«أشهر حموات السينما».. ماري منيب بدأت حياتها راقصة بـ«القلل» و«أم أحمد» أول طريق الفن

«حماتك مدوباهم اتنين.. جاتك نيلة.. طوبة على طوبة خلي العركة منصوبة»، مصطلحات وإفيهات مصرية مائة بالمائة، لا تخرج إلا عن سيدة مصرية النخاع والقلب والقالب، ولكن مع الفنانة الراحلة ماري منيب الأمر له شأن آخر، بالبحث عن السيرة الذاتية للفنانة الراحلة تجد من الكواليس في حياتها الشخصية والفنية ليصلح لكتابة مجلدات.

ففي السطور القادمة، نقدم للقارئ أبرز ما توفر من معلومات عن أشهر حموات السينما المصرية، انها الفنانة الراحلة ماري سليم حبيب نصر الله، والتي عرفت فنيًا بـ«ماري منيب»، لبنانية الجنسية ومسيحية الديانة، فقد ولدت في بيروت في 11 فبراير عام 1905، وقبل أن تكمل عامها الأول انتقلت مع أسرتها للعيش في القاهرة، تحديدًا حي شبرا، وتوفيت في 21 يناير عام 1969 عن عمر ناهز الـ64 عامًا.

كانت حياة الراحلة مليئة بالمعاناة والحرمان، على عكس ما كانت تجسده من أدوار كوميدية أضحكت الملايين، فقد توفي والدها وهي لم تتعد العاشرة من عمرها، وبسبب ضيق ذات اليد للأسرة فقد اضطرت ماري للعمل كراقصة في إحدى ملاهي روض الفرض، واشتهرت وهي بنت الـ12 عام بالرقص بـ«القلل» على رأسها، بديلًا عن «الشمعدان» الذي كانت تحرص عليه الراقصات في تلك الحقبة الزمنية، وكان ذلك بمساعدة شقيقتها الكبرى «أليس».

رغم الطابع الكوميدي الذي اتخذته ماري منيب لنفسها طوال مشوارها الفني، إلا أن حياتها الشخصية كانت على النقيض تمامًا من ذلك فقد عاشت الفقر والحرمان منذ نعومة أظافرها بعد وفاة والدها، واستطاعت بإنسانيتها أن تكذب المقولة الشهيرة بأن «فاقد الشيء لا يعطيه» لتحولها إلى أن «فاقد الشيء أفضل من يعطيه»، وقد ظهر ذلك جليًا بعد أن توفيت شقيقتها الكبرى «أليس» تاركة خلفها كوثر وظافر.

حيث كانت فكرة الزواج من زوج شقيقتها المحامى عبدالسلام فهمي، دائمًا ما تراودها بسبب ارتباطها الشديد بأبناء شقيقتها المتوفية، ولكنها كانت دائمًا ما ترفض فكرة الزواج مرة أخرى إلى أن حدث موقف درامي جعلها تغير موقفها، فقد كانت ماري منيب وقتها قد بلغت السابعة والثلاثين من عمرها، وأثناء زيارتها في إحدى المرات لمنزل شقيقتها للاطمئنان على أبنائها فوجئت بابنة شقيقتها «كوثر» تقرأ رواية عن زوجة الأب ودموعها تنهمر وتبلل ملابسها فاحتضنتها خالتها وبكت معها، وبعد تفكير عميق أخبرت زوج شقيقتها بالموافقة على الزواج منه لتتمكن من رعاية أبناء شقيقتها وعدم تركهما تحت رحمة زوجة الأب، حتى لا يعاني الأطفال من حرمان الأم كما عانت هي من حرمان الأب في الصغر.

وعن زيجتها الأولى من الممثل الكوميدي محمد فوزي منيب «الذي اتخذت اسمه فيما بعد»، قصة شهيرة، حيث كانت أولى زيجاتها من داخل عربات أحد القطارات المتجهة إلى الشام، لتبدأ عملها في إحدى الفرق الغنائية هناك، وخلال رحلتها تعرفت على الممثل الكوميدي فوزى منيب، وتبادلا نظرات الإعجاب ولم تمض سوى دقائق قليلة حتى تزوجا داخل القطار، وكان عمرها وقتها 14 عاما، الأمر الذي أغضب والدتها جدًا وعارضتها بشدة واستمرت في رفضها لهذه الزيجة، حتى أنها حاولت إجباره على تطليق ابنتها، لكنها لم تنجح في ذلك، وبذلك حملت ماري الاسم، وظلّت محتفظه به حتى بعد طلاقها، وأنجبت منه ولدين، إلى أن طلقها.

اختلفت الأقاويل حول قصة اعتناق ماري منيب الإسلام، فقد روت حفيدتها أمينة منيب، في أحد اللقاءات التليفزيونية أن جدتها الراحلة اعتنقت الإسلام في سن السابعة من عمرها، في حين أكد أكثر من مرجع أن اعتناق ماري منيب للإسلام كان بعد زيجتها الثانية من أرمل شقيقتها، والتي انتقلت للعيش مع أسرته، وتأثرت بالطقوس الإسلامية والقرآن الذي يتلى كل يوم في منزل حماتها، التي كانت تشرح لها معاني الآيات، وحفظت بعض بعضها، إلى أن أشهرت ماري إسلامها في محكمة مصر الابتدائية وصدرت وثيقة بإشهار إسلامها، واختارت لنفسها اسم أمينة عبد السلام نسبة إلى زوجها عبدالسلام فهمى.

بدأت ماري منيب مشوارها كراقصة ومغنية في الملاهي، وكان أول وقوف لها على خشبة المسرح وهي في عمر الـ14 من عمرها، في مسرحية «القضية نمرة 14»، وروت في حوار للتليفزيون الكويتي، عام 1970، أنها حينما شاهدت الجمهور لأول مرة أُصيبت بالخرس ولم تنطق كلمة واحدة وانسحبت.

كانت بدايتها الفنية مع فرقة فوزي الجزايرلي، حيث كانت ماري منيب إحدى عضوات الفرقة، وبمحض الصدفة مرضت نجلة فوزي الجزايرلي «إحسان» والتي كانت تقدم شخصية «أم أحمد» في إحدى المسرحيات، فاضطر فوزي الجزايرلي للاستعانة بماري منيب لتحل محل نجلته في الفرقة خلال فترة مرضها، وكانت المفاجأة أن أدت ماري الدور ببراعة وارتبط اسمها بالشخصية لدى الجمهور، الأمر الذي ولد الغيرة في قلب فوزي الجزايرلي فأصر على طرد ماري منيب من الفرقة بعدما تفوقت على نجلته.

تعتبر الانطلاقة الحقيقية لماري منيب في عالم الفن بعد انضمامها إلى فرقة نجيب الريحاني عام 1937، حيث قدّمت أشهر أعمالها في المسرح والسينما التي اشتُهرت فيها بدور الحماة التي تحاول تخريب حياة أبنائها بالتدخل المفرط ثم تنسحب من حياتهما.

وصل عدد أفلامها إلى ما يقرب من 200 فيلم، ذاع صيتها فيما بعد عندما تقدمت في العمر واشتهرت بدور «الحَماة» الشريرة الظريفة.