ماذا بعد هبوط أسعار الدولار أمام الجنيه.. العملة الخضراء تتراجع 20 قرشا.. اقتصاديون: ليس انخفاضا قويا وغير مؤثر.. سبب التراجع بدء الإجازة الصينية والطلب المتزايد من المستثمرين على أدوات الدين الحكومية
أكد خبراء أسواق المال والاقتصاد أهمية تراجع سعر الدولار في مواجهة الجنيه المصري، مشيرين إلى أهمية استغلال تلك الخطوة ما سيؤثر على الاستثمار المباشر وغير المباشر، بالإضافة لتأثيراته على البورصة المصرية.
قال إبراهيم الإمبابي، رئيس شعبة السجائر والمعسل بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات إن التغيرات التي طرأت على سعر الدولار اليوم ستؤثر بالإيجاب على صناعة التبغ (المادة الخام لتصنيع السجائر والمعسل)، إذا استمرت في الثبات أو التراجع لمدة طويلة.
وأوضح الإمبابي في تصريحات خاصة لـ"فيتو" أن كل مستلزمات الإنتاج لصناعة السجائر والمعسل ليس لها بديل محلي، لافتًا إلى أنه يتم استيراده من الخارج، مشيرا إلى أن حجم الإنتاج من السجائر يصل إلى 85 مليار سيجارة سنويًا.
يذكر أن سعر صرف الدولار تراجع أمام الجنيه بين قرش و20 قرشا في 7 بنوك عاملة في مصر بمنتصف تعاملات أمس الأحد، مقارنة بمستواه في الصباح، كما تراجع سعر الشراء 3 قروش في بنك البركة، واستقر سعر الشراء والبيع في بنكين آخرين.
ليس انخفاضا قويا
وأضاف الدكتور وائل النحاس، خبير أسواق المال أن الانخفاض الذي شهده الدولار مقابل الجنيه المصري بنحو ٢٠ قرشًا ليس بالانخفاض القوي والذي يؤثر إيجابًا على حجم التعاملات أو الأداء، موضحًا أن التأثير يبدأ عندما يكون هناك انخفاض في قيمة الدولار بنحو لا يقل عن ١٠٪، ويكون ناتجا عن انتعاش حقيقي في الاقتصاد المصري، وتراجع في الديون وعجز الموازنة.
وأوضح النحاس لـ"فيتو" أن ما حدث من انخفاض لا يتخطى نسبة ١٪، ما يعني أنه انخفاض قليل، وأسبابه ترجع إلى بدء الإجازة الصينية والتي يتراجع معها الضغط على العملة الأجنبية، وبالتالي انخفاضها بنسبة بسيطة، ما يعني أنه ليس هناك تحسن في الاقتصاد المصري في الآونة الأخيرة، وإنما لأسباب خارجية.
آلية الإنتربنك
وقرر البنك المركزي المصري إنهاء العمل بآلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب، ودخول وخروج هذه الأموال عبر سوق الصرف بين المصارف "الإنتربنك" له بالغ الأثر على زيادة التدفقات الأجنبية، وهو ما ساهم في الوفرة الدولارية.
وآلية الإنتربنك نظام يُلزم البنوك بإعلان أسعار بيع وشراء العملات الأجنبية بشكل تبادلي ومباشر، ولا يحق لأي بنك الامتناع عن ذلك وفق هذه الآلية، التي تتمتع بالشفافية والقدرة على ضبط سوق الصرف وفق آليات العرض والطلب دون تأثير للسوق السوداء أو لشركات الصرافة.
كما يعد الإنتربنك نظامًا لتداول الدولار بين البنوك المحلية، مع الالتزام بإعلان كل بنك عن الأسعار عبر شاشات شبكة التداول الإلكتروني تحت رقابة السلطات النقدية.
وأنهى البنك المركزي المصري العمل بآلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب ديسمبر 2018، لافتا إلى أنه يتعين على تلك الاستثمارات الجديدة التعامل دخولًا وخروجًا من خلال سوق الصرف بين البنوك "الإنتربنك".
وأكدت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولي أن مصر شرعت في برنامج إصلاح اقتصادي طموح يدعمه الصندوق حاليًا بمقتضى اتفاق مالي، مشيرة إلى أن منذ ذلك الحين حققت مصر تقدمًا كبيرًا يدلل عليه نجاحها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي.
وأضافت لاجارد أن معدل النمو أصبح من أعلى المعدلات المسجلة في المنطقة، كما يسير عجز الميزانية في اتجاه هبوطي، والتضخم في طريقه لبلوغ الهدف الذي حدده البنك المركزي مع نهاية 2019، كذلك انخفضت البطالة إلى 10% تقريبًا، وهو أدنى معدل بلغته منذ عام 2011، وتم التوسع في إجراءات الحماية الاجتماعية.
وأشارت مدير عام صندوق النقد الدولي إلى أن من المهم البناء على التقدم الذي تحقق حتى الآن، والمضي قدمًا في الإصلاحات الهيكلية التي تسهل تحقيق النمو وخلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص، إلى جانب الإجراءات التي تعزز الشفافية والمساءلة؛ ومن ثم تساهم في تحسين الحوكمة، وسيساعد هذا في الوصول إلى نمو أعلى وأكثر شمولًا للجميع، ويضمن مستويات معيشية أفضل لكل المواطنين.
