رئيس التحرير
عصام كامل

تفكيك"الجبهة.. ووفاة "الإنقاذ"!!


لست ممن يضربون الودع، أو يقرءون الفنجان.. ولا من الذين يمتلكون قدرات خارقة لمعرفة الغيب.. وإنما نحاول قراءة الأحداث السياسية.



أقولها عن اقتناع- وأرجو أن أكون مخطئا- إن تحالفات القوى المدنية، أو ما يسمى بـ"جبهة الإنقاذ" ستفشل فى مواجهة تيارات الإسلام السياسى فى الانتخابات البرلمانية المقبلة.. ولن تكون لهم الغلبة فى مجلس الشعب القادم.


أقولها ليس من باب "التشاؤم"، ولا كنوع من تكسير المجاديف.. لكن لأن هذه "الخيبة" لها أسباب عديدة، أولها، أن تحالف أكثر من 40 حزبا وائتلافا وحركة سياسية وثورية، برغم أنه أمر جيد، إلا أنه معرض للتفكك والانشقاق فى أى لحظة، خاصة عند تقسيم "الغنائم" السياسية، التى على أساسها سيتم تحديد مَنْ سيخوض الانتخابات المقبلة، ومَنْ ستكون له الزعامة، ومَنْ سيقبل أن يكون تابعا، وهل سيرضى بها الدور أم لا؟!


ثانى الأسباب، أن النخبة مازالت تمارس نفس أخطائها وسلبياتها فى الفترة المقبلة.. فتراها تملأ الدنيا صخبا وضجيجا فى وسائل الإعلام، دون أى يكون لها أثر قوى فى الشارع وعلى الرجل العادى المنشغل بلقمة عيشه، وتأمين قوت يومه له ولأسرته، ولا يجيد لغة الاعتصامات والاحتجاجات والإضرابات.


السبب الثالث أن كل الشواهد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، أن التمويل المالى للتيارات الإسلامية يفوق بكثير تمويل التيارات التى تنتمى إليها "النخبة"، ولعل ما شاهدناه فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية يؤكد ذلك، وبالتالى يفتقد هذا التحالف واحدا من أهم عناصر المواجهة.


رابع هذه الأسباب أن تحالف "النخبة" مازال يعتمد بشكل أساسى على المدن الكبرى، ويركز معظم اهتمامه على محافظات بعينها مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية.. باعتبار هذه المحافظات بؤرة اهتمام الإعلام، وليست بؤرة اهتمام المواطن الذى يسكن الأقاليم، ويعيش أغلب وقته فى القرى والكفور والنجوع، وهو المواطن الذى لا يجد حوله إلا المنتمين إلى التيارات الدينية.


أما السبب الخامس فيرجع إلى احتمالية قيام "الجماعة" باستقطاب بعض رموز هذه الجبهة فى محاولة لتفتيتها، كما فعلت مع الدكتور أيمن نور.. وإذا عجزت عن ذلك تقوم بـ"دس" عناصر إخوانية بين تحالفات جبهة الإنقاذ.. تكون مهمة هذه العناصر "تفجير" الجبهة داخليا، أو الإساءة إليها عن طريق القيام بتصرفات حمقاء خرقاء تفقدها مصداقيتها وتعاطف الشارع معها.


السادس وأهم هذه الأسباب أن التيارات الإسلامية تتخذ من "الدين" ركيزة أساسية فى لقاءاتها ومخاطبتها للبسطاء والعامة، فى محاولة منهم لإقناعهم بأنهم يسيرون على نهج السلف الصالح، وأن العلمانيين والليبراليين والاشتراكيين واليساريين ما هم إلا كفرة وملاحدة.. يحولون بينهم وبين شرع الله.


ولما كان "المصرى" بطبعه مواطنا "متدين"، فإنه يتأثر ويتعاطف بشدة مع مَنْ يتكلم مع بلغة القرآن، وأحاديث النبى- صلى الله عليه وسلم.. وهذه هى النقطة التى يفتقر إليها أغلب أعضاء التحالف المدنى، بعيدا عن فكرة استغلال "الدين" لتحقيق مكاسب سياسية.. وبعيدا عن التزوير الذى حدث فى الاستفتاء على الدستور.


من هنا، فإن "النخبة" مطالبة بالتوحد وإنكار الذات، والحذر من محاولات تفكيكها أو "تفجيرها".. والعمل الحقيقى والتواجد القوى فى الشارع، والاستعداد للمعركة البرلمانية المقبلة من الآن فصاعدا، ولا تكتفى بالمعارضة "الفضائية" فقط.. وإلا من الآن نقرأ عليها الفاتحة!

الجريدة الرسمية