وحدتنا الوطنية.. و25 يناير
سألني أحد الأصدقاء في تجمع حاشد عن رأيي في ذكرى 25 يناير وما تلاها من حوادث، هل كانت ثورة أم لا؟ فوجدت اهتماما من كافة الحضور بالرد على السؤال، فقلت: هذا السؤال لم يعد له محلا من الإجابة، فما عاد ما يشغلنا عن 25 يناير كونها ثورة أم لا، لكن ما يهمنا بالدرجة الأولى هو الكشف عن المعدن الأصيل للشعب المصري قبل 25 يناير وبعدها..
فالحقيقة أن حوادث 25 يناير كان لها أن تقوم لظروف الدولة وما صارت إليه الأحوال من تحكم فئة رأس المال في مفاصل الدولة، وغياب الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم فعليا، بينما يدير الدولة ابنه جمال مع طبقة المنتفعين والمتحكمين من خلال الحزب الوطني الذي لم يكن وقتها يراعي مصالح الوطن قدر مراعاة مصالح أعضائه الشخصية، والذي هيمن على المشهد بصورة غير مسبوقة، فصار مجرد الانتماء للحزب الوطني تأشيرة للمنافع والمصالح بدونها تتعطل كل المصالح..
وصار ذلك الحزب هو المتغلغل في كل الحياة المصرية، لا تقدم خدمة أو عمل أو مصلحة سوى عن طريقه، وحشد الناس بالمال النقدي والعيني الذي كان يتمثل في منتجات غذائية وسلع معمرة وحتى مخدرات، وذلك للفوز في الانتخابات المختلفة والاستفتاءات المتعاقبة، فكانت النتيجة الدائمة أن يكتسح كل من ينتمي لذلك الحزب أي انتخابات، وأحيانا يتفضل على ما كان يسمى بمعارضة ببعض المقاعد، وهو ما حدث مع الإخوان الإرهابيين عندما تفضل عليهم بمقاعد كثيرة في إحدى دورات مجلس الشعب.
فكان السبب في خروج الكثيرين في 25 يناير هو انسداد الأفق السياسي مع تردي الأحوال الاقتصادية والمعيشية، ولو صارت الأمور فقط من خلال هؤلاء لكانت حوادث قيمة ولها مدلولها، لكن ما تم هو استغلال المخابرات الأمريكية والصهيونية تلك الحوادث التي كانت من قبل قد أُعد لها بتدريب بعض الفاسدين من الشباب على أسلوب هدم الدول..
واعترف هؤلاء طواعية، بل وتفاخروا بأنهم قد تم تدريبهم في أوكرانيا وأمريكا وغيرها على أسلوب الثورات وذلك قبل حوادث يناير بأعوام، وكان ذلك التدريب يتم تحت نظر مبارك ورجال أمنه، لكن أمريكا كانت تخدره بأن هؤلاء الشباب لا خطر منهم، وأنهم يعطون حكمه الشكل الديمقراطي، ثم مع الحوادث تم استخدام الجماعة الإرهابية لزيادة العناصر في الشارع مع وعدهم بحكم مصر تحت إشراف أمريكا وإسرائيل، فانطلقت الجماعة تعيث في الأرض فسادا من حرق الأقسام واقتحام السجون بمساعدة جناحهم "منظمة حماس"..
وتم نشر الفوضى التي اجتاحت مصر وخاف كل مصري على نفسه، وقد أعطتهم أمريكا الجائزة الأولى بحكم مصر؛ لذا وجدنا عصام العريان عندما تمكن لهم الحكم يدعو يهود العالم للعودة لمصر وأخذ حقوقهم التي سلبها لهم عبد الناصر!.. ووجدنا "مرسي" يرسل برسالة حب ومودة لرئيس إسرائيل مع كل الضمانات بعدم الإزعاج الخ.
فكانت أيام يناير من بعد يوم 28 يناير أسود أيام عاشها المصريون حتى قيام ثورة 30 يونيو 2013، ومن أشد الأيام سودا استهداف الإخوان الإرهابيون الوحدة الوطنية لإشعال مصر وجعلها مثل سوريا أو العراق وقتها أو ليبيا أو اليمن بها اقتتال داخلي؛ ليسهل هدمها فكان استهداف الوحدة عن طريق حرق الكنائس وإخراج الجماعات الداعشية التي تفتي بقتل المسيحيين وأخذ الجزية منهم، ولو نجحوا في ذلك ما كانت لمصر قائمة الآن..
لكن الشعب المصري الواعي بعنصريه لم يستجب لذلك، وظل على وحدته الوطنية التي لم تتغير قبل 25 يناير ولا بعدها، فأعلن البابا تواضروس أنه لو تم حرق الكنائس فسنصلي في المساجد، وأن وطنا بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن، وكان الذي يطفئ الحرائق في الكنائس المسلمون الشرفاء الذين يعاونون إخوانهم من المسيحيين؛ لأن الوحدة الوطنية متجذرة في الشعب المصري منذ القديم..
وهي صمام أمان المصريين وشعار الدين لله والوطن للجميع، وعاش الهلال مع الصليب يظل شعارًا لكل أبناء الشعب المصري الواحد بعنصريه المسلم والمسيحي، ولولا ذلك ما بقيت مصر الآن تنعم بالأمن والأمان تحت رئاسة زعيم يحب مصر أكثر من حبه لنفسه.