«الظاهر بيبرس.. أسطورة أهملها التاريخ» بمعرض الكتاب
احتفل الكاتب عبد الرحيم عبد الواحد بتوقع كتاب الظاهر بيبرس.. أسطورة أهملها التاريخ"، على هامش فعاليات الدورة الذهبية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
ويشرح الكتاب كيف أعاد بيبرس الخلافة العباسية التي سقطت مع سقوط بغداد في يد هولاكو، وهي الخطوة الثانية التي خطاها بعد أن استتب له الأمن، كما جسد خلال حكمه فضائل جليلة وبرهن عن مؤهلات وكفاءات تتجاوز ما يتصف به الحكام، وُصفت بعظمة لا جدال فيها، ولا تنال إلا بإنجازات فعلية، فكان أول من جلس للمظالم من سلاطين المماليك، فأقام دار العدل، وأقام عدة إصلاحات بالحرم النبوي الشريف، وجدد في الشام مسجد إبراهيم عليه السلام وقبة الصخرة وبيت المقدس، واهتم بالزراعة فأنشأ مقاييس للنيل، وأقام الجسور، وحفر الترع، وأنشأ القناطر، واهتم بالصناعة وبخاصة ما يحتاج إليه الجيش من الملابس والآلات الحربية، وبنى جامعًا عظيمًا عرف باسم جامع الظاهر بيبرس في القاهرة.
ويرى الكاتب بأن سطور الكتاب هي محاولة لتصويب خطأ، بل خطيئة كبرى تدفع الأمة ثمنها، حين أقصينا الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري من مكانه الطبيعي في مركز الذاكرة الجمعية، إلى الحواف، فمثله - ومن منظور موضوعي - لا ينبغي أن يبرح الذاكرة.
ويعترف المؤلف بأن صفحات الكتاب بالتأكيد لن تسع وحدها لشرح كل شيء وإانجازات السلطان الظاهر بيبرس ومناقبه، حيث سنخصص ذلك في الطبعة الثانية الموسعة والمزيدة قريبًا جدًا، لكنها محاولتنا هنا لاستنهاض أمة، أو ربما دق جرسها لتستفيق مما هي عليه من سبات تاريخي.
وأضاف الكاتب، يبدو أن كيمياء السياسي تفاعلت مع التاريخ فأفرزت معطيات فرضت على الواقع المعاش شروطا ثقافية عمدت إلى شطب أجزاء مهمة من التاريخ لمصالح سياسية معاصرة، وهو ما قد يفسر غياب رمز بقامة الملك الظاهر بيبرس عن فصول كتب التاريخ الإسلامية برغم فعله ما يعظم من شأنه في الأطلس الاجتماعي والسياسي والثقافي.
وأوضح في أحد فصول الكتاب إلى هذا رأينا على سبيل المثال لا الحصر رسم صورة الأبطال، ومنهم رموز الحقبة المملوكية وعلى رأسهم السلطان بيبرس على أنهم رجال دولة محبين للنساء، والطعام والشراب، وفي أحسن الأحوال مشغولون بحروب الاغتيالات فيما بينهم، ومؤامراتهم الداخلية للمحافظة على كراسيهم، وأن امرأة تقودهم في مرحلة ما من مراحلهم ثم تقتل شر قتلة.
ويرى الكاتب أنه ومما يدعو إلى الأسف كما سنجد أن هذا معظم ما يجري تقديمه في الكتب ووسائل الإعلام لرموز تاريخ الأمة وشخصياتها العظام عامة والحقبة المملوكية خاص، وكأنها ممتدة من حكايا النساء في «ألف ليلة وليلة» الأسطورية فقط.
ويعتقد الكاتب بضرورة ضرورة تسجيل هذا الكتاب لهذه المرحلة وضربه لأمثلة وشهادات لأصحاب التاريخ تحاول الاجابة عن سؤال لما كان تعاطي الجيل بهذه الصورة مع الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، كمثال على سطوة قلم سياسة الحاضر على التاريخ، ويقول: "ولم نقتصر على ذلك فقط، بل سجلنا كذلك أثرا من الرؤية التي على الأمة اتباعها عبر شهادات من أساتذة تاريخ توقفوا برهة عند أحداث تاريخية وعلى رأسها مقتل الرمز قطز واتهام بيبرس بالحادثة، في فعل رأى فيه هؤلاء الأساتذة تفسيرا غير مقبول ومستهجن من قائد حمل في دفتر تاريخه كل تلك الإنجازات المعترف بها".
وتوقف الكتاب عند ما يمكن وصفه بجرثومة الاستشراق واتباعه من العرب التي عانت منها الثقافة والوعي الإسلامي الذي تصدّر في الأمة ثقافتها وشرحها حتى لتاريخها، وأحيانا المتصل بدينها.
ويضيف الكاتب بأن الواقع الذي يعيشه العالمين العربي والإسلامي فرض عليه شخصيًا، ضرورة استحضار شخصية الظاهر بيبرس ومدى الإهمال الذي تعرض له، وذلك في ظل انتشار حالة من اللغط في تفسير أحداث التاريخ، فمنهم من اعتمد على أسس منطقية وتاريخية وفعلية، ومنهم من ركز فقط على عنصر الإثارة والتشهير والسباب بألفاظ لا تليق بألقابهم وصفاتهم فاتهموا رموز وقادة وأبطال ووصفوهم بأنهم سفاحون.