فنزويلا.. معركة استقلال جديدة في بلد سيمون بوليفار
تعيش دولة فنزويلا منذ مساء أمس الأربعاء، على واقع أزمة سياسية ضخمة ضربت أركان الحكم بعدما أعلن خوان جويدو زعيم المعارض ورئيس البرلمان، توليه رئاسة البلاد في كلمة اشبه ببيان عزل للرئيس الفعلى نيكولاس مادورو.
لتدخل بلد النفط –فنزويلا- أتون أزمة قاتمة تنفخ في نيرانها الولايات المتحدة الأمريكية، على أمل جعلها سوريا جديدة تفكك بها أمريكا اللاتينية وتمتص مورادها بعدما رفض الجيش هناك رفضه الاعتراف بالرئيس الهابط على كرسى الحكم بتعليمات من البيت الأبيض.
دعم أمريكى
بعد دقائق من أداء جويدو اليمين رئيسًا للبلاد، أعلن ترامب بزعيم المعارضة الفنزويلية رئيسا انتقاليا للبلاد، داعيا الدول الغربية إلى حذو حذوه، لكن كارلوس رفائيل، سفير فنزويلا بروسيا، أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول تنفيذ سيناريو سوريا في بلاده، بحجة دعمها للبلاد.
وتعهد بأن تلقى الولايات المتحدة بكل ثقلها الاقتصادي والدبلوماسي من أجل استعادة الديمقراطية في فنزويلا، أما وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، فقد دعا الجيش الفنزويلي وقوات الأمن إلى دعم الديمقراطية وحماية المدنيين، مطالبا مادورو بالتنحي لصالح الرئيس الشرعي الذي يعكس إرادة الشعب الفنزويلي، لتحلق به دول أخرى مباركة هذه الاعتراف، في مقابل مناهضة دول أخرى للقرار، بما يؤشر على حالة انقسام حادة قادمة وسنوات عجاف مقبلة.
دور الجيش
ووجد الجيش الفنزويلى نفسه في قلب الأزمة، وصرح وزير الدفاع، فلاديمير بادرينو، أن المؤسسة العسكرية لن تعترف بإعلان رئيس البرلمان المعارض نفسه رئيسًا للبلاد، قائلًا: إن "جنود الوطن لا يقبلون برئيس مفروض في ظل مصالح غامضة أو أعلن نفسه رئيسًا بطريقة غير قانونية"، مؤكدًا أن القوات المسلحة الفنزويلية سوف تدافع عن الدستور وتضمن السيادة الوطنية.
تعد القوات المسلحة الوطنية في فنزويلا هي القوة الوطنية لها، كونها تمتلك 5 قوات أساسية في البر والبحر والجو تتضمن قرابة 330 رجل وامرأة في: الجيش الفنزويلي والبحرية وسلاح الجو والحرس الوطني وميليشيا الوطني الفنزويلي.
ويعتبر رئيس فنزويلا هو القائد العام للقوات المسلحة، كما أنه يتقلد الأدوار الرئيسية للقوات المسلحة والتي تتطلب الدفاع عن الأراضي الخاضعة لسيادة الوطنية في فنزويلا، المجال الجوي، والجزر، ومكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والبحث والإنقاذ، وفي حالة وقوع كارثة طبيعية، والحماية المدنية.
كما يتم ضم جميع المواطنين الذكور من فنزويلا بحسب دستورها للتسجيل في الخدمة العسكرية في سن الـ18، وهو سن الرشد في فنزويلا.
موقعها الجغرافى
تقع جمهورية فنزويلا على الساحل الشمالي لأمريكا اللاتينية وتتميز بجمال طبيعي، بدءًا من قمم جبال الأنديز المغطاة بالثلوج في الغرب، مرورًا بغابات الأمازون في الجنوب، وصولًا إلى شواطئ الكاريبي في الشمال، كما أنها تعد من بين أكثر دول أمريكا اللاتينية تمدنًا، إضافة إلى أنها تمتلك أكبر مخزون من النفط في العالم، فضلا عن كميات كبيرة من الفحم والحديد والذهب.
تبلغ مساحة فنزويلا 881 كيلو مترا مربعا، بينما يصل عدد سكانها إلي 30 مليون نسمة، يعتنق أغلبهم الديانة المسيحية، ويتحدثون اللغة الإسبانية.
معركة الاستقلال
بات أيضا من المؤكد رفض شريحة عريضة من الشعب الفنزويلى فرض رئيسا عليه من مستعمر قديم، وانتفض أحفاد سيمون بوليفار للدفاع عن وطنهم في معركة استقلال جديدة.
وكانت قد استقلت البلاد في سنة 1830م، وذلك بعد أن انفصلت عن جمهورية كولومبيا الكبري، والتي تكونت سنة 1821.
سيمون دي بوليفار قاد حروب الاستقلال في بلاده فنزويلا التي اعترفت بالجميل، فكان اسمها الرسمي جمهورية فنزويلا البوليفارية، وأطلقت اسمه على عملتها الرسمية وعلى أهم الشوارع والميادين والجامعات والمدارس والصروح الثقافية والعلمية بمدنها المختلفة، كما نُصِّبت تماثيله في كل مكان، حقبة الاستعمار الإسباني التي بدأت عام 1520 أنهتها ثورة سيمون بوليفار عام 1821 التي أعلنت قيام كولومبيا الكبرى المكونة من كولومبيا والإكوادور، قبل أن تعلن فنزويلا قيامها كدولة مستقلة عام 1830 على مساحة من الأرض تبلغ نحو المليون كيلو متر مربع، تقع على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية، حيث تلتقي القارة الأمريكية بالبحر الكاريبي.
بعد حصولها على الاستقلال عام 1811 عقب حروب التحرير الدامية التي خاضها المحرر سيمون دي بوليفار خلال القرن التاسع عشر، وما أعقبها بعد ذلك من دكتاتوريات عسكرية، انتقلت فنزويلا مثل غيرها من بقية أراضي أمريكا اللاتينية من الخضوع المباشر للإمبراطورية الإسبانية إلى الخضوع غير المباشر لها، وكأن شيئا لم يكن، حيث تولت السلطة طبقة مكونة من البيض المنتمين إلى أوروبا بشكل عام أو من يطبقون عليهم هناك اسم "الكيوريوس" المنتمين إلى إسبانيا باعتبارهم يحملون وراثة الدم والعرق، أما الشعوب الأصلية لتلك البلاد فقد عاشوا ولا يزالون في تجمعات منعزلة بعيدا على ضفاف الأنهار أو في أعماق الغابات.
ثروة النفط
عندما تظهر أمريكا في الأزمات الداخلية للدول، يجب هنا التفتيش عن كلمة السر المتمثلة في النفط أو – الذهب الأسود- الذي تتجرع مرارة نعمته منطقة الشرق الأوسط.
بعد ظهور البترول في مناطق شمال شرق فنزويلا قام النظام الديمقراطي الذي يعتمد على حزبين رئيسيين حكما البلاد بالتبادل في ما بينهما منذ العام 1952، ولكن هذين الحزبين عملا خلال ما يزيد عن أربعين عاما على إبقاء حالة من القمع والفساد القائمة قبل وصول الديمقراطية، وتقاسم الحزبان الحكم ومعه عوائد البترول وتخزينها في البنوك الأمريكية والسويسرية، في حين بقي الشعب في معظمه يعيش في حالة الفقر المدقع، فقد ظلت فنزويلا رغم عوائد البترول الضخمة تفتقر إلى الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وطرق ومياه عذبة وكهرباء، رغم أنها تعتبر ثالث دولة منتجة للنفط ورابع دولة مصدرة له، حتى آخر حكومة تقليدية قبل أنتخابات العام 1998 التي جاءت بالكولونيل هوجو شافيز لتمثل 80% من مجموع السكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة.