رئيس التحرير
عصام كامل

«الرئيس القاتل».. سطور للتاريخ !


كان "ويليام بيرنز" وكيل الخارجية الأمريكية في أحد أيام فبراير من عام 2011، مندهشا جدا من حوار ساخن مع "جان ديفيد ليفيت" الدبلوماسي الفرنسي المقرب من الرئيس الفرنسي الأسبق "ساركوزي"، بسبب إصراره على ضرورة توجيه ضربة إلى ليبيا ورغبة من "بيرنز" في وقف إلحاح "ليفيت"، ومساعيه لتحرك حلف الناتو، أبلغه أنه "يخشي من مواقف الدول أعضاء الحلف"، ولكنه فوجئ بالدبلوماسي الفرنسي يقول: "يمكننا التحرك الآن بمفردنا"!

بعد اللقاء بأسبوعين أعلن "ساركوزي" اعترافه في 11 مارس 2011، بالمجلس الانتقالي الليبي المعارض للرئيس القذافي، وهو ما وصفه "مارك روتا" رئيس الحكومة الهولندية بـ"الجنون الفرنسي"، وذلك طبقا للمحاضر الرسمية لحلف الناتو التي حصل عليها موقع "إنترسبت" الأمريكي ونشره قبل أسابيع في فضيحة كبيرة نقله عنه، عديد من صحف العالم. 

إلا أن وقبل أن يفهم أحد سر الخطوة الفرنسية فوجئ العالم بخطوة أخرى قام بها وقتها "آلان جوبيه" وزير الخارجية الفرنسي الذي طلب من مجلس الأمن حظر الطيران فوق ليبيا، في خطوة لمنع القوات الجوية الليبية من مواجهة الإرهابيين وعملاء قطر وتركيا، وهو ما أدى بالفعل إلى تحقيق مكاسب على الأرض.. 

وقتها اجتمع حلف الناتو في أحد أيام شهر مايو عقب صدور قرار مجلس الأمن بفرض الحظر فعليا، واستمر اجتماع الناتو ساعات طويلة، إلا أن قيادة الحلف فوجئت بعد أقل من ساعتين على نهاية الاجتماع ببدء الطائرات الفرنسية -أسراب من الطائرات الرافال- منفردة ودون إبلاغ أحد من حلفاء فرنسا بضرب ليبيا!

كان التساؤل الدائم عند عدد من القادة الغربيين وقيادات بارزة في حلف الناتو عن سر الحماس الفرنسي في الهجوم على ليبيا، والرغبة في التخلص من القذافي ولم يجدوا الإجابة.. إلا أن "أوباما" والإدارة الأمريكية كانوا يعرفون السر!

وتمر السنوات وتتعدد روايات استشهاد العقيد معمر القذافي، إلا أن مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي نفسه في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية" نشر في أكتوبر من العام الماضي أنه يستبعد "إرسال ساركوزي قناصا لقتل القذافي"، ولم يعرف أحد وقتها سر كل هذا العداء، رغم كل كلام ساركوزي عن رغبته في تحرير الشعب الليبي ووضعه على طريق الديمقراطية كان غير مقنع!

وتمر الأيام ولا أحد يعرف سببا لكراهية ساركوزي للقذافي رغم العلاقة التي كانت تبدو في وسائل الإعلام بينهما، حتى كانت القنبلة التي فجرتها صحيفة "الليموند" بخير القبض على ساركوزي قبل أسابيع، وقالت إنه مقبوض عليه بتهمة تلقيه أموال لدعم حملته الرئاسية في 2007 من العقيد "القذافي"!

كان ساركوزي يعرف أنه مرتشٍ ورشوته هي الأسوأ أمام القانون والتاريخ.. إنها الرشوة السياسية بأموال، يقول "أحمد قذاف الدم" لقناة فرانس 24 في أغسطس 2018 أن القذافي أرسل بالفعل أموال لدعم ساركوزي بلغت 20 مليون يورو، ليتأكد جزء مما سبق وقاله رجل الأعمال اللبناني "زياد تقي الدين" قبل عامين لموقع "ميديا بارت" الإخباري، من أنه نقل من ليبيا ومن عائد أموال غير رسمية مبلغ 5 ملايين يورو تسلمها من عبد الله السنوسي رئيس المخابرات الليبية، وسلمها إلى مدير دعاية ساركوزي "كلود جيان" بنفسه!

رئيس فرنسي سابق يمارس سلوك عصابات المافيا وتجار المخدرات، يتآمر على رئيس دولة ساعده في السابق ليس لأي سبب إلا أن تموت الفضيحة معه ويدفن سر الرشوة السياسية الكبرى.. إلا أن ربك بالمرصاد!

الجريدة الرسمية