ميدان الشهداء في بورسعيد.. قبلة الرؤساء والزعماء.. شاهد على انتصار 1956.. ويكشف أسرار ثورة 25 يناير.. من ساحته انطلقت التظاهرات ضد محمد مرسي.. ومتحف للفن الحديث يتوسطه
أنا «بكر» الزعيم.. على «فرشتي» قعد «ناصر وجيفارا والسادات وشاه إيران».. حضني «30 فدان»، يتحمل الأبرار والأحرار والثوار والحيران، أنا رمز «الحرية»، أنا «ذكرى الشهداء».
«أيقونة بورسعيد».. «ميدان الشهداء أنا»، صاحب الفكرة والقرار الزعيم جمال عبد الناصر؛ تخليدا لذكرى شهدائنا الأبرار الذين دفعوا دماءهم الزكية أمام جبروت العدوان الثلاثي على مصر عام ١٩٥٦.. «أنا رمز لصمود وشموخ الشهداء على مدار العصور»، احتضنت احتفالات وتظاهرات واعتصامات أبناء بورسعيد على مر السنين، بحي الشرق معلوم بـ«النصب التذكاري»، الذي يحكي تاريخ الأجداد من الفراعنة، «هتلقياها على هيئة مسلة فرعونية».
فرحة الانتصار
شاهدت فرحة الانتصار على قوات العدوان الثلاثي في 23 ديسمبر 1956، ورفع الزعيم جمال عبد الناصر «علم مصر»، ومن يومها وأنا موقعا للاحتفال، وكل ما يحب يحمس الشعب، ويلقي كلمته لأهالي المدينة الباسلة، بلبس أحلى الثياب، مع «ناصر» شفت «تيتو ونهرو وجيفارا وخروشوف».
أما في عهد الرئيس السادات وبالتحديد في 5 يونيو 1975، فكانت الأفراح في الميدان لا توصف، السادات وضيفه «شاه إيران»، في «حجري الواسع»، وبصوت جهور يعلنان إعادة افتتاح قناة السويس، التي ظلت مغلقة عقب نكسة 1967.
تمر الأيام الأفراح والأحزان.. في الأعياد كنت بفتح «ذراعي» للكل في أوقات الفراغ، كلي آذان صاغية «للي يشكي.. واللي يحكي.. واللي يغني»، «طبطبت على الحزانى.. سمعت من المحرومين.. ضيفت اللي ملهوش مكان»، كتير كنت شاهد على الصلح بين الحبيبن، فرحت لفرحهم.
وفي 28 يناير من عام 2011، «اتجمعت ناس كتير»، سألت قالوا ده «جمعة الغضب».. «سكت شوية»، فكرت كتير إزاي بعد ما كنت مكان للاحتفالات ولقاء الرؤساء، أصبح موقعا للتظاهرات والاعتصامات الشعبية، وكنت شاهدا على أكبر تجمع سلمي بالمدينة خلال تلك الأحداث، لكن للأسف ما حضرتش احتفالية تنحي «مبارك» عن منصبه في 11 فبراير، لتواجد عدد معتصمي منطقة «زرزارة العشوائية» بمحيط الميدان المقابل لديوان عام المحافظة، وتعديهم على الممتلكات والمواطنين.
اعتصام
ولم ينظم ثوار يناير أي تظاهرات في ميدان الشهداء طوال تواجد معتصمى زرزارة الذين اعتدوا على مظاهرة نظمها ثوار يناير يوم الجمعة 11 فبراير احتفالا بتنحى مبارك، بعد خطاب اللواء عمر سليمان الشهير، وعاد الميدان للثوار عقب أحداث محيط سجن بورسعيد في يناير 2013، وإعلان العصيان المدني على الرئيس الأسبق محمد مرسي وجماعته، وبدأ منه جمع توقيعات لتفويض القوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.
العصيان المدني
كنت شاهدا أيضا على انطلاق العصيان المدني والمطالبة برحيل الرئيس الأسبق محمد مرسي عقب أحداث الإستاد الشهيرة في يناير من عام 2013م، وخلال تلك الفترة بدأت أول حملة شعبية لجمع توقيعات لتفويض القوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.
لم تكن التوقيعات هي النهاية، لكن استضفت الثوار من بداية جمع التوقعات حتى مظاهرات 30 يونيو و3 يوليو، وبعد 30 يونيو أصبحت المبانى الحيوية المحيطة بالميدان هدفا للإرهاب الذي استهدف المحافظة ومديرية الأمن والمحكمة بعدة تفجيرات لقنابل صوتية لم تؤد إلى خسائر بشرية، لكنها أجبرت الأمن على إغلاق عدة شوارع بالمتاريس ومنع المرور فيها.
بكيت.. يوم استشهد الصحفي صلاح الدين حسن، مراسل جريدة شعب مصر ببورسعيد في 28 يونيو 2013 أثناء تغطيته المظاهرات السلمية إثر انفجار وسط ميدان الشهداء في مدينة بورسعيد، واستمر التجمع فوق المساحة الخضراء حتى توقيع أول توكيل رسمي لتفويض السيسي لإدارة شئون البلاد، إلى أن تحققت المطالب وتحولت الاعتصامات بالميدان إلى احتفالات مرة أخرى خلال أحداث 30 يونيو و3 يوليو برحيل «مرسي» وتولي المستشار عدلي منصور مقاليد الحكم في البلاد، كما يشهد هذا العام الاحتفالات بالذكرى الثالثة لـ30 يونيو.
ويضم الميدان حاليا متحفا للفن الحديث، ويحيط به من جوانبه الأربعة أهم المباني الرسمية والحيوية، وفي الحد البحري يقع مبنى ديوان المحافظة، يجاوره مجمع الخدمات الحكومية ومديرية الأمن ومبنى الغرفة التجارية، وفي الاتجاه الغربي يضم مدرسة بورسعيد الثانوية العسكرية، أقدم مدارس المحافظة، ونادي المعارف، ومقر اتحاد طلاب المدارس، وفي الجنوب نجد المحكمة الابتدائية ومجمع النيابات.