رئيس التحرير
عصام كامل

نداء وزير التعليم العالي والإعلام البديل!


نشر الأستاذ عباس الطرابيلي، الكاتب الصحفي الكبير، في مقاله أمس، بجريدة المصري اليوم، ردًا من الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي، على مقال سابق له، ينتقد فيه وضع مصر التعليمي، ويرفض الاحتفاء بحصول بعض جامعاتنا المصرية على مراكز تبدأ من ترتيب «١٢٢» على مستوى العالم، واعتبرها الكاتب الكبير ليس مجالًا للافتخار، بل ناقوس خطر للتحرك وإنقاذ الجامعات المصرية من الضياع.


المقال المُصاغ بحبر الغيرة على التعليم المصري من الكاتب الكبير أصاب الهدف في زاوية أخرى، وهي رد الفعل ومبادرة السيد وزير التعليم العالي بالاتصال بالأستاذ ليس فقط لتوضيح بعض النقاط عن وضع الجامعات حاليا، بالمقارنة بالسنوات القليلة الماضية، وإطلاعه على خطة مصر لتحديث المنظومة التعليمية القائمة بمستويات متقدمة، وإنشاء جامعات أوروبية جديدة بمعدلات عالمية في العاصمة الإدارية، ولكن بضرورة مساندة رجال الأعمال في مصر للجامعات الحكومية التي تعلموا فيها بالمجان، والاقتداء بنظرائهم في الخارج، والإنفاق على البحث العلمى، وتمويل الأبحاث التي سيستفيدون منها حتمًا، هم ومؤسساتهم، كما ستعود بالاستفادة على مصر والمصريين.

الحوار الدائر بين الطرابيلي ووزير التعليم، كشف عن زلة الجهل بأهمية البحوث في مصر، ولن يوضحها بعناية إلا الإعلام؛ فمتى كان صناع الرأي العام على فهم بأولولية قضاياه -خاصة في الوقت الحالي- تسارع رجال الأعمال في تلبية النداء، والأمثلة كثيرة على استجابتهم للقضايا الجادة التي فرضها الإعلام كثيرًا على أجندة اهتمامات رجال المال، بما يجعلنا نطرح السؤال الأكثر أهمية: هل يدرك رجال الإعلام ــــ المقروء والمسموع والمرئي ـــــ أهمية مخاطبة العقل، والإخلاص من أجله، في الوجبات المعرفية التي يقدمونها للمصريين، بما يجعلهم مؤمنين بأهمية حشد رجال الأعمال للتمويل والاستثمار في البحث العلمي بمختلف المجالات!

قبل أسبوعين أجريت حوارًا مع الأستاذ الدكتور أشرف منصور، أستاذ الفلسفة بجامعة الإسكندرية والقطب التنويري الكبير، للبحث عن إجابة لهذا السؤال: أين العقل في أجندة اهتمام الإعلام، وكيف يمكن إنتاج خطاب ثقافى شامل، وإعادة توظيف القضية في اهتمامات الشارع المصري؟

طالب أستاذ الفلسفة الإعلام، بالاهتمام والبحث عن كوادر من المفكرين، القادرين على الوصول إلى الجمهور عن طريق الأسلوب الشيق المبسط، وتخصيص برامج تنويرية كثيرة، واللحاق بمواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، التي تقوم الآن بدور تثقيفي وتنويري هام للغاية.

تعجب الدكتور منصور من عدم مبادرة المؤسسات الإعلامية والصحفية الكبيرة بلعب هذا الدور، رغم إمكانياتها التي تفي بذلك، وطالبها بالوعي الكامل بأجندة التنوير، والتعاطف معها، وتركيز جهودها في جمع المثقفين، وزيادة مساحة المواد الثقافية في الفضائيات والصحف، فالمحاولات حتى الآن فردية ومبعثرة هنا وهناك !

شكرا للأستاذ الطرابيلي، وشكرا لوزير التعليم، والنداء مفتوح للجميع، والإعلام قبل رجال الأعمال.. ادعموا الفكر والبحث والثقافة والعلوم والتنوير، وساعدوا الدولة بما تستحقه مصر وأهلها.
الجريدة الرسمية