رئيس التحرير
عصام كامل

عن بطل عيد الشرطة الذي اعتقلوه وحاكموه وفصلوه!


حدثوكم عن مقاومة المحتل والتضحية والصمود.. وكله حقيقة وربما أقل من البطولة الأسطورية التي دفعت بالضباط والجنود المصريين المحاصرين داخل مديرية أمن الإسماعيلية -مبنى المحافظة وقتئذ- إلى قراءة الفاتحة بما فيهم الضابط عبد المسيح، لإيمانهم أن العملية كلها استشهادية، خصوصا أن العدو البريطاني الذي يحاصرهم لا تقل قواته عن سبعة آلاف معهم المدرعات والدبابات وذخيرة وإمدادات لا أول لها ولا آخر!


لكن يجب أن يعرف شعبنا أنه وكما حدث مع أحمد عرابي حيث تم تزييف وعي المصريين لسنوات طويلة حولته إلى مجرم في نظر الناس، حتى أنه مات كمدا بعد أن بصق عليه مواطن التقاه في طريقه، إلا أن الحق عاد لأهله وتمت كتابة التاريخ من جديد..

نقول: يجب أن يعرف شعبنا ما تم تجاهله في أغلب الروايات عن هذا الحادث البطولي أهمها أن قرار المقاومة اتخذه الضابط الشجاع مصطفى رفعت مع زملائه المحاصرين معه دون أي أوامر من القاهرة! وأهمها أيضا أنه بعد انتهاء المواجهة والتي انتهت باستشهاد عشرات الأبطال وجرح الباقي ونفاذ الذخيرة لم يقبل الاحتلال الإنجليزي إلا باعتقال رفعت ورفاقه، وتمت محاكمتهم وسجنهم عدة أشهر وفصلهم من الخدمة! 

لم يكرموهم رسميا كما يتوهم البعض!

لا..لا.. ولولا الارتباك الكبير الذي مرت به البلاد والخوف من غضب المصريين ومن تكرار غضب رجال الشرطة لظل مصطفى رفعت والذين معه في السجن حتى ثورة يوليو، والذي تم استدعاؤه بعدها على الفور لمجلس قيادة الثورة وأعيد إلى الخدمة، ثم منح فيما بعد وسام الجمهورية، وتمتد حياته ليروى ويروي، ثم يتوقف التاريخ فترة طويلة وحتى يكرم اسمه وزوجته وأسرته من قبل الرئيس السيسي في تكريمات مستحقة!

أثناء المحاكمة.. ماذا قالت الصحف تحت الاحتلال البريطاني، وملك لا يحكم عن مصطفى رفعت ورفاقه وقتها؟ متمرد أدى إلى قتل زملائه وتدمير مبنى المحافظة.. خارج عن القانون.. ضابط مفصول.. ومثله قيل قبله عن محمد فريد وعبد الله النديم وغيرهم..

وتاريخهم جميعا مع تاريخ عرابي كتب من جديد بعد ثورة أبناء الجيش العظيم، وطرد الملك وحكم المصريين لبلدهم.. ولذلك فليعبث بالتاريخ من يعبث.. من الإخوان إلى زيدان وجودة ووسيم وجابر وغيرهم.. ستعود الحقيقة عنوان التاريخ.. وسيعرف المصريون تاريخ بلادهم كله.. وليبقي التاريخ تاريخ والسياسة سياسة، والحقد حقد، والكذب كذب، والتزييف تزييف.. ليذهب الزبد ويبقى ما ينفع الناس!
الجريدة الرسمية