رئيس التحرير
عصام كامل

٦ مقترحات من مستشار وزير البيئة الأسبق للقضاء على بؤر التلوث الصناعي

مستشار وزير البيئة
مستشار وزير البيئة الأسبق، المهندس حسام محرم

تعد مشكلة بؤر التلوث الصناعي في المناطق السكنية من المشكلات البيئية المعقدة، حيث توجد في مصر مناطق وصلت فيها أحمال التلوث إلى مستويات عالية تهدد البيئة والصحة العامة، ومن بينها "حلوان وشبرا الخيمة" ومناطق أخرى متفرقة في نطاق القاهرة الكبرى وفي محافظات أخرى.


وللحد من هذه الظاهرة، أكد الخبير البيئي، مستشار وزير البيئة الأسبق، المهندس حسام محرم، أنه ينبغي العمل على المحور الوقائي لتجنب هذه المشكلة مستقبلاُ، والمحور العلاجي لتدارك المشكلة في المناطق التي وصلت بالفعل إلى الحدود القصوي لأحمال التلوث.

وعلي المستوى الوقائي، أشار محرم إلى أنه ينبغي إدماج البعد البيئي في التخطيط العمراني على مستوى القطر المصري لتجنب بروز أي مشكلات بيئية مستقبلية ناجمة عن سوء التخطيط العمراني الذي يؤدي إلى ارتفاع كثافة الأنشطة المسببة للتلوث ومنها المصانع الكبري.

وعلى المستوى العلاجي، فإنه ينبغي إتباع مجموعة خطوات لتحديد بؤر التلوث بمعيار أحمال التلوث، ثم تحديد خطة مستقلة لخفض أحمال وتركيزات التلوث في كل بؤرة طبقاُ لخصوصية كل حالة على حدة. ويتم تحديد بؤر التلوث من خلال برامج محكمة للرصد البيئي مع تطوير البرامج الحالية بحيث تشمل أحمال التلوث وليس فقط تركيزات الملوثات. ومن ثم لابد أن تشمل برامج الرصد البيئي جرد للملوثات في كافة المناطق العمرانية بكافة انواعها، ثم مقارنة النتائج بالحدود القصوى لأحمال التلوث التراكمية المسموح بها.

أضاف مستشار وزير البيئة الأسبق أنه ينبغي تعظيم استخدام "الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد" في عمليات رصد نوعية البيئة "هواء وماء وتربة" ورصد التلوث من المنشآت الصناعية، وكذلك استخدام الأقمار الصناعية في كافة المجالات البيئية بوجه عام، حيث يؤدي ذلك إلى توفير معلومات بيئية شبه متكاملة مع خفض الجهد والوقت والمال في كثير من الحالات، وهي آلية غير مستغلة حاليا.

كما ينبغي العمل على خفض مسببات ظاهرة بؤر التلوث الصناعي من جذورها من خلال محاور متعددة، حيث يعد الحل الجذري هو خفض أحمال التلوث في المناطق المتأثرة وبالأخص العاصمة التي تحتاج إلى مشروع قومي لإعادة هندسة القاهرة الكبرى لتحسين جودة الحياة من خلال مخطط عمراني أفضل، لخفض الكثافة السكانية ومن ثم خفض معدلات التلوث عامة في المدينة، وقد تقتضي الاعتبارات البيئية نقل بعض المصانع ذات أحمال التلوث العالية الكائنة في مناطق تجاوزت الحدود القصوي للأحمال التراكمية أو الكائنة وسط أو بجوار أو بالقرب من كتل عمرانية أو مناطق حساسة بيئياُ أو الكائنة في مناطق تفتقر إلى بنية أساسية كفيلة باستقبال الملوثات الصادرة عنها والتحكم فيها وبالتالي في آثارها البيئية السلبية.

ولفت المهندس حسام محرم إلى أنه يجب أن ننتبه إلى ضرورة طرح آليات لتجاوز مقاومة المصانع لمخططات نقلها من خلال قانون أوتشريع متكامل ينظم بأسلوب علمي عملية النقل ويتضمن مجموعة من الحوافز الإيجابية (مثل الحوافز الضريبية والجمركية وغيرها) وكذلك الحوافز السلبية وفي مقدمتها فرض تعويضات بيئية على الشركات طوال مدة بقائها في المناطق الملوثة المراد إلزامها بإبعادها عنها، حيث أن تلك التعويضات كفيلة بدفع تلك المصانع والمنشآت إلى المسارعة بالنقل لتجنب التعويضات البيئية الباهظة التي تعد من أهم أدوات التحكم في السلوك البيئي للمنشآت، ويلزم اختيار المناطق الجديدة وفقاُ لدراسة بيئية واقتصادية دقيقة لمنع ترحيل المشكلة من مكان لآخر، مع مراعاة مصالح ووجهات نظر المصانع والمنشآت المستهدفة وكذلك كافة الأطراف المعنية.

وبالنسبة للمنشآت التي يتبين أنه لا توجد حاجة لنقلها، قال إنه ينبغي تحسين أدائها البيئي، بما يؤدي إلى خفض أحمال ملوثات الهواء الصادرة عنها بتشديد الرقابة البيئية بأنواعها وأساليبها المختلفة خاصة في مجال الرصد اللحظي كما هو مطبق حالياُ مع مصانع الأسمنت والأسمدة ويجري تعميمه على المنشآت ذات أحمال التلوث الغازية العالية مثل منشآت توليد الطاقة، مع توظيف نتائج تلك الرقابة في الضغط على المنشآت لتوفيق أوضاعها البيئية من خلال جعل تكلفة الغرامات والتعويضات أعلي من تكلفة توفيق الأوضاع البيئية حتى يكون ذلك كما أسلفنا بمثابة حافز سلبي لها لتبني حلول بيئية تخفض أحمال التلوث الناتجة عنها، مع إعادة ترتيب أولويات الدعم الموجه إلى مشروعات توفيق الأوضاع البيئية والتحكم في التلوث الصناعي ليتجه التمويل إلى المنشآت الأكثر تلويثاُ للبيئة بمعيار أحمال التلوث وليس بمعيار تركيزات التلوث.
الجريدة الرسمية