رئيس التحرير
عصام كامل

«معهد القلب».. المستحيل يتحول إلى ممكن!


لو كان الأمر شخصيًّا فربما لن نتناول معهد القلب بكلمة واحدة لكن للأمانة كانت التجربة الشخصية مرافقا لشقيقتي سببا لرؤية معهد القلب من قريب.. أولها على الإطلاق أن المعهد تحول إلى مقصد في ذاته، يتلمسون فيه وعند إدارته-الدكتور جمال شعبان والذين معه- الشفاء حتى لو نالوا نصيبا كبيرا ومتقدما من العناية والرعاية في أماكن أخرى.. للبعد النفسي تأثيره الطاغي..


وثانيها أن المعهد كل يوم في شأن! الصدفة تجعلك تستمع لأحد أساتذة المعهد يتحدث عن "وحدة الأسنان" به! ويشرح كيف ترتبط أمراض القلب بالأسنان، وكان منطقيا أن تكون للأسنان وحدة بالمعهد! ثم تقودك الصدفة لتشهد مؤتمرا علميا كبيرا داخل المعهد، وكيف أن بالمعهد قاعة اجتماعات على أعلى مستوى!

ثم تقودك الصدفة للمرة الثالثة لتعرف أن مشروعا كبيرا لتطوير المعهد تتضمن التعاون الثلاثي بين المعهد وكل من جامعة زويل العلمية ومستشفى 57! وأن الاتفاق سيتم بلورته خصوصا وأن دراسات أجريت داخل المعهد طالت كل صغيرة وكبيرة فيه تجاوزت الـ 600 ساعة عمل وبحث! كل ذلك يدفع أي صحفية للكتابة عن المعهد كل فترة.. لسبب بسيط وهو أنه يتجدد كل فترة!

ومع احترامنا الكامل لكل ما سبق.. طريق التخطيط العلمي والرؤية المستقبلية والطموح لتحقيق معدل أداء قياسي نقول: إن كل ذلك جانب.. ومعاملة المرضى باعتبارهم بشرا يستحقون أرقى معاملة على كوكب الأرض جانب آخر.. أن تقف وتسمع النداء على المرضى للوقوف أمام حجرة الكشف بالأرقام كما لو كانوا في مصرف أو هيئة البريد، ثم تسمع أرقام تصل إلى الـ 800 لنعرف أن عدد من يتم فحصهم يوميا يتجاوز ذلك بكثير، لنعرف حجم الدور..

لكن يبقى المدهش أن كل هؤلاء داخل صالات الكشف ومعهم أهلهم ومع ذلك لم تحدث مشكلة واحدة! ولا أزمة واحدة! هنا قاعات الكشف مقسمة إلى غرف، وفي كل غرفة طبيبها، وهناك غرف استخراج أوراق قرارات العلاج، وهناك غرف الخزينة ودفع الرسوم والدور بالأسبقية هو الحاكم ولذلك لا تحدث مشكلات.. فلا تفضيل لأحد على أحد، ولا معاملة سيئة من الأطباء.. ولذلك لا تحدث مشكلات وأزمات!

أما عن تسهيل إجراء العمليات فحدث ولا حرج.. أما قتل الروتين والبيروقراطية والتعامل مع الحالات أولا ثم استخراج أو استكمال أوراقهم فبات عنوانا لمعهد القلب، ولذلك نال المعهد نصيب الأسد في مبادرة "إنهاء كشوف الانتظار للعمليات الجراحية"!

مكتب الدكتور جمال شعبان عميد المعهد دوار كبير، وغالبا لغرفة كشف وفحص تشمل أكثر من طبيب استشاري كبير.. وهو مكتب لا يمنع منه أحد، بل استطاع الدكتور "جمال" اختيار مساعديه على أروع ما يكون، فصاروا مثله في السلوك المهذب مع الناس لا يضعون بينه وبينهم حجاب.. فأغلبهم ذهب إليه باعتباره إنسانا لا وساطة ولا محسوبية، وكثير منهم يتحقق جزء من شفائهم بالمعاملة الطيبة التي تحفظ للإنسان اعتباره وكرامته!

النجاح إذن ممكن.. ضرب الروتين في مقتل ممكن.. الإنسان -نكرر أن هذا أعظم ما فيه- يعامل بشكل لائق ممكن.. ترتيب وتنظيم العمل ممكن.. التطلع للأفضل ممكن.. التعاون الأفقي مع مؤسسات علمية طبية أخرى ممكن.. لذلك كان طبيعيا أن يلقي المعهد دعم وزيرة الصحة ويبقي السؤال: متى نرى كل مؤسساتنا هكذا؟ 

متى نرى أفرعا للمعهد الكبير الذي يشهد أهم نهضة له منذ اسسته ثورة يوليو في الستينيات لعلاج الغلابة، ليعود اليوم للهدف الذي تأسس من أجله وأكثر.. ويصبح لكل مستحقي العلاج وعن جداره!

الجريدة الرسمية