عن رجل من مصر اسمه «ثروت عكاشة»!
كثيرون يتحملون المسئولية هنا أو هناك.. قليلون من يتوقف عندهم التاريخ.. وهذا الرجل واحد منهم إن لم يكن أبرزهم.. فما قدمه الدكتور "ثروت عكاشة" الذي يكرمه معرض الكتاب اليوم في عيده الذهبي يرقى إلى حدود المعجزات، وبما لا يمكن أن يستوعبه أي مقال.
هذا الرجل من امتد أثره من الفن إلى الآثار.. فهو مؤسس السيرك القومي، ومسرح البالون، والفرقة القومية للفنون الشعبية، ومسرح العرائس، وهو أيضا مؤسس الصوت والضوء بالأهرام وأسوان والأقصر، ومن أشرف على إنقاذ معابد أسوان عند تحويل مجرى النيل في بناء السد العالي، وتم نقلها كاملة في أعظم عمل بشري تم في جنوب مصر لا يقل عن السد العالي نفسه!
وهذا الرجل هو من أسس مسرح العرائس، وفرق الأوبرا مثل أوركسترا القاهرة السيمفوني، والباليه وأكاديمة الفنون بمعاهدها المختلفة، العالي للسينما والعالي للفنون المسرحية، ليتضمن كافة أنواع الفنون مثل الإخراج والسيناريو والمونتاج وهندسة المناظر وهندسة الصوت والتصوير والرسوم المتحركة والإنتاج والموسيقى العربية.. والعالى للتمثيل، والبالية، والعالى للنقد الفنى الذي قدم جيلًا من نقاد السينما والمسرح والتليفزيون!
"ثروت عكاشة" أسس الهيئة العامة للثقافة الجماهيرية التي يتبعها الآن عشرات من قصور وبيوت الثقافة، وهو من أسس الهيئة العامة للكتاب، والهيئة القومية للترجمة والنشر، وكذلك هيئة الوثائق القومية بل والمجلس الأعلى للثقافة، باسمه السابق المجلس الأعلى للفنون والآداب!
هذا الرجل أسس أغلب متاحف الفن التشكيلي وأشهرها متحف "محمود مختار"، والمراسم، وورش النسجيات، وهو من أطلق "منح التفرغ" للمبدعين بوزارة الثقافة وأصدر مجلات وزارة الثقافة كلها وقد توقف أغلبها!
عزيزي القارئ.. خذ هذه السطور وضعها أمام أولادك.. قل لهم إن هناك رجلا من مصر أنجز لبلده ولشعبه في أقل من ثماني سنوات كان فيها وزيرا للثقافة ما بقي في الأرض وينفع الناس.. ولم يزل ما قدمه في الستينيات هو البنية الأساسية للثقافة المصرية.. وقل لهم إن ما تركه يكفي لإنارة الكون كله بالثقافة والفنون والأدب.. قل لهم إنه وهو يتم تكريمه في معرض الكتاب الذي أسسه أيضا أن هذا الرجل ابن جيش مصر العظيم، أحد صناع ثورة بلادك العظيمة!