أسعار الدولار بالبنوك
وأظهرت أحدث البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي تراجع متوسط سعر الدولار الأمريكي بمقدار 20 قرشا، ليسجل نحو 17.65 جنيه للشراء و17.75 جنيه للبيع، مقابل نحو 17.87 جنيه للشراء و17.95 جنيه للبيع يوم الأربعاء الماضي.
وانخفض الدولار في تعاملات أمس الأحد في البنوك المحلية، وهو التراجع الأول للعام الجاري 2019، حيث انخفض ببنوك الأهلي المصري ومصر بمقدار 4 قروش، مسجلا نحو 17.65 جنيه للشراء و17.75 جنيه للبيع، مقابل نحو 17.79 جنيه للشراء و17.89 جنيه للبيع في تعاملات الأربعاء الماضي.
كما انخفضت الورقة الخضراء ببنك الإسكندرية بمقدار 10 قروش، مسجلة نحو 17.76000 جنيه للشراء و17.86000 جنيه للبيع، مقابل نحو 17.89000 جنيه للشراء و17.96000 جنيه للبيع في تعاملات الأربعاء الماضي.
وفي السياق نفسه تراجع الدولار بالبنك العربي الأفريقي الدولي بمقدار 9 قروش، ليسجل نحو 17.65 جنيه للشراء و17.75 جنيه للبيع، مقابل نحو 17.86 جنيه للشراء و17.96 جنيه للبيع.
وسجل الدولار بالمصرف المتحد نحو 17.65 جنيه للشراء و17.75 جنيه للبيع، مقارنة بــ 17.89 جنيه للشراء و17.99 جنيه للبيع، بتراجع قدره 24 قرشا، كما انخفض الدولار بالبنك التجاري الدولي نحو 20 قرشا، ليسجل نحو 17.65 جنيه للشراء و17.75 جنيه للبيع.
أبرز أسباب التراجع
ولعل أبرز الأسباب التي أدت إلى التراجع الكبير للورقة الخضراء مقابل العملة المحلية "الجنيه" دخول المستثمرين الأجانب والاستثمار في أدوات الدين الحكومية "سندات وأذون الخزانة"، وهو ما يجعلهم يحصلون على العملة المحلية مقابل الدولار.
وأكد مصدر مصرفي أن الساعات الأخيرة شهدت طلبا متزايدا على أدوات الدين الحكومية، لذا يبيع هؤلاء المستثمرون الدولار مقابل الجنيه.
وفي مقابلة صحفية مع وكالة بلومبرج أوضح طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصري: "نحن ملتزمون بضمان أن السوق حر خاضع لقوى العرض والطلب، ولكن في نفس الوقت لدينا احتياطيات تساعدنا على مواجهة المضاربين أو الممارسات غير السليمة في السوق".
ورجحت بلومبرج أن تسهم تصريحات محافظ البنك المركزي في طمأنة المستثمرين الأجانب الذين يتابعون السياسة الاقتصادية لمصر، مع اقتراب البلاد من إنهاء اتفاقية صندوق النقد الدولي والتي تبلغ مدتها ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار.
وأشارت شركة بلتون للسمسرة في الأوراق المالية إلى أن البنك المركزي المصري قرر إلغاء آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب، مع تحديد 4 ديسمبر 2018 ليكون آخر أيام العمل بها، وتطبيق القرار على استثمارات الحافظة بالعملات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية من أذون خزانة وسندات وكذلك الأسهم المدرجة في البورصة المصرية، دون التأثير على الأرصدة القائمة داخل الآلية قبل تاريخ 4 ديسمبر 2018.
وتابعت الشركة: "قرار إلغاء آلية تحويل أموال المستثمرين جاء وفقًا لتوقعاتنا، حيث توقعنا في مذكرة بحثية صادرة في فبراير 2018 أن يشجع البنك المركزي تدريجيا تدفقات العملة الأجنبية عبر سوق الإنتربنك".
تدفقات جديدة مباشرة
ولفتت إلى غياب المخاوف بشأن تحويل أموال المستثمرين مع استقرار احتياطيات النقد الأجنبي في مستويات مرتفعة على الرغم من نمو الواردات، وسيسمح هذا الإجراء بدخول تدفقات جديدة مباشرة إلى القطاع المصرفي، ويأتي في وقت مهم للقطاع المصرفي الذي يشهد استمرارا في تراجع صافي الأصول الأجنبية لديه، التي سجلت عجزًا بنحو 3.95 مليار دولار في سبتمبر، مقارنة بعجز 2.3 مليار دولار في أغسطس الماضيين.
وأكدت بلتون: "يدعم هذا القرار رؤيتنا باستقرار العملة المحلية مع أقل نسبة تذبذب دون سعر صرف 18 جنيها مقابل الدولار خلال عام 2019، نرى الإنهاء التدريجي للآلية إيجابيًا، حيث نجح في تخفيف حدة التقلبات القوية لسعر الصرف في وقت ترتفع فيه الضغوط التضخمية، كما يؤكد القرار التزام البنك المركزي المصري بنظام التعويم الحر، ويتفق مع توجيهات صندوق النقد الدولي التي أوصت بإنهاء هذه الآلية".
وأوضحت أن البنك المركزي المصري راجع خطة تسعير آلية تحويل أرباح المستثمرين من خلال فرض رسوم 1% على الاستثمارات الجديدة التي تدخل هذه الآلية في ديسمبر 2017، بهدف مرور مزيد من التدفقات إلى النظام المصرفي، وذلك عقب قرار إلغاء الحدود على واردات السلع غير الأساسية.