«شيخ منافقي السينما».. حسن البارودي بدأ «ملقن» بفرقة يوسف وهبي ووصل للعالمية بـ3 أفلام
«تعالى يا قناوي هجوزك هنومة.. أوقف السن يا حزقيل.. وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم يا أبو العلا».. أشهر الجمل التي ارتبط بها الجمهور مع الفنان الراحل حسن البارودي، الخالدة في ذاكرة السينما المصرية، إلا أن جملته الأخيرة كانت ولا تزال الأكثر شهرة رغم مرور أكثر من نصف قرن عن فيلم «الزوجة الثانية» الذي أنتج عام 1967 من إخراج صلاح أبو سيف وبطولة، سعاد حسني (فاطمة)، شكري سرحان (أبو العلا)، صلاح منصور (العمدة عتمان)، سناء جميل (حفيظة)، عبد المنعم إبراهيم (الغفير حسان)، حسن البارودي (شيخ القرية)، لا تزال جملته محل استخدام الأجيال المتعاقبة، لوصف أي حالة تدليس أو موالاة للحكام باسم الدين، ليمنحه الدور لقب «شيخ منافقي السينما».
بسبب صوته الرخيم وأدائه الهادئ، تعجز في توصيفه أو تحديد تبعيته لأي لون من ألوان الفن، ففي فيلم الزوجة الثانية، تجده الشيخ الذي يدلس لولى الأمر لإجازة رغباته الخاصة من خلال استغلال الدين لخدمة ولى الأمر بالآية القرآنية «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم».
وفي فيلم «باب الحديد»، تجده البائع العجوز المحبوب من الجميع لدرجة أنه الوحيد الذي استطاع إقناع بائع الصحف المخبول قناوى (يوسف شاهين) بالاستسلام لرجال مستشفى المجانين.
صوته الرخيم كان بمثابة تأشيرة المرور لعالم الفن من خلال مشاركته بالمسلسل الإذاعى القديم والشهير «الأغانى لأبى الفرج الأصفهانى».
لعبت الصدفة دورا كبيرا في دخول الفنان الراحل حسن البارودي لعالم الفن، فعندما تقدم للعمل بفرقة «يوسف وهبي» كممثل لم يكن له مكان لاكتمال عدد أعضاء الفرقة، فارتضى بالعمل ملقنًا، وخلال عمله «ملقنًا» في مسرحية «غادة الكاميليا»، اعتذر الفنان «استيفان روستي» عن الدور، ولضيق الوقت لم يجد يوسف وهبي أمامه إلا البارودي ليقوم بالدور بديلًا عن روستي، وبالفعل حقق البارودي نجاحًا وقبول جماهيري لتتوالى عليه الأدوار تباعًا بعد ذلك.
الفنان الراحل حسن البارودي رغم أدائه المتميز وأدواره المحورية في أي عمل فني يشارك به إلا أنه لم يحظ يومًا بدور البطولة، ولكنه دائما صاحب بصمة تظل عالقة لعقود بعد عرض العمل، ورغم الشهرة التي لم يحظ بها بالقدر المطلوب محليًا إلا أنه تمكن من الوصول للعالمية من خلال إتقانه للغة الإنجليزية التي أهلته للمشاركة في الفيلم الألماني «روميل يغزو الصحراء»، من بطولة «أدريان هوفن، بيترفان إيك»، وكذلك الفيلم الأمريكي «Egypt by three» الذي أنتج عام 1953 من بطولة «جوزيف كوتن، جاكي كرافن»، والفيلم الإنجليزي «الخرطوم» عام 1966، من بطولة الممثل العالمي «شارلستون هيستون».
تميزت الأدوار التي أداها الراحل حسن البارودي باللون التراجيدي، والتي لم تختلف عنه حياته الشخصية كثيرًا، خاصة أواخر أيامه، وفي هذا الشأن كشف عنه نجل الفنان الراحل في أحد اللقاءات، قائلًا، إن نهاية والده كانت عندما تسلم خطاب من المسرح القومي عام 1965 يفيد بإحالته إلى المعاش، ولكن ذلك لم يكن مرضي له، لأنه كان يرى نفسه ما زال قادرًا على العطاء رغم بلوغه سن المعاش، الأمر الذي أصابه بالاكتئاب واعتكف المنزل إلى أن أصيب بالعمى بعد محاولات كلها باءت بالفشل للعودة إلى العمل.
ولد حسن البارودي بالقاهرة في 21 يناير 1890، وتوفي في 17 سبتمبر عام 1974، وتزوج البارودي مرتين، الأولى، من الفنانة «رفيعة الشال» والتي أنجب منها ابنة اسمها أميرة، ثم تزوج مرة أخرى من خارج الوسط الفنى وأنجب ثلاثة أبناء هم، انتصار، أشرف، وأمينة.
وظهرت أولى مواهبه التمثيلية في فرق المسرح المدرسي، وفي عام 1923 التحق بفرقة «حافظ نجيب» ثم فرقة «رمسيس» ثم فرقة «فاطمة رشدي» وظل يتنقل من فرقة إلى أخرى، إلى أن شكل فرقة مسرحية مع الفنانة نجمة إبراهيم تجول بها المحافظات ووصل حتى السودان واستقر بها لسنوات قبل أن يعود لمصر ليواصل مشواره الفني.
شارك البارودي في أكثر من 100 عمل فني، أشهرها «الشيماء، الحرام، زقاق المدق، صراع في النيل، لحن الوفاء، بلال مؤذن الرسول، باب الحديد، والزوجة الثانية»، وحصل على العديد من الجوائز، منها وسام الفنون سنة 1959، وجائزة الدولة التشجيعية فى العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1962.