ستر» مواطنيها!
"أنا بقالي 7 سنين بلف بولادي الأربعة علشان أوفر الورق اللي طلبه مني الحي علشان أخد شقة في الأسمرات، ورغم المرار اللي شفته مخدتش حاجة علشان ورقي مش كامل، وفوق كل ده جوزي متوفي، بس مليش غير إنى أقول حسبنا الله ونعم الوكيل. سألناها عن مسكنها المتواجدة فيه الآن، فأجابت أنها ما زالت تسكن وأولادها الأربعة في غرفة مشتركة بمنشأة ناصر مع شقيقها"!
الكلام للسيدة "علوية محمد أحد" من سكان الدويقة، بينما يقول "إسماعيل محمد" أحد سكان شارع الزرايب "إن الأهالي عانوا الكثير منذ سقوط الصخرة في 8 سبتمبر 2008، بالإضافة لعدم محاكمة المسئولين عن الكارثة وترك الأهالي تدفع الثمن، ومع ذلك تكرر سيناريو الانهيار في يناير 2015، بسقوط صخرة أخرى لكن العناية الإلهية رحمت الفقراء من الإصابات والوفيات"َ!
التصريحان من سكان الدويقة قبل سنوات نشرتهما الزميلة "أميرة الشرقاوي" بالأهرام في الثامن من سبتمبر 2016، في الذكرى الثامنة لسقوط صخرة الدويقة، وحتى 2011 ظلوا في هذا الجحيم الذي وصفوه، ثم جاءت تداعيات سنوات الفوضى والفشل وبالعجلة الذاتية، لارتباك يعقب الفشل كان طبيعيا أن تظل المأساة ويظل الألم.
أمس الأول تكررت مأساة الدويقة، وكان اختبارا حقيقيا للدولة الجديدة في مصر، والتي ليس فقط نجحت فيه وبشكل ساحق فقط ووفرت للأهالي المسكن المناسب كامل المرافق مكتمل الفرش، إنما أيضا جرى كل ذلك وفي ساعات معدودة، بل وأيضا في هدوء تام!
الآن نقول إن من عاشوا وتربوا ونشئوا لسنوات في مناخ يتراوح ما بين الفشل والفساد يصعب عليهم أن يشعروا بمناخ آخر يبني ويحارب الفساد إلا بعد استيعاب صدمة الانتقال السريع إليه.. وهؤلاء كان منطقيا في ظل حكم الإرهابية أن يغلبهم الحنين إلى ما قبلها.. إلى حد الاعتذار للمتسبب في تسليم الإرهابية نفسها مفتاح البلاد ورقاب العباد.
لكن أن يظل الحنين عند البعض فهذا يحتاج إلى دراسات وأبحاث.. وإلى حين الانتهاء منها، علينا أن نطمئن أننا في وطن قادر على ستر مواطنيه عند أي طارئ!