عناوين فاضحة بمعرض الكتاب
ربما كان مقبولا تدني الموسيقى والأغاني والسينما والمسرح في مراحل الانحطاط والفترات الانتقالية في حياة الأمم، ويزخر تاريخ الضعف المصري بكلمات وعناوين هابطة، أو بسينما المقاولات، ولكن أن تصل المسألة للكتب وتصبح ظاهرة فتلك مصيبة؛ لأن الكتب في نظري هي ضمير الأمة حتى في أحلك لحظات الاستبداد والهوان، ذلك أن عمر الكتاب أطول من عمر الأغنية والدراما، وهو في المتناول أيسر من أي وسيلة أخرى.
يفترض أن الكتب إما تعلمنا وإما تثقفنا وإما تضيف لنا علمًا ومعلومات موثقة، لدرجة أن أصبح الكتاب خير جليس للمرء، ولكن إحباطات الجيل الجديد من الكتاب وبؤسهم، وربما ضحالتهم وكتاباتهم الانطباعية انعكست على المحتوى، وكانت عناوين كتبهم إما رغبة في لفت النظر وإما احتجاجا صاخبا وإما محاولة لتدمير القديم والتمرد على النمطية وابتكار نموذج خاص بهم.
ولذا جمعت "ياسمين الخطيب" مجموعة مقالات في كتاب عنوانه "ولاد المرة"، وتبعها "محمد دياب" بكتاب عنوانه "ولاد الوسخة"، وبالمناسبة هذا غير المخرج "محمد دياب"، وبغض النظر عن الفحش والتدني وسطحية المحتوى، فإن تلك العناوين تعكس إلى حد كبير جوهر الكاتب، ذلك أن "الخطاب بيظهر من عنوانه" كما يقولون، وأضف لذلك شهوة الشهرة السريعة والنجومية بلا مجهود، ومنطق "العنوان بياع" التي صكتها بعض دور النشر التي تعمل بنفس منطق "السبكي" في السينما.
وبالفعل راح البعض ينتقد تلك الكتب حتى قبل أن تقرأ محتواها، والأهم أن يكون الكتاب لامرأة على درجة من الإثارة والجمال، ولا مانع من وضع صورة مثيرة للكاتبة على الغلاف بجوار العنوان الغريب ليثور الجدل كأكبر دعاية وتسويق للكتاب، بالضبط كما تفعل "سما المصري" يوميا بفيديوهات تتعدى الحياء والجرأة، بهدف خلق الإثارة حولها لتظل الأضواء عليها بأي ثمن.
ولهذا كان صراع الأزواج مادة مهمة للكتاب، مثل: "عاوزة أتجوز"، و"أبو الجواز"، و"أيامه السودة"، و"أول سنة جواز"، و"اللي خلف مانمش"، و"مبروك المدام حامل"، و"أنا جوزي مفيش منه" لياسر قطامش، و"جوزني شكرًا"، و"برضه هاتجوز تاني" لإيهاب معوض، وخذ مثلا بعض عناوين الكتب الثقافية "الطريق المنير لقتل الصراصير"، و"خمسون وصية في التطنيش على الهدية".
وفِي الكتب السياسية كانت العناوين: "أساليب الإرهاب في قتل الذباب"، و"ضحايا انفجارات المياه الغازية"، و"أهم معارك رمي الأحذية في التاريخ"، وفِي الروايات هناك عناوين، مثل: "دمع على صلعة"، و"بلوعة الجيران"، و"الرصاصة التي لفت الكوع"، و"مأساة ممسحة"، و"قلبي ومعدتي وأمعائي"، و"عندما يتحرك النطع"، وهي مجموعة قصصية: "وكسة.. حكايات عايشينها"، و"الغطا والحلة وعشان السنارة تغمز" لأمل محمود.
و"ما فعله العيان بالميت" لبلال فضل، و"٣٦ لايك و١٢ كومنت" لأحمد عاطف، و"مدة إنبوكس"، و"الحب في زمن البوتكس" و"أحلام كلب لولو" لجهاد التابعي، كتعبير صادق عن مصطلحات وأدوات جيل النساء الجديد، ومعها "منى الدواخلي"، و"في المهنة مزة"، و"الدلع سنكوح"، و"إيهاب معوض" في "واي من لوف مزز"، و"مذكرات بنت هبلة وشاب صايع" لفاطمة طلال، و"سواقة البنات" لـعبير عبد الوهاب.
وكان بالمعرض العام الماضي عنوان "السلابكس ملهلط" لدرجة أن كاتبه قال: (أعلم أن العنوان صعب أن تستدل عليه وربما يثير فضولك كي تقتنيه أو يثير اشمئزازك كي تبتعد عنه وتستعيذ بالله من هيافة كتاب اليومين دول)، و"فانلة داخلية" لخالد بيومي، و"فيها لا مؤاخذة حاجة حلوة"، و"فتح المتعال في مدح النعال" لأحمد المقري.
وللعلم فهناك عناوين أشد غرابة في العالم، مثل: (the social history of the machine gun) أي التاريخ الاجتماعي للمدفع الرشاش، وعناوين لقصص، مثل: "من أجلك يا خروف"، و"امرأة من طابقين